الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذنبه، ويواثب الراجل والفارس، وهو مفعول ثان لـ (مثل) وفي نسخة:"شجاع" بالرفع خبر مبتدإٍ محذوف، أي: والمصور شجاع. (أقرع) أي: معط رأسه من كثرة سمه. (له زبيبتان) بفتح الزاي، وكسر الموحدة الأولى، أي: نابان يخرجان من فيه، وقيل الزبيبة: نكتةٌ سوداء فوق عين الحية من السم، وقيل: زبد في الشدقين، يقال: تكلم فلان حتّى زبد شدقاه، أي: خرج الزبد عليهما، والجملة حال. من ضمير (مُثِّل)، أو صفة ثانية لـ (شجاعًا). (يطوقه) بفتح الواو مشددة، أي: يجعل طوقًا في عنقه. (بلهزمتيه) بكسر اللام والزاي بينهما هاء ساكنة، تثنية لهزمة. (يعني: شدقيه) تفسير المراد للهزمتيه، وإلا فحقيقتهما العظمان في اللحيين تحت الأُذُنَين، قاله الجوهري (1)، وفي نسخة:"يعني: بشدقيه".
(أنا مالك، أنا كنزك) يخاطبه الشجاع بذلك؛ ليزداد غصة وتهكمًا عليه. (لا تحسبن) في نسخة: "ولا يحسبن" وهي أنسب بالآية، ووجه مناسبتها: أن فيها ({سَيُطَوَّقوُنَ}).
4 - بَابٌ: مَا أُدِّيَ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ
لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ".
(باب: ما أدي زكاته فليس بكنز) أي: مذموم.
(خمسة أواق) في نسخة: "خمس أواق". وفي أخرى: "أواقي" بإثبات الياء.
1404 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَسْلَمَ، قَال: خَرَجْنَا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، فَقَال
(1)"الصحاح" 5/ 2038، مادة: لهزم.
أَعْرَابِيٌّ: أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ، وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 34] قَال ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: "مَنْ كَنَزَهَا، فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهَا، فَوَيْلٌ لَهُ، إِنَّمَا كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تُنْزَلَ الزَّكَاةُ، فَلَمَّا أُنْزِلَتْ جَعَلَهَا اللَّهُ طُهْرًا لِلْأَمْوَالِ".
[4661 - فتح: 3/ 271]
(وقال أحمد) في نسخة: "حَدَّثَنَا أحمد". (عم يونس) أي: ابن يزيد الأيلي.
(أخبرني قول الله) في نسخة: "أخبرني عن قول الله". (فويل له) أي: حزن وهلاك. (جعلها الله طهرًا) أي: مطهرة.
1405 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ أَخْبَرَهُ، عَنْ أَبِيهِ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي الحَسَنِ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ رضي الله عنه، يَقُولُ: قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ".
[1447، 1459، 1484 - مسلم: 979 - فتح: 3/ 271]
(إسحاق بن يزيد) نسبة إلى جده، وإلا فهو إسحاق بن إبراهيم بن يزيد. (قال الأوزاعي) في نسخة:"أَخْبَرَنَا الأوزاعي".
(ليس فيما دون خمس أواق صدقة) أي: زكاة، والأوقية بضم الهمزة وتشديد الياء: أربعون درهمًا. (وليس) في نسخة: "ولا". (فيما دون خمس زود) أي: من الإبل، والزود بفتح المعجمة من الثّلاثة إلى العشرة لا واحد له من لفظه (خمس) في نسخة:"خمسة". (أوسق) أي: من تمر أو حبٍ (صدقة) أي: زكاة. (والأوسق) بفتح الهمزة: جمع وسق بفتح الواو وكسرها: وهي ستون صاعًا، والصاع: أربعة أمداد، والمدُّ: رطل وثلث بالبغدادي، فالأوسق الخمسة: ألف وستمائة رطل بالبغدادي، ورطل بغداد على الأصح: مائة وثمانبة وعشرون درهمًا وأربعة أسباع درهم.
1406 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي هَاشِمٍ، سَمِعَ هُشَيْمًا، أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، قَال: مَرَرْتُ بِالرَّبَذَةِ فَإِذَا أَنَا بِأَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، فَقُلْتُ لَهُ: مَا أَنْزَلَكَ مَنْزِلكَ هَذَا؟ قَال: "كُنْتُ بِالشَّأْمِ، فَاخْتَلَفْتُ أَنَا وَمُعَاويَةُ فِي: {الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 34] " قَال مُعَاويَةُ: نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الكِتَابِ، فَقُلْتُ:"نَزَلَتْ فِينَا وَفِيهِمْ، فَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فِي ذَاكَ، وَكَتَبَ إِلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه يَشْكُونِي، فَكَتَبَ إِلَيَّ عُثْمَانُ: أَنِ اقْدَمِ المَدِينَةَ فَقَدِمْتُهَا، فَكَثُرَ عَلَيَّ النَّاسُ حَتَّى كَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْنِي قَبْلَ ذَلِكَ، فَذَكَرْتُ ذَاكَ لِعُثْمَانَ " فَقَال لِي: إِنْ شِئْتَ تَنَحَّيْتَ، فَكُنْتَ قَرِيبًا، "فَذَاكَ الَّذِي أَنْزَلَنِي هَذَا المَنْزِلَ، وَلَوْ أَمَّرُوا عَلَيَّ حَبَشِيًّا لَسَمِعْتُ وَأَطَعْتُ".
[4660 - فتح: 3/ 271]
(علي) في نسخة: "علي بن أبي هاشم"، واسم أبي هاشم: عبيد الله الليثيُّ. (سمع هشيمًا) أي: ابن بشير، بضم الموحدة: ابن القاسم بن دينار.
(بالربذة) بفتح الراء والموحدة، والذال المعجمة: موضع على ثلاث مراحل من المدينة، وبه قبر أبي ذر (1). (بابي ذر) هو جندب بن جنادة. (في ذلك) في نسخة:"في ذاك" أي: نزاع. (أن أقدم) بفتح الدال، إمّا مضارع فتقطع همزته، أو أمر فتحذف وصلًا. (فكثر عَلَيّ النَّاس) أن يسألوني عن سبب خروجي من دمشق، وعن ما جرى بيني وبين معاوية.
1407 -
حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا الجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي العَلاءِ، عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، قَال: جَلَسْتُ ح وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا الجُرَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو العَلاءِ بْنُ الشِّخِّيرِ، أَنَّ الأَحْنَفَ بْنَ قَيْسٍ، حَدَّثَهُمْ قَال: جَلَسْتُ إِلَى مَلَإٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَجَاءَ رَجُلٌ خَشِنُ الشَّعَرِ
(1) الربذة: أحد قرى المدينة، قريبة من ذات عرق. انظر:"معجم البلدان" 3/ 24.
وَالثِّيَابِ وَالهَيْئَةِ، حَتَّى قَامَ عَلَيْهِمْ فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَال: بَشِّرِ الكَانِزِينَ بِرَضْفٍ يُحْمَى عَلَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، ثُمَّ يُوضَعُ عَلَى حَلَمَةِ ثَدْيِ أَحَدِهِمْ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ نُغْضِ كَتِفِهِ، وَيُوضَعُ عَلَى نُغْضِ كَتِفِهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ حَلَمَةِ ثَدْيِهِ، يَتَزَلْزَلُ، ثُمَّ وَلَّى، فَجَلَسَ إِلَى سَارِيَةٍ، وَتَبِعْتُهُ وَجَلَسْتُ إِلَيْهِ وَأَنَا لَا أَدْرِي مَنْ هُوَ؟ فَقُلْتُ لَهُ: لَا أُرَى القَوْمَ إلا قَدْ كَرِهُوا الَّذِي قُلْتَ، قَال: إِنَّهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا،.
[مسلم: 992 - فتح: 3/ 271]
(عياش) بتحتية مشددة، أي: ابْن الوليد الرقام. (الجريري) بضم الجيم، أي: سعيد بن أبياس. (عن أبي العلاء) بالمد: هو يزيد بن الشخير. (وحدثني) في نسخة: " ح وحدثني"(عبد الصمد) أي: ابن عبد الوارث، وأردف البخاريّ هذا الإسناد بسابقه؛ لتصريح عبد الصمد بتحديث أبي العلاء للجريري، والأحنف لأبي العلاء.
(فجاء رجل) هو أبو ذر رضي الله عنه. (خشن الشعر) بفتح الخاء وكسر الشين المعجمتين. (برضف) بفتح الراء، وسكون المعجمة، وبالفاء: الحجارة المحماة، واحده: رضفة. (عليه) أي: على الرضف، وفي نسخة:"عليهم" أي: على الكانزين. (جهنم) ممنوع من الصّرف؛ للعلمية والتأنيث. (حلمة) بفتح الحاء وتالييها: ما برز من الثدي وطال. (نُغْضِ كِتَفِه) بضم النون، وسكون المعجمة، ويقال له: الناغض، ويسمى الغضروف: وهو العظم الرّقيق على طرف الكتف، أو أعلاه. (ثديه) في نسخة:"ثدييه" بالتثنية. (يتزلزل) أي: الرضف، أي: يتحرك، ولذا يضطرب من نغض كتفه حتّى يخرج من حلمة ثديه. (لا أرى) بضم الهمزة، أي: أظن.
1408 -
قَال لِي خَلِيلِي، قَال: قُلْتُ: مَنْ خَلِيلُكَ؟ قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "يَا أَبَا ذَرٍّ أَتُبْصِرُ أُحُدًا؟ " قَال: فَنَظَرْتُ إِلَى الشَّمْسِ مَا بَقِيَ مِنَ النَّهَارِ، وَأَنَا أُرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُرْسِلُنِي فِي حَاجَةٍ لَهُ، قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: "مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا،
أُنْفِقُهُ كُلَّهُ، إلا ثَلاثَةَ دَنَانِيرَ" وَإِنَّ هَؤُلاءِ لَا يَعْقِلُونَ، إِنَّمَا يَجْمَعُونَ الدُّنْيَا، لَا وَاللَّهِ، لَا أَسْأَلُهُمْ دُنْيَا، وَلَا أَسْتَفْتِيهِمْ عَنْ دِينٍ، حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ.
[انظر: 1237 - مسلم: 94، 992 - فتح: 3/ 272].
(من خليلك) في نسخة: "ومن خليلك" وزاد في أخرى: "يا أبا ذر".
(يا أبا ذر أتبصر أُحدًا) متعلّق بـ (قال لي خليلي)، وما بينهما اعتراض. و (أحدًا) بضم الهمزة: الجبل المشهور. (فنظرت إلى الشّمس ما) هي موصولة، والمعني: أتعرف القدر الّذي (بقي من النهار؟) أو استفهامية، والمعني: أتعرف أي شيء بقي من النهار؟ (وأنا أرى) بضم الهمزة، أي: أنا أظن. (قلت نعم) جواب (أتبصر أحدًا). (إن لي مثل أحدٍ ذهبًا) اسم إن إمّا (مثل) و (ذهبًا): تمييز، أو (ذهبا) و (مثل) حال مقدمة.
(أنفقه) أي: لخاصة نفسي. (إلا ثلاث دنانير) يحتمل، كما قال الكرماني: إن هذا المقدار كان دينًا، أو مقدار إخراجات تلك اللَّيلة له صلى الله عليه وسلم (1)(لا يعقلون) كرره أبو ذر للتأكيد، أو ليربط به قوله:(إنّما يجمعون الدنيا) فإنّه بيان له. (لا والله) في نسخة: "ولا والله". (لا أسالهم دينًا) أي: لا أسألهم شيئًا من متاعها. (ولا أستفتيهم عن دين) اكتفاءً بما سمعته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي الحديث: زهد أبي ذر، وكان يذهب إلى أنه يحرم على الإنسان ادخار ما زاد على حاجته، أخذًا بظاهر الآية، وفيه: نفي العقل عن العقلاء عن مخالفتهم ما يراه الباقون.
(1)"البخاريّ بشرح الكرماني" 7/ 180.