الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
67 - بَابٌ: المَيِّتُ يَسْمَعُ خَفْقَ النِّعَالِ
(باب: الميت يسمعُ خفقَ النعال) أي: صوتيها عند الدَّوسِ.
1338 -
حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَال: وَقَال لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: "العَبْدُ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ، وَتُوُلِّيَ وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، أَتَاهُ مَلَكَانِ، فَأَقْعَدَاهُ، فَيَقُولانِ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، فَيُقَالُ: انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ
= فإن سؤال المال محرم، يعني: لا يجوز أن تسأل شخصًا مالًا وتقول: أعطني عشرة ريالات أو مائة ريال، إلا عند الضرورة، أما سؤال غير المال مما لا يكون فيه منَّة في الغالب فإن هذا لا بأس به، ولعل هذا مخصص لما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يبايع أصحابه عليه حيث كان يبايعهم ألا يسألوا الناس شيئًا.
وربما يؤخذ من هذا الحديث: جواز إعادة الصلاة على الجنازة، لمن صلى عليها من قبل إذا وجد جماعة؛ لأن الظاهر أن الذين خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم صلوا معه، وعلى هذا فتشرع إعادة صلاة الجماعة إذا صلى عليها جماعة آخرون مرة ثانية.
وإلى هذا ذهب بعض أهل العلم، وقالوا: إنه كما أن صلاة الفريضة تعاد إذا صليتها ثم أدركتها مع جماعة أخرى، فكذلك صلاة الجنازة، وبناء على ذلك لو أن أحدا صلى على جنازة في المسجد، ثم خرجوا بها للمقبرة، ثم أقام أناس يصلون عليها جماعة، فإنه لا حرج ولا كراهة في أن تدخل في الجماعة الآخرين فتعيد الصلاة؛ لأن إعادة الصلاة هنا لها سبب، ليست مجرد تكرارًا لها سبب، وهو وجود الجماعة الأخرى.
فإذا قال قائل: إذا صليتُ على القبر فاين أقف؟ فأقول أنك تقف وراءه تجعله بينك وبين القبلة، كما هو الشان فيما إذا صليت عليه قبل الدفن.
أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنَ الجَنَّةِ، قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا، وَأَمَّا الكَافِرُ - أَو المُنَافِقُ - فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ، فَيُقَالُ: لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ، ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ إلا الثَّقَلَيْنِ".
[1374 - مسلم: 2870 - فتح: 3/ 205]
(عيَّاش) بتحتية، أي: الوليدُ الرقامُ. (عبد الأعلى) ابن عبدِ الأعلَى الساميُّ، بمهملة. (سعيد) أي: ابن أبي عروبة.
(قال) أي: البخاري. (خليفة) ابن خياط (ابن زريع) في نسخةٍ: "يزيد بن زريع".
(العبدُ) أي: المؤمنُ. (وضع في القبر) بالبناء للمفعول. (وتُولِّي) كذلك، أي: وتولى عنه، وفي أكثر النسخ: ببنائه للفاعل، وعليه (فتولى، وذهب) تنازعا في الفاعل وهو أصحابه، أي: الميت. (حتى إنَّه) بكسر همزة إنَّ؛ لوقوعها بعد حتى الابتدائية، كمرض حتى إنَّهم لا يرجونه.
(قرعَ نعالِهم) هو موضعُ الترجمة، إذ القرعُ بمعنى: الخفق.
(ملكان) بفتح اللام، أي: منكرٌ ونكيرٌ، بفتح الكاف الأول، وكلاهما ضدُّ المعروفِ سُمي بذلك؛ لأنهما لا يشبه خلقُهما خلقَ الآدميين، ولا الملائكةِ، ولا غيرِهما أسودان أزرقان جعلهما الله تعالى؛ تكرمةً للمؤمن؛ ليثبته، ويصبِّره؛ وهتكًا لسر المنافق في البرزخ من قبل أن يبعث، حتى يحلَّ عليه العذابُ الأليمُ.
(فأقعداه) بأن يوسع القبر. (في هذا الرجل) عبَّر به لا بنحو: هذا النبيّ، امتحانًا للمسئول، إذ لو عبَّر به لربما تلقن منه تعظيمه. (فيقال) أي: فيقول له الملكان المذكوران، أو غيرهما. (وأمَّا الكافرُ أو المنافقُ) شكٌّ من الراوي، و (أو) بمعنى: الواو؛ ليوافق قولَه في باب:
ما جاء في عذاب القبر (1). (وأما المنافقُ والكافرُ) أو يقال: الواو ثَمَّ بمعنى: أو هنا. (لا داريت) بفتح الراء. (ولا تليت) أصلُه: تلوتَ، أُبدلت الواو ياء لمزاوجة. (داريت) وفي نسخةٍ:"أتلبت" ومجموعُ ذلك دعاءٌ عليه، أي: لا كنتَ داريًا، ولا تاليًا، أو: إخبارٌ له، أي: لا علمتَ بنفسِك بالاستدلال، ولا اتبعتَ العلماءَ بالتقليد فيما يقولون.
(بمطرقة) بكسر الميم، أي: بمرزبَّةٍ، كما عبرَّ بها في "سنن أبي داود"(2). (يسمعها من يليه) ظاهرهُ الملكان فقط، دليس مرادًا؛ بقرينةِ استثنائه الآتي، وبقرينة خبرِ الإمامِ أحمد:"يسمعه خلقُ الله كلُّهن غيرَ الثقلين"(3) إذ المنطوقُ مقَّدمٌ على المفهوم، لكن يستثنى من الإخبار الجهات؛ بقرينة خبر البزار:"يسمعه كُّل دابةً إلا الثقلين"(4) أي: الإنس والجن، وسميا بذلك؛ لثقلهما على الأرض، والحكمةُ في عدمِ سماعهما: الابتلاءُ، فلو سمعا لكان الإيمانُ منها ضروريًّا، ولأعرضوا عن التدبير والصنائع ونحوهما مما يتوقف عليه بقاؤهما، فإن قلتَ: لم مُنعتْ الجنُّ سماعَ هذه الصيحةَ، دون سماعهم قولَ الميت: إذا حمل قدِّموني قدِّموني؟ قلتُ: لأنَّ قوله إذ ذاك: في حكم الدنيا، وهو اعتبار وعظه لسامعه، وخصَّ ذلك بالجنِّ؛ لما فيهم من قوةٍ، يثبتون بها عند
(1) سيأتي برقم (1374) كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في عذاب القبر.
(2)
"سنن أبي داود"(4753) كتاب: السنة، باب: في المسألة في القبر وعذاب القبر من حديث البراء بن عازب.
وقال الألباني في "صحيح أبي داود": صحيح.
(3)
"مسند أحمد"(3/ 34).
(4)
"كشف الأستار عن زوائد البزار" 1/ 414 (874) كتاب: الجنائز، باب: السؤال في القبر.