الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قد أكثر الناس في المنسوخ من عدد
…
وأدخلوا فيه آيا ليس تنحصر
وهاك تحرير آي لا مزيد لها
…
عشرين حررها الحذاق والكبر
آي التوجه حيث المرء كان وأن
…
يوصي لأهليه عند الموت محتضر
وحرمة الأكل بعد النوم من رفث
…
وفدية لمطيق الصوم مشتهر
وحق تقواه فيما صح من أثر
…
وفي الحرام قتال للألي كفروا
والاعتداد بحول مع وصيتها
…
وأن يدان حديث النفس والفكر
والحلف والحبس للزاني وترك أولى
…
كفروا شهادتهم والصبر والنفر
ومنع عقد لزان أو لزانية
…
وما على المصطفى في العقد محتظر
ودفع مهر لمن جاءت وآية نجـ
…
ـواه كذاك قيام الليل مستطر
وزيد آية الاستئذان من ملكت
…
وآية القسمة الفضلى لمن حضروا (1)
الوجه الثاني: موقف العلماء من النسخ
.
قال الزرقاني: العلماء في موقفهم من الناسخ والمنسوخ يختلفون بين مقصر ومقتصد وغال، فالمقصرون هم الذين حاولوا التخلص من النسخ إطلاقا سالكين به مسلك التأويل بالتخصيص ونحوه.
والمقتصدون هم الذين يقولون بالنسخ في حدوده المعقولة فلم ينفوه إطلاقًا ولم يتوسعوا فيه جزافًا كالغالين، بل يقفون به موقف الضرورة التي يقتضيها وجود التعارض الحقيقي بين الأدلة مع معرفة المتقدم منها والمتأخر، والغالون هم الذين تزيدوا فأدخلوا في النسخ ما ليس منه بناء على شبه ساقطة، ومن هؤلاء أبو جعفر النحاس في كتابه الناسخ والمنسوخ، وهبة الله بن سلامة، وأبو عبد الله محمد بن حزم وغيرهم فإنهم ألفوا كتبا في النسخ أكثروا فيها من ذكر الناسخ والمنسوخ اشتباها منهم وغلطا. ومنشأ تزيدهم هذا أنهم انخدعوا بكل ما نقل عن السلف أنه منسوخ، وفاتهم أن السلف لم يكونوا يقصدون
(1) الإتقان في علوم القرآن (3/ 63: 68).
بالنسخ هذا المعنى الاصطلاحي؛ بل كانوا يقصدون به ما هو أعم منه مما يشمل بيان المجمل وتقييد المطلق ونحوها. (1)
قال د/ مصطفى زيد: لم يُهلنا الأمر عندما وجدنا أن قضايا النسخ كما تجمعت لدينا قد أربى عددها على مائتين وتسعين قضية، فنحن نعلم أن من بين هذه القضايا دعاوى نسخ في آيات إخبارية لا تشريع فيها على الإطلاق، ودعاوى أخرى في أحكام لم يشرع الإسلام غيرها في موضوعها، ودعاوى في آيات ليس فيها إلا تخصيص العام أو تقييد المطلق، أو بيان المبهم، أو تفصيل المجمل، ودعاوى لم تقم أصلًا إلا على سوء الفهم للنص القرآني المنسوخ أو الناسخ أو كليهما بسبب تجاهل سبب النزول أو دلالة السياق، أو بسبب القصور عن إدراك الأسلوب القرآني وإعجازه البليغ، أو بسبب آخر غير هذا وذاك.
ومن هنا أيضًا لم يدهشنا أن ينزل السيوطي في الإتقان بهذا العدد الكبير إلى أقل من عُشره، حين قرر أن عدد الآيات المنسوخة في القرآن لا يتجاوز عشرين آية، فقد تكشف مناقشتنا لدعاوى النسخ في هذه الآيات عن رفض بعض هذه الدعاوى، وتنزل بهذا العدد الذي حدده السيوطي إلى ما دون نصفه: ربعه أو نحوه. (2)
ثم قال: وينبغي أن يكون معلومًا أن العدد الذي عرضه كل مصنف في كتابه ليس تحديدًا دقيقًا لعدد وقائع النسخ عنده، فهو لا يعدو في جملته أن يكون قضايا كما عبرنا، ومن بين هذه القضايا كثير حكوا في نسخه خلافًا، ومن بين هذه القضايا التي اختلفوا في نسخها قليل انتهوا من مناقشة دعوى النسخ فيه إلى إثبات أنه محكم، ومن بينها كذلك قضايا أثبتت مناقشتها أنها ناسخة وليست منسوخة، حتى عندهم. (3)
وقال أيضًا: فها هنا تنتهي مناقشتنا للآيات التي ادعى عليها النسخ وليست منسوخة عرضنا منها حسبما مرتبًا:
(1) مناهل العرفان 2/ 210.
(2)
النسخ في القرآن (1/ 422).
(3)
المصدر السابق (1/ 430).
خمسًا وسبعين آية بطلت دعوى النسخ عليها، لأنها أخبار.
وثماني وعشرين آية بطلت دعوى النسخ عليها؛ لأنها للوعيد.
وثلاثًا وستين ادعى عليها النسخ خطأ بآية السيف، مع أنها جميعًا محكمة.
وثماني وأربعين ادعى عليها النسخ مع أن علاقة نواسخها بها إنما هي التخصيص بأنواعه، أو التقييد أو التفسير أو التفصيل.
وثلاثًا وستين لم تصح دعوى النسخ عليها لعدم التعارض بينها وبين نواسخها.
وستًا لم تصح دعوى النسخ عليها مع أن المؤلفين في الناسخ والمنسوخ يجمعون عليها، والأصوليون يمثلون ببعضها على أن النسخ فيها مسلم.
ولقد أحسسنا ونحن نعالج كل مجموعة من هذه المجموعات أن بعضها يتداخل في بعضها الآخر، فليس كل منها تقسيمًا لغيره بالمعنى الدقيق المفهوم للتقسيم، لكنا كنا نشعر منذ بدأنا نعالج أن هذا التداخل واقع لا مفر منه، وأنه لا مانع على الإطلاق من أن تبطل دعوى النسخ على آية؛ لأنها خبر، ولأنه لا تعارض بينها وبين الآية الناسخة لها على زعمهم، ولأنها لا تعدو أن تكون من الأولى بمنزلة الخاص من العام، أو المقيد من المطلق، أو المفسر من المبهم، أو المفصل من المجمل، وأنها مع هذا سيقت لتدل على الوعيد، ثم ادعى عليها النسخ بعد هذا كله بآية السيف. (1)
وأخيرًا: فقد عرض في فصل وحيد وقائع النسخ التي صحت، بعد ترتيبها ترتيبًا موضوعيًا فقهيًا، وهي خمس وقائع في ست آيات:
واقعة وجوب التهجد في نسخه، في سورة المزمل.
وواقعة فرض الصدقة بين يدي نجوى الرسول ثم رفعه، في سورة المجادلة.
وواقعة وجوب الثبات في القتال أمام عشرة أمثالهم من الكفار، ثم نسخه بوجوب الثبات أمام مثليهم فقط في سورة الأنفال.
(1) المصدر السابق (2/ 235).
وواقعة عقوبة الزنا في آيتي سورة النساء، ونسخها بالحد في آية سورة النور.
وواقعة نسخ مفهوم قوله تعالى في سورة النساء: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى. . .} [النساء: 43]، بالأمر باجتناب الخمر مطلقًا عن القيود في سورة المائدة. (1)
قال الشيخ محمد أشرف الملباري: - بعد دراسة وتحقيق كتاب نواسخ القرآن لابن الجوزي -:
ابن الجوزي أكثر المؤلفين إيرادًا لوقائع النسخ مع أنه أقلهم قبولًا لها، فقد بلغ عدد القضايا التي قيل فيها بالنسخ عنده 247 قضية في 62 سورة. ومن خلال استعراضه لقضايا النسخ، يختار ابن الجوزي وقوعه في عدد ضئيل من الآيات، وبالتحديد لم يقل بوقوع النسخ إلا في 22 واقعة فحسب، بينما يرى الإحكام في حوالي 205 واقعة، وفي الآيات الباقية وقف موقف الحياد. ويلاحظ أن ابن الجوزي لم يصرح في كتابه بالنسخ في جميع هذه الوقائع، وإنما صرح به في سبع وقائع فقط. (2)
كذلك نجد أن أبا جعفر النحاس، رجح وقوع النسخ في القرآن في 25 أو 26 واقعة أيضًا. (3)
كذلك نجد أن الدهلوي، رجح وقوع النسخ في القرآن في 5 آيات. (4)
كذلك نجد أن الزرقاني، ذكر كلام السيوطي، رجح وقوع النسخ في القرآن في 9 آيات. (5)
(1) المصدر السابق (2/ 383: 384).
(2)
نواسخ القرآن لابن الجوزي؛ دراسة وتحقيق محمد أشرف الملباري (515).
(3)
الناسخ والمنسوخ للنحاس؛ دراسة وتحقيق د/ سليمان بن إبراهيم اللاحم (1/ 245)، دراسات في التفسير وعلوم القرآن محمد بكر إبراهيم آل عابد (76).
(4)
نواسخ القرآن لابن الجوزي دراسة وتحقيق محمد أشرف الملباري (24)، دراسات في التفسير وعلوم القرآن محمد بكر إبراهيم آل عابد (76).
(5)
مناهل العرفان (2/ 215)، النسخ في القرآن د/ مصطفى زيد (2/ 283)، دراسات في التفسير وعلوم القرآن محمد بكر إبراهيم آل عابد (76).