الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - بَابُ إِثْمِ مَانِعِ الزَّكَاةِ
وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ، يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ، هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} [التوبة: 34، 35]
(باب: إثم مانع الزَّكاة) أي: مانع أدائها. (وقول الله) بالجر عطفٌ على (إثم مانع الزَّكاة)({وَلَا يُنْفِقُونَهَا}) أي: المكنوزة الدال عليها ({يَكْنِزُونَ})({وَالْفِضَّةَ}) لأنها أقرب، والذهب داخل بالأولى، أو الأموال؛ لأن الحكم عام وتخصيصهما بالذكر؛ لأنهما قانون التمول.
({يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا}) أتى بضمير ({عَلَيْهَا}) و ({بها}) جمعًا مع أن المذكور شيئان، لأن المراد: دنانير ودراهم كثيرة؛ لما روي عن على أنه قال: أربعة آلاف وما دونها نفقة، وما فوقها كنز، وذكر الآية تامة (1)، هو ما في أكثر النسخ، وفي نسخةٍ ذكرها بلفظ:"وقول الله تعالى {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} إلى قوله: {فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} ".
(1) رواه عبد الرزّاق 4/ 109 (7150) كتاب: الزَّكاة، باب: كم الكنز؟ ولمن الزَّكاة؟ والدارقطني في "العلل" 4/ 152 (480) وقال: كذا قال علي بن حكيم عن شريك عن أبي حصين عن يحيى بن جعد عن علي، ووهم فيه، والصواب عن أبي حصين، عن أبي الضحى، عن جعدة بن هبيرة، عن علي. ا. هـ.
1402 -
حَدَّثَنَا الحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ هُرْمُزَ الأَعْرَجَ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، يَقُولُ: قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "تَأْتِي الإِبِلُ عَلَى صَاحِبِهَا عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ، إِذَا هُوَ لَمْ يُعْطِ فِيهَا حَقَّهَا، تَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا، وَتَأْتِي الغَنَمُ عَلَى صَاحِبِهَا عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ إِذَا لَمْ يُعْطِ فِيهَا حَقَّهَا، تَطَؤُهُ بِأَظْلافِهَا، وَتَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا"، وَقَال:"وَمِنْ حَقِّهَا أَنْ تُحْلَبَ عَلَى المَاءِ" قَال: "وَلَا يَأْتِي أَحَدُكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ بِشَاةٍ يَحْمِلُهَا عَلَى رَقَبَتِهِ لَهَا يُعَارٌ، فَيَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ بَلَّغْتُ، وَلَا يَأْتِي بِبَعِيرٍ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ لَهُ رُغَاءٌ فَيَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، قَدْ بَلَّغْتُ".
[2371، 2378، 3073، 6958 - مسلم: 987 - فتح: 3/ 267]
(شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (أبو الزِّناد) وهو عبد الله بن ذكوان. (عبد الرّحمن) هو (ابْن هرمز)، لفظ:(ابْن هرمز) ساقطٌ من نسخة.
(تأتي الإبل على صاحبها) أي: يوم القيامة، وضمن أتى معنى: الاستعلاء، فعداه بعلى (على خير ما كانت) أي: عنده في القوة والسمن ليزيد ثقل وطئها (حقها) أي: زكاتها (تطؤه) أصله: توطئ، حذفت الواو شذوذًا على القول بأن الطاء مفتوحة، وقياسًا على القول بأنها مكسورة؛ لوقوع الواو بين ياءٍ وكسرة، لكن فتحت الطاء؛ لأجل الهمزة. (بأخفافها) جمع خف، وهو من الإبل كالظلف من الغنم، ونحوها، والقدم من الآدمي، والحافر من الحمار، ونحوه. (وتنطحه) بكسر الطاء أشهر من فتحها. وفيه: أن الله يحيي البهائم؛ ليعاقب بها مانع الزَّكاة، والحكمة في كونها تعاد كلها مع أن حق الله فيها إنّما هو في بعضها؛ لأن الحق في جميع المال غير متعين. (ومن حقها أن تحلب على الماء) أي: ألبانها ليشرب من يحضرها من أبناء السبيل،
والمساكين، وإنّما خصَّ الحلب بالماء؛ ليكون أسهل على المحتاج من قصده المبارك، وأرفق بالماشية، وقال ابن بطّال: يريد بذلك حق الكرم والمواساة، وشرف الأخلاق، لا أن ذلك فرض (1). ومناسبة هذا مع ما قبله للترجمة: أن الغرض أداء الحقوق واجبة كانت كالزكاة، أو مندوبة كمكارم الأخلاق المرادة ممّا ذكر، (ولا يأتى) خبر بمعنى النّهي عن منع أداء الزَّكاة المقتضي لأن يأتي بشاة تحملها على رقبتك. (يعار) بتحتية مضمومة، وعين مهملة، أي: صوت الشاة، وفي نسخة:"ثغاء" بمثلثة مضمومة، وغين معجمة، وبالمد، والغالب في الأصوات فعال، كبكاء، وقد يجيء على فعيل كصهيل، وعلى فعللة كحمحمة. (ببعير) هو ذكر الإبل وأنثاه. (رغاء) براء مضمومة، وغين معجمة، وبالمد: صوت الإبل. (لا أملك لك شيئًا) في نسخة: "لا أملك من الله شيئًا".
1403 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ القَاسِمِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ لَهُ زَبِيبَتَانِ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ - يَعْنِي بِشِدْقَيْهِ - ثُمَّ يَقُولُ أَنَا مَالُكَ أَنَا كَنْزُكَ، ثُمَّ تَلا: (لَا يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ) " الآيَةَ.
[2371، 4565، 4659، 6957 - مسلم: 987 - فتح: 3/ 268]
(عن أبي صالح) هو ذكوان.
(مثِّل) بضم الميم، أي: صور. (له يوم القيامة) في نسخة: "له ما له يوم القيامة".
(شجاعًا) بضم المعجمة: الحية الذكر، وقيل: الّذي يقوم على
(1)"شرح صحيح البخاريّ" لابن بطّال 3/ 402.