الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجه السادس: نفي الله عز وجل عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هذه الأمراض.
الوجه السابع: إجماع الأمة على عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم من مثل هذه الأمراض.
الوجه الثامن: أعراض مرض الصرع من الناحية الطبية.
الوجه التاسع: الصرع كان معروفًا عند العرب في الجاهلية، فلماذا لم يتهمه المشركون بمثل هذا!
الوجه العاشر: الرد على الشبهات الفرعية المتعلقة بالوحي.
الوجه الحادي عشر: حالة الأنبياء عند نزول الوحي كما في الكتاب المقدس.
وإليك التفصيل
الوجه الأول: مقدمة لا بد منها
.
تعريف الوحي في اللغة والشرع
.
قال ابن منظور: الوَحْيُّ الإشارة والكتابة والرسالة والإلهام والكلام الخفي، وكل ما ألقيته إلى غيرك، يقال: وَحَيْتُ إليه الكلام وأَوْحَيْتُ ووَحَى وَحْيًا وأَوْحَى أيضًا، أي: كتب. والوحي: المكتوب والكتاب أيضًا، وعلى ذلك جمعوا فقالوا: وَحِيٌّ مثل حَلْيٌّ وحُلِيٌّ. (1)
وقال الراغب: معنى الوحي الإشارة السريعة، ولتضمنّ السرعة قيل: أمر وَحْيٌ، وذلك يكون بالكلام على سبيل الرمز والتعريض، وقد يكون بصوت مجرد عن التركيب، وبإشارة ببعض الجوارح وبالكتابة. ويقال للكلمة الإلهية التي تلقى إلى أنبيائه وأوليائه: وحي. (2)
أما الوحي فمعناه في لسان الشرع: أن يعلم الله تعالى من اصطفاه من عباده كل ما أراد اطلاعه عليه من ألوان الهداية والعلم ولكن بطريقة سرية خفية غير معتادة للبشر. (3)
الوحي الإلهي: هو كلمة الله عز وجل إلى عباده ليخرجهم من الظلمات إلى النور وهو أصل الدين، إذ يتعلق بكتاب الله عز وجل، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. والوحي في الإسلام ثابت محفوظ بحفظ الله تعالى. والأمة مهيأة لخدمة نصوصه كما تقتضيه ظروف الحياة العلمية لها.
(1) لسان العرب: مادة (وحي) 15/ 379.
(2)
معجم مفردات ألفاظ القرآن (552).
(3)
مناهل العرفان 1/ 46.
والوحي: أهم عنصر يميز شخصية النبي أو الرسول، وأكبر الدعائم التي ترتكز عليها حقيقة النبوة، وقد دلت نصوص الكتاب الكريم، والسنة الشريفة، والسيرة العطرة على عصمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، في تبليغ وحي الله تعالى إلى الأمة، وانعقد إجماع علماء الأمة على ذلك.
إلا أنه يوجد في كل أمة، وفي كل زمان ومكان، من يطعن في عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تبليغ وحى الله تعالى؛ من أعداء الإسلام من المستشرقين والمبشرين، ومن أذيالهم المتسترين بعباءة القرآن الكريم ممن يسمون أنفسهم (القرآنيين).
أما المستشرقون: فشبهاتهم حول الوحي الإلهي قائمة على إنكار نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ لم تكن لدى معظمهم القناعة العلمية، ولا الإيمان الراسخ بهذه النبوة، فنفذوا بشيء من العداء لهذه الشخصية النبوية الكريمة، ودفعوا دفعًا مقصودًا للإيقاع بنبوته، وحملوا حملًا مغرضًا لتجريده من صفاتها، وعلى رأسها صفة العصمة.
فزعموا تارة أن الوحي الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر ذاتي من داخل نفسه الصافية، وعقله العبقري. وتارة ثانية، يزعمون أنه عبارة عن أمراض عقلية ونفسية، وهم بذلك يتناقضون مع أنفسهم؛ إذ كيف يجتمع الضدان، صفاء النفس، والعقل العبقري، مع الإصابة بالأمراض النفسية والعقلية؟ ! وتارة ثالثة، يزعمون أن الوحي الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم مقتبس من اليهودية والنصرانية، أو أنه وحي شيطاني بناءًا على فرية الغرانيق، وهذه الطعون في الوحي الإلهي، هي رأي معظم المستشرقين الذين يدرسون ظاهرة الوحي والنبوة، ويخلطون عن عمد بين النبوة والعبقرية، ومعاني البطولة، ومعاني الرسالة، إذا استثنينا أولئك المستشرقين الذين ينحون بتفكيرهم نحو المادية والعلمانية، وينكرون الوحي كله جملة وتفصيلًا.
إن المستشرقين هنا فيما يزعمون كالببغاوات يرددون شبهة إخوانهم أعداء الأنبياء والرسل الذين جعلوا ما يحصل لأنبياء الله مثل الذي يحصل للمجانين والسحرة، كما قال تعالى:{كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (52) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (53)} وهي عين الفرية التي رمت بها قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبرأه الله مما قالوا بقوله سبحانه: