الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيشملان الواحد والمتعدد، نعم إذا كان للتجارة فيجب فيهما الزَّكاة قطعًا، كما هو مبين في محل آخر.
46 - بَابٌ: لَيْسَ عَلَى المُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ صَدَقَةٌ
(باب: ليس على المسلم في عبده صدقة) أي: زكاة، فهو مقيد بما مر آنفًا، وبغير زكاة الفطر.
1464 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ خُثَيْمِ بْنِ عِرَاكٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ح حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا خُثَيْمُ بْنُ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:"لَيْسَ عَلَى المُسْلِمِ صَدَقَةٌ فِي عَبْدِهِ وَلَا فِي فَرَسِهِ".
[انظر: 1463 - مسلم: 982 - فتح: 3/ 327]
(عن خثيم) بضم المعجمة، وفتح المثلثة.
(ولا فرسه) في نسخة: [ولا أن فرسه]) (1).
47 - بَابُ الصَّدَقَةِ عَلَى اليَتَامَى
(باب: الصدقةِ على اليتامى) الصادقة بالفرض والنفل.
1465 -
حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ هِلالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رضي الله عنه، يُحَدِّثُ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَلَسَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى المِنْبَرِ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ، فَقَال:"إِنِّي مِمَّا أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي، مَا يُفْتَحُ عَلَيْكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا".
(1) من (ج).
فَقَال رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَيَأْتِي الخَيْرُ بِالشَّرِّ؟ فَسَكَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقِيلَ لَهُ: مَا شَأْنُكَ؟ تُكَلِّمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَلَا يُكَلِّمُكَ؟ فَرَأَيْنَا أَنَّهُ يُنْزَلُ عَلَيْهِ؟ قَال: فَمَسَحَ عَنْهُ الرُّحَضَاءَ، فَقَال:"أَيْنَ السَّائِلُ؟ " وَكَأَنَّهُ حَمِدَهُ، فَقَال:"إِنَّهُ لَا يَأْتِي الخَيْرُ بِالشَّرِّ، وَإِنَّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ أَوْ يُلِمُّ، إلا آكِلَةَ الخَضْرَاءِ، أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا امْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشَّمْسِ، فَثَلَطَتْ وَبَالتْ، وَرَتَعَتْ، وَإِنَّ هَذَا المَال خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَنِعْمَ صَاحِبُ المُسْلِمِ مَا أَعْطَى مِنْهُ المِسْكِينَ وَاليَتِيمَ وَابْنَ السَّبِيلِ - أَوْ كَمَا قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّهُ مَنْ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ، كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَيَكُونُ شَهِيدًا عَلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ".
[انظر: 921 - مسلم: 1052 - فتح: 3/ 327]
(هشام) أي: الدستوائيُّ. (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير.
(ذاتَ يومٍ) الإضافةُ فيه من إضافة المسمَّى إلى اسمه، والمرادُ: قطعةٌ من الزّمان. (إنِّي ممّا) في نسخةٍ: "إنَّ مما" وما: موصولة، أو مصدرية. (ما يفتح) في محل نصب اسم (إن)، والجارُّ والمجرور قبله خبُرها. (من زهرةِ الدنيا وزينتها) أي: حسنِها وبهجتهِا، كمالِ الغنائمِ. (فقال رجلٌ) لم يسمَّ. (أَوَ يأتي الخيرُ بالشرِّ؟) الهمزة للاستفهام، والواو مفتوحةٌ للعطف على مقدَّرٍ، أي: يخاف علينا من الخير، ويأتي الخيرُ بالشرِّ، والمعني: أتصيرُ نعمةَ الله الّتي هي زهرة للدنيا عقوبةً ووبالًا؟، فأجاب صلى الله عليه وسلم بعدُ بما حاصله: أنَّ الخير الحقيقيَّ لا يأتي إلا بالخير، وهذه الزهرة ليست خيرًا حقيقيًّا؛ لما فيها من الفتنة، والمنافسة، والاشتغال عن كمال الإقبال على الآخرة، بل خيرٌ عَرَضِيٌّ، فإنها خيرٌ لمن أخذ منها يسيرًا، أو كثيرًا، لكن صرفه في مصارفه كما تتسلط، وشرٌّ لمن أخذها كثيرًا ولم يصرفه في مصارفه.
(فسكت) أي: انتظارًا للوحي. (فرأينا) بفتح الراء والهمزة، أي:
فظننا، وفي نسخةٍ:(فرئينا) بضم الراء، وكسر الهمزة، وفي أخرى:"فأرينا" بتقديم همزة مضمومة على الراء. (الرحضاء) بضم الراء، وفتح المهملة، والضاد المعجمة، والمد: العرق الكثير.
(أين السائلُ؟ وكأنه حمده) أي: وكأنه صلى الله عليه وسلم حمد السائل، فهم الحاضرون من سكوته عند سؤاله إنكاره صلى الله عليه وسلم ذلك، ومن قوله:(أين السائلُ) حمده لما رأوا فيه من البشرى؛ لأنَّه صلى الله عليه وسلم كان إذا سُرَّ استنار وجهُه. إلَّا يأتي الخيرُ بالشرِّ) أي: إنْ ما قدَّر الله أن يكون خيرًا خيرٌ، وما قدَّر أن يكون شرًّا شرٌّ، وإنَّ الّذي أخافُ عليكم [ضره](1) تضييعكم نعمةَ الله، وصرفكم إياها في غير ما أمر الله به، ولا يتعلّق ذلك بنفس النعمة، ثمّ ضرب لكلٍّ من شقِّي الخيرِ والشرِ مثلًا، وبدأ بمثل شقِّ الخير، فقال:(وإنَّ ممّا ينبتُ الرَبيعُ) إسناد الإنبات إلى الربيع مجازٌ، والفاعل الحقيقي هو الله، والمراد بالربيع: الجدولُ الّذي يسقى به، وجمعه: أربعاء. (يقتل) صلة لـ (ما) محذوفة، ومجموعه اسم (إن)، وزاد في نسخةٍ:"حبطًا" بفتح المهملة والموحدة، وبالنصب على التمييز: وهو داءٌ يصيب الإبل. (أو يُلم) بضم الياء، أي: يقرب من القتل. (إلا) بالتشديد استثنائية، وفي نسخةٍ: بالتخفيف استفتاحية، أي: ألا انظروا.
(آكلة) بالمدِّ. (الخضراء) بفتح الخاء، وسكون الضاد.
[المعجمتين، وبالمد: ضرب من الكلإِ أفضل المراعي، وفي نسخة: "الخضر" بكسر الضاد، وفي أخرى: "الخضر" بضم الخاء وفتح الضاد](2) جمعُ خضرة، والاستثناءُ متصل، وهو من محذوف تقديره:
(1) من (م).
(2)
من (ج).
إنَّ ممّا ينبتُ الربيعُ ما يقتل آكله إلا أكلة الخضرِاء (أكلت) في نسخةٍ: "إنها أكلت".
(خاصرتاها) أي: جنباها، أي: امتلأتْ شبعًا، وعظم جنباها (استقبلت عينَ الشمس) أي: لأن زمن شبعها هو الزمنُ الّذي يشتهى فيه استقبال الشّمسِ. (فثلطت) بمثلثة، وفتح اللام وكسرها، أي: ألقتْ السرقين سهلًا رقيقًا.
(ورتعت) أي: اتسعتْ بأكلها في المرعى (وإنَّ هذا المال خضرةٌ) بتاء، كبقلة خضرة، وفي نسخةٍ:"خضر" بحذفها، سُمِّي بذلك؛ لحسنه، إذ الخضرة من أحسن الأنواع. (فنعم صاحبُ المسلم) أي: المال المصاحب. (له ما أعطى إلى آخره) هو المخصوصُ بالمدح، وفاعلُ نعم:(صاحبُ)، وفاعل أعطى: ضميرُ المسلم.
(أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم) شكٌّ من يحيى ثمّ ثنَّى بمثل شِقِّ الشرِّ فقال: (وإنه من يأخذه) أي: المال. (بغير حقه) بأنْ يجمعه من الحرام، ومن غير احتياج إليه، ولم يصرفه في مصارفه. (كالذي يأكل ولا يشبع) لأنَّه كلما نال منه شيئًا، ازداد فيه رغبةً، واستقل ما عنده، وطلب ما فوقه (ويكون شهيدًا عليه يوم القيامة) بأنْ ينطقه الله بما فعل فيه.
وفي الحديثِ: الحثُّ على الاقتصاد في المال، وعلى الصدقةِ، وتركِ الإمساك، وجوازُ ضرب الأمثال، وسؤالُ التلميذ العالمَ عن المجملِ؛ ليبينه له، وأن السؤال إذا لم يكن في موضعه يُنكر على السائلِ، وأنَّ العالمَ يؤخر الجوابَ حتى ينكشف له بيانه، وأنَّ كسبَ المال من غير حلِّه غيُر مباركٍ فيه، وأنَّ للعالم أن يحذر مجالسه من فتنةِ المال، وينبه على مواضع الخوف، وبيان ما به الأمان.