الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهذا دليل واضح أن زيدًا ترك ورقة واستمع لكلام الراهب فرجع إلى مكة على الفور لانتظار اقتراب ظهور هذا النبي صلى الله عليه وسلم.
وهو دليل واضح أيضًا على أن ورقة لم يكتمل تعلمه للنصرانية إلا والنبي محمد صلى الله عليه وسلم اقترب سنه من الأربعين.
الوجه الرابع: وفاة زيد ووفاة ورقة
.
قال الزهري: ولقد توفي زيد وبقي ورقة بعده كما يزعمون سنتين (1).
وبغض النظر عن كون الفارق بين وفاتهما سنتين أو يزيد قليلًا، فهذا يبين أن كليهما لم يعمِّرا حتى بداية دعوة النبي صلى الله عليه وسلم قومه إلى الإسلام، ووفاة زيد بن عمرو كانت بعد بناء الكعبة.
[الوجه الخامس][*]:
الدليل على أن وفاة زيد كانت بعد بناء الكعبة:
قال ابن حجر: مات زيد بن عمرو قبل البعثة بخمس سنين. . وعند ابن سعد عن الواقدي بسند له أن سعيد بن زيد قال: توفي أبي وقريش تبني الكعبة، قال مصعب الزبيري: حدثني الضحاك بن عثمان، عن بن أبي الزناد، عن هشام بن عروة: بلغنا أن زيد بن عمرو بلغه مخرج النبي صلى الله عليه وسلم فأقبل يريده فقتله أهل مبقعة موضع بالشام. (2)
إن زيدًا كان عندما رجع من رحلته للبحث عن الدين الحق ثم وصل إلى مكة ورأته أسماء بنت أبي بكر وهو يسند ظهره للكعبة، ولربما أثناء بناء الكعبة استغرق ذلك وقتًا ما لبنائها بحيث إن أجزاءً منها وجدرانًا لها يمكن أن يُسند زيد ظهره إليها.
فعن أسماء بنت أبي بكر قالت: لقد رأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائمًا مسندًا ظهره إلى
قلت: وقد تابع عبد الله بن رجاء أبو داود الطيالسي، ومن المحتمل الغالب أن عبد الله بن رجاء بن عمر الغدانى قد روى عن المسعودي قبل الاختلاط؛ وذلك لأنه بصري، وقد قال عبد الله بن أحمد: قال أبي: وإنما اختلط المسعودي ببغداد، ومن سمع منه بالبصرة والكوفة فسماعه جيد؛ شرح علل الترمذي 1/ 228.
(1)
دلائل النبوة للبيهقي (450).
(2)
الإصابة 2/ 615.
[*] قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ما بين المعكوفين ليس بالمطبوع
الكعبة (1). وكان هذا لا يتأتى له قبل بناء الكعبة.
قال ابن إسحاق: وكانت حية تخرج من بئر الكعبة التي كانت تطرح فيها ما يهدى إليها كل يوم، فتتشرق على جدار الكعبة، وكانت مما يهابون؛ وذلك أنه كان لا يدنو منها أحد إلا احزألت وكشت وفتحت فاهها؛ فكانوا يهابونها، فبينما هي يومًا تشرف على جدار الكعبة كما كانت تصنع بعث الله عليها طائرًا فاختطفها فذهب بها. فقالت قريش: إنا لنرجو أن يكون الله تعالى قد رضي ما أردنا - أي: بناء الكعبة - عندنا عامل رفيق، وعندنا خشب، وقد كفانا الله الحية (2).
فلهذه العلاقة نقول: إن زيد بن عمرو عندما ترك ورقة بالشام ثم رجع إلى مكة بطريقة غير مباشرة كان باستطاعته أن يصل للكعبة ويسند ظهره إليها، ولا يتم ذلك إلا بعد بناء الكعبة أو حين بنائها وذهاب الحية عنها.
قال حسني الأطير: فهذه الصورة المزعجة لحال الكعبة حال تصدعها قبل الهدم، وإعادة بنائها، ترينا كيف كان القرشيون لا يستطيعون أن يدخلوا الكعبة، ولا حتى أن يقتربوا منها، الأمر الذي بلغ حد أن يعطلهم عن هدمها لإعادة بنائها (3).
والحاصل من الأخبار السابقة: أن كلًا من زيد بن عمرو، وورقة كانت وفاتهما قريبة من بعضهما، وكانت أيضًا قبل دعوته لعشيرته للإسلام، وإن ورقة لم يمكث بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم إلا فترة يسيرة.
(1) المستدرك (5893)، السيرة النبوية لابن كثير 1/ 154، الروض الأنف 1/ 382، سيرة ابن هشام 1/ 224، قال الحاكم: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا الحسن بن علي بن عفان، ثنا أبو أسامة، ثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن أسماء به.
قلت: إسناده حسن - من أجل الحسن بن علي، وأبو أسامة هو: حماد بن أسامة؛ وقد قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
(2)
السيرة النبوية 1/ 276، سيرة ابن هشام 1/ 192.
(3)
نقض الاشتباه بتعلم الرسول من ورقة بن نوفل (175).