الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
81 - بَابُ الجَرِيدِ عَلَى القَبْرِ
وَأَوْصَى بُرَيْدَةُ الأَسْلَمِيُّ: "أَنْ يُجْعَلَ فِي قَبْرِهِ جَرِيدَانِ" وَرَأَى ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما، فُسْطَاطًا عَلَى قَبْرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَال:"انْزِعْهُ يَا غُلامُ، فَإِنَّمَا يُظِلُّهُ عَمَلُهُ" وَقَال خَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ: "رَأَيْتُنِي وَنَحْنُ شُبَّانٌ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ رضي الله عنه، وَإِنَّ أَشَدَّنَا وَثْبَةً الَّذِي يَثِبُ قَبْرَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ حَتَّى يُجَاوزَهُ" وَقَال عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ: أَخَذَ بِيَدِي خَارِجَةُ فَأَجْلَسَنِي عَلَى قَبْرٍ، وَأَخْبَرَنِي عَنْ عَمِّهِ يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ قَال:"إِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لِمَنْ أَحْدَثَ عَلَيْهِ" وَقَال نَافِعٌ: "كَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَجْلِسُ عَلَى القُبُورِ".
(باب: الجريد على القبر) أي: غرزه عليه، وفي نسخة:"الجريدة" وهي واحدة الجريد، وهو ما جرد عنه الخوص، فإن لم يجرد عنه، سمي سعفًا، قاله الجوهري.
(بريدة) بالتصغير، هو: ابن الحصيب، بضم الحاء، وفتح الصاد المهملتين. (في قبره) في نسخة:"على قبرد" وظاهر الأولى: أن بريدة أوصى بجعل الجريدتين داخل قبره، وظاهر الثانية: أنه أوصى بجعلهما على ظاهره، والظاهر: الثانية، وحمل الأولى على الثانية، وإن كان كل من الأمرين صحيحًا، والحكمة في ذلك: التفاؤل ببركة النخلة؛ لقوله تعالى: {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} [إبراهيم: 24]. (جريدان) في نسخة: "جريدتان" بتاء بعد الدال. (فسطاطًا) بتثليث الفاء، وبطاءين مهملتين، وبإبدالهما بتائين، أي: فوقيتين، وبإبدال الأولى فوقية، ثم إبدالها بسين، وإدغام ما قبلها فيها،
أي: خباء من شعر ونحوه، وأصله: عمود الخباء الّذي يقوم عليه.
(على قبر عبد الرّحمن) أي: ابن أبي بكر الصديق. (شبان) بفتح المعجمة، وتشديد الموحدة: جمع شباب. (في زمن عثمان) أي: ابن عفان. (وثبة) بمثلثة، أي: طفرة. (الّذي يثبُ قبر عثمان بن مظعون) بإعجام الظاء، وإهمال العين. (حتّى يجاوزه) أي: من علوه، وفي ذلك، كما قال شيخنا: جواز تعلية القبر ورفعه عن وجه الأرض، قال: ومناسبته للترجمة من جهة أن وضع الجريد على القبر، يرشد إلى جواز وضع ما يرتفع به ظهر القبر عن الأرض (1).
(قال) أي: يزيد (إنّما كره ذلك) أي: الجلوس على القبر. (لمن أحدث عليه) أي: فعل عليه ما لا يليق من الفحش، أو تغوط، أو بال عليه؛ لتأذى الميِّت بذلك، والتقيد بذلك كما قال ابن بطّال بعيد؛ لأن ذلك أقبح من أن يكره، وإنّما يكره الجلوس المتعارف، وهو ما عليه الجمهور، ويدلُّ له خبر الإمام أحمد "لا تقعدوا على القبور"(2) نعم هو
(1)"الفتح" 3/ 223.
(2)
"مسند أحمد" 39/ 479 (24009/ 24) طبعة مؤسسة الرسالة، وإسناده ضعيف لجهالة النصر بن عبد الله، قال عنه الذهبي في "الميزان" (9073): لا يعرف تفرد عنه أبو بكر بن محمّد بن عمرو بن حزم، وقال ابن عبد البرّ: لا أعرف في رواة "الموطأ" مجهولًا غيره 10/ 439 - 440، وقال ابن حجر في "التقريب" 2/ 302: مجهول. وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، وأخرجه المزي في ترجمة: النضر بن عبد الله السلمي من "تهذيب الكمال" 9/ 388 - 389 من طريق عبد الله بن أحمد عن أبيه بي بهذا الإسناد، وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 13 / ورقه 422 من طريق حرملة بن يحيى، وأحمد بن عيسى، عن عبد الله بن وهب، به وأخرجه النَّسائيُّ 4/ 95 كتاب: الجنائز، باب: التشديد في الجلوس على القبور من طريق خالد بن يزيد عن =
قريب، إن أريد كراهة التّحريم، وكان ابن عمر رضي الله عنهما (يجلس على القبور) هذا وما قبله لا يناسبان الترجمة، حتّى قيل: كأن بعض الرواة كتبهما في غير موضعهما، إذ الظّاهر أنهما من الباب الآتي.
1361 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ مَرَّ بِقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ، فَقَال:"إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنَ البَوْلِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ"، ثُمَّ أَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً، فَشَقَّهَا بِنِصْفَيْنِ، ثُمَّ غَرَزَ فِي كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ فَقَال:"لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا".
[انظر: 216 - مسلم: 292 - فتح: 3/ 222]
(يحيى) أي: ابن موسى، وقيل: ابن جعفر البَّيْكَندي، وقيل: ابن يحيى. (أبو معاوية) هو محمّد بن خازن، بخاء وزاي معجمتين. (الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن مجاهد) أي: ابن جبر. (عن طاوس) أي: ابن كيسان.
(عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أنه مرَّ) في نسخة: "قال: مر النَّبيّ صلى الله عليه وسلم. (بقبرين) أي: بصاحبيهما. (وما يعذبان في كبير إلى آخره) مرَّ شرحه في كتاب: الوضوء (1).
= سعيد بن أبي هلال به.
وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 515 كتاب: الجنائز، باب: الجلوس على القبور، من طريق ابن لهيعه صلى الله عليه وسلم، يزيد بن أبي حبيب عن بكر بن محمّد بن عمر بن حزم بلفظ: رآني رسول الله على قبر، فقال:"انزل عن القبر لا تؤذي صاحب القبر ولا يؤذيك". قلت: هذا اللّفظ غير محفوظ من هذا الوجه، وابن لهيعة سيء الحفظ وقال الألباني في "صحيح النَّسائيّ" صحيح بما قبله.
(1)
سبق برقم (216) كتاب: الوضوء، باب: من الكبائر ألا يستتر من بوله.