الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجه السابع: إجماع الأمة على عصمة وسول الله صلى الله عليه وسلم من مثل هذه الأمراض
قَالَ الْقَاضِي: وَاعْلَمْ أَنَّ الأمة مُجْتَمِعَة عَلَى عِصْمَة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مِنْ الشَّيْطَان فِي جِسْمه وَخَاطِره وَلِسَانه، وسائر الأنبياء قبله من سائر الأمراض المنفرة، فرسول الله صلى الله عليه وسلم وكافة الرسل قبله، قد اشتهروا بالتعقل والنباهة والفطنة قبل النبوة وبعدها. (1) وبالجملة: فإن دلائل عصمته صلى الله عليه وسلم في عقله وبدنه، يشهد بها كتاب الله والسنة المطهرة، والسيرة العطرة (2)
الوجه الثامن: أعراض مرض الصرع من الناحية الطبية
الصرع هو: مجموعة من الأمراض المميزة باضطرابات متكررة في الوظائف العصبية للمخ نتيجة اضطراب مستوى الكهربية في المخ، وأسباب الصرع تختلف باختلاف الأعمار وتنقسم إلى:
years infant 2: 0
years Child 12: 2
years adolescent 18: 12
years young adult 35: 18
above 35 years old adult، وهذا هو المقصود.
وتتلخص أسباب الصرع في هذا السن فيما يعرف ب cerebrovascular Strock وهى تعرف على أنها فقدان للوعي بصورة جادة نتيجة لانسداد أحد الشرايين المغذية للمخ المتبوعة بشلل أحد الأطراف أو كلها.
وهي في أبسط صورها تنتج عن شلل نصفي، كما أن عدة نوبات من الصرع على مدى 23 عام بدون أي مضاعفات: ككسور أو عض اللسان أو ما شابه شيء لا يصدق كما أن الموت في هذه الحالات بدون علاج يحدث أثناء إحدى النوبات.
إن ثمة فرقًا واضحًا بين صور الوحي الذي كان يتلقاه النبي صلى الله عليه وسلم وبين أعراض مرض الصرع الذي زعمه هؤلاء المستشرقون غير المنصفين، فصور الوحي قد وقفتَ عليها من قبل عند الحديث عن كيفياته بما لم أر بك حاجة إلى إعادة الحديث عنها هنا.
(1) الشفا 2/ 117.
(2)
الرد على شبهات عصمة النبي صلى الله عليه وسلم 1/ 436.
وأما أعراض مرض الصرع، فهو كما جاء في كتاب (الموسوعة العربية الميسرة) أن يرى المريض شبحًا، ويسمع صوتًا، أو يشم رائحة، ويعقب ذلك وقوع المريض صارخًا على الأرض، وفاقدًا وعيه ثم تتملكه رعدة تشنجية، تتصلب فيها العضلات، وقد يتوقف فيها التنفس مؤقتًا، ويعقب النوبة خور في القوى، واستغراق في النوم يصحو منه المريض خالي الذهن من تذكر ما حدث له. (1)
فإذا كان هذا هو الثابت علميًا فهو بخلاف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يظهر عليه شيء مما ذكر من أعراض هذا المرض عند نزول الوحي عليه، بل يظل في تمام وعيه، وكامل قوته العقلية، قبل وأثناء وبعد الوحي، كما قال صلى الله عليه وسلم، لما سُئل: كيف يأتيك الوحي؟ قال: "أحيانًا يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشدّه علي، فيفصم عنى وقد وعيت عنه ما قال". (2)
وقد كان جبريل عليه السلام يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم في صورة الرجل فيحادثه أمام جمع من الحضور وهم يشاهدون ذلك، كما ثبت في حديث جبريل المشهور الذي سأل فيه النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان. . . وكما جاء في حديث ابن عمر من إتيان جبريل عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم في صورة الصحابي الجليل دحية الكلبي رضي الله عنه.
لقد عاش النبي صلى الله عليه وسلم طيلة حياته في صحة نفسية وعصبية وعقلية دائمة، لم يطرأ عليه أي خلل في عقله أو أعصابه في يوم من الأيام، بل كان صلى الله عليه وسلم بشهادة القرآن والسنة والتاريخ، وديعًا صبورًا حليمًا، بل كان عظيم الصبر، واسع الحلم والصدر حتى أنه صلى الله عليه وسلم وسع الناس جميعًا ببسطه وخلقه.
وبالجملة: كان كمال عقله وخلقه صلى الله عليه وسلم مضرب الأمثال لعصمة الله له، ولكل منصف أن يتساءل: هل يتفق هذا المرض وما هو معروف عن النبي صلى الله عليه وسلم من أنه كان أمة وحده، في أخلاقه، وثباته، وحلمه، وسلامة جسمه وقوة بنائه؟ .
(1) الموسوعة العربية الميسرة ليوسف إلياس سركيس (حرف الصاد)، مادة صرع؛ نقلًا من الرد على شبهات عصمة النبي صلى الله عليه وسلم.
(2)
البخاري (2).
ثم كيف يتفق ذلك الداء العضال الذي أعيا الأطباء، وما انتدب له رسول الله صلى الله عليه وسلم من تكوين شموسٍ أبِيّة، وتربيتها على أسمى نواميس الهداية وقوانين الأخلاق، وقواعد النهضة والرقي، مع أنها أمة صحراوية النفوس، صخرية الطباع؟ ! .
أضف إلى ذلك أنه نجح في هذه المحاولة المعجزة، إلى درجة جعلت تلك الأمة، بعد قرن واحد من الزمان، هي أمة الأمم، وصاحبة العلم، وربة السيف والقلم.
فهل المريض المتهوس الذي لا يصلح لقيادة نفسه يتسنى له أن يقوم بهذه القيادة العالمية الفائقة، ثم ينجح فيها هذا النجاح المعجز المدهش؟ .
ثم ما رَأْي هؤلاء الطاعنين وفيهم من ينتمي إلى بعض الأديان في أنهم لا ينالون من نبوة وعصمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وحده؛ وإنما ينالون من جميع أنبياء الله ورسله الذين كانت لهم كتب أو صحف، أُوحي بها من عند الله سبحانه.
فهل تطيب نفوس المقرين بالأديان منهم أن يخربوا بيوتهم قبل أن يخربوا بيوت غيرهم؟ فما رأيهم فيما جاء في كتب العهد القديم والجديد، من إيحاءات ونبوءات؟ .
وهل يقولون في وحى نبي الله موسى وعيسى عليهما السلام ما يقولون في وحى نبينا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ .
إن الرسول صلى الله عليه وسلم، ليس بدعًا من الرسل في باب الوحي، إنه أوحي إليه كما أوحي إليهم، وصدق الحق تبارك وتعالى حيث يقول:{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} [النساء: 163].
اللهم إن هذا الطعن لا يقول به إلا أحد رجلين: إما رجل مخرف، وإما رجل مخرب مدمر يريد هدم الأديان. (1)
قلت: فلا نبينا صلى الله عليه وسلم، ولا أحد من إخوانه من الأنبياء أصيب بمثل هذه الأمراض المنفرة، لعصمة ربهم لهم، وإنما المرضى - حقيقة - هم أعداؤهم من كل أمة.
(1) السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة للدكتور محمد أبو شهبة 1/ 278، 279.