الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال السيوطي: أما قول من قال إن أول ما نزل: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} فأجابوا عنه بأجوبة:
أولًا: أن السؤال في حديث جابر كان عن نزول سورة كاملة، فبين أن سورة المدثر نزلت بكمالها قبل نزول تمام سورة:(اقرأ)، فإنها أول ما نزل منها صدرها.
ثانيًا: أن مراد جابر بالأولية أولية مخصوصة بما بعد فترة الوحي لا أولية مطلقة.
ثالثًا: أن المراد أولية مخصوصة بالإنذار، وعبر بعضهم عن هذا بقوله: أول ما نزل للنبوة {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} ، وأول ما نزل للرسالة:{يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1)} .
رابعًا: إن المراد أول ما نزل بسبب متقدم، وهو ما وقع من التدثر الناشئ عن الرعب، وأما اقرأ فنزلت ابتداء بغير سبب متقدم.
خامسًا: أن جابرًا استخرج ذلك باجتهاده وليس هو من روايته، فتقدم عليه رواية عائشة. (1)
وجمع بعضهم بين القولين الأولين بأن قال: يمكن أن يقال أول ما نزل من التنزيل في تنبيه الله على صفة خلقه {اقْرَأْ} . وأول ما نزل من الأمر بالإنذار: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1)} . (2)
القول الثالث: سورة الفاتحة
.
واستدلوا بحديث عمرو بن شرحبيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لخديجة: "إني إذا خلوت وحدي سمعت نداء، فقد والله خشيت أن يكون هذا أمرًا، فقالت: معاذ الله ما كان الله ليفعل بك، فوالله إنك لتؤدي الأمانة، وتصل الرحم، وتصدق الحديث، فلما دخل أبو بكر ذكرت خديجة حديثه له وقالت: اذهب مع محمد إلى ورقة، فانطلقا فقصا عليه فقال: إذا خلوت وحدي سمعت نداء خلفي يا محمد، يا محمد، فأنطلق هاربًا في الأفق، فقال: لا تفعل إذا أتاك فاثبت حتى تسمع ما يقول ثم ائتني فأخبرني، فلما خلا ناداه: يا محمد، قل:{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} حتى بلغ {وَلَا الضَّالِّينَ} . (3)
(1) الإتقان (1/ 70: 69) وانظر: فتح الباري (8/ 678).
(2)
عمدة القاري (1/ 62).
(3)
دلائل النبوة للبيهقي (2/ 159: 158)، وقال: هذا منقطع، فإن كان محفوظًا فيحتمل أن يكون خبرًا عن نزولها بعد ما نزلت عليه {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} ، و {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} ، والله أعلم، ووجه الانقطاع أن عمرو بن شرحبيل تابعي لم يدرك زمان الرسول صلى الله عليه وسلم.