الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لذلك نقول بجلاء: إنه ليس لورقة علاقة بتمهيد وتسهيل النبوة لمحمد صلى الله عليه وسلم، وليس له دور في تكوين شخصية محمد صلى الله عليه وسلم، بل إن ربَّه ربَّاه كما ربَّى موسى على عينه.
الوجه الثالث:
عودة ورقة من الشام إلى مكة كانت قرب وفاته وقرب وفاة زيد بن عمرو، وكان ذلك قرب سنة بناء الكعبة؛ فوقتئذٍ كان عُمْرُ النبي صلى الله عليه وسلم اقترب من السابعة والثلاثين، ولم يصل ورقة إلى مكة بعد تنصره، قال زيد بن حارثة: ومات زيد بن عمرو بن نفيل قبل أن يبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).
ومن قريب أثبتنا أن زيد بن عمرو رجع من رحلته من الشام وثبت على ملة إبراهيم عليه السلام، وبعد ذلك كله قابل محمدًا صلى الله عليه وسلم ومعه زيد بن حارثة وذلك كان بعد زواج محمد صلى الله عليه وسلم من خديجة، وفي كل هذا الوقت كان ورقة لا يزال بالشام.
ورجوع زيد بن عمرو من رحلته - التي لم تكن طويلة - كان ذلك عند اقتراب بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، ففي مسند الطيالسي: خرج ورقة بن نوفل، وزيد بن عمرو بن نفيل يلتمسان الدين حتى انتهيا إلى راهب بالموصل، فقال لزيد بن عمرو بن نفيل: من أين أقبلت يا صاحب البعير؟ قال: من بيت إبراهيم، قال: وما تلتمس؟ قال: ألتمس الدين، قال: ارجع؛ فإنه يوشك أن يظهر الذي تطلب في أرضك (2).
(1) صحيح. رواه البيهقي في دلائل النبوة (431)، (432)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (244)، وأبو يعلى (7056)، والحاكم (في المستدرك 4945)، والطبراني (في المعجم الكبير 4663) - جميعًا عن: محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن أسامة بن زيد، عن زيد بن حارثة به.
والإسناد رجاله رجال البخاري ومسلم غير يحيى بن عبد الرحمن: فمن رجال مسلم.
(2)
رواه أبو داود الطيالسي في مسنده (32)، وعنه أبو نعيم في معرفة الصحابة (550)، وابن عساكر 19/ 500، ورواه الطبراني في المعجم الكبير (350) من طريق عبد الله بن رجاء - جميعًا عن المسعودي، عن نفيل بن هاشم بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل العدوي عدي قريش، عن أبيه، عن جده. قال البوصيري: هذا إسناد رجاله ثقات، نفيل وهشام ذكرهما ابن حبان في الثقات، والباقي على شرط مسلم إلا أن المسعودي اختلط بآخره، وممن روى عنه بعد الاختلاط أبو داود الطيالسي ويزيد بن هارون كما أوضحته في تبيين حال المختلطين؛ اتحاف الخيرة المهرة 1/ 15.