الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجه الثاني: لا إشكال في تعدد أحاديث أسباب النزول
.
وفي هذا الوجه مسائل:
المسألة الأولى: وهي: التعدد قد يكون في التفسير وليس في السبب
.
أن يعبر أحدهم بقوله: نزلت في كذا، والآخر: نزلت في كذا، وذكر أمرًا آخر. فهذا يراد به التفسير لا ذكر سبب النزول، فلا منافاة بين قولهما إذا كان اللفظ يتناولهما (1).
المسألة الثانية: قد يكون الأول تفسيرًا والآخر سببًا
.
كأن يعبر واحد بقوله: نزلت في كذا، ويصرح آخر بذكر سبب خلافه، فهو المعتمد وذاك استنباط، مثاله: عن ابن عمر رضي الله عنه قال: أنزلت {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} في إتيان النساء في أدبارهن، وعن جابر التصريح بذكر سبب خلافه، فالمعتمد حديث جابر؛ لأنه نقل، وقول ابن عمر استنباط منه، فحديث جابر قال: كانت اليهود تقول: من أتى امرأة من دبرها في قبلها جاء الولد أحول، فأنزل الله {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} . (2)
المسألة الثالثة: قد يكون أحدهما صحيحًا والآخر ضعيفًا
.
أن يذكر واحد سببًا وآخر سببًا غيره، فإن كان إسناد أحدهما صحيحًا دون الآخر فالصحيح المعتمد، مثال: عن جندب: اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلة أو ليلتين، فأتته امرأة فقالت: يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد تركك، فأنزل الله:{وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} (3).
وعن حفص بن ميسرة عن أمه عن أمها وكانت خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن جروًا دخل بيت النبي صلى الله عليه وسلم فدخل تحت السرير فمات، فمكث النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أيام لا ينزل عليه الوحي، فقال: يا خولة ما حدث في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ جبريل لا يأتيني، فقلت في نفسي: لو هيأت البيت
(1) الإتقان 1/ 91.
(2)
البخاري (4528)، مسلم (1435).
(3)
البخاري (4950).