الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن حجر: وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَفْسِير بَرَاءَة أَنَّهَا آخِر سُورَة نَزَلَتْ. وَالْجَمْع بَيْنهمَا: أَنَّ آخِرِيَّة سُورَة النَّصْر نُزُولَهَا كَامِلَة، بِخِلَافِ بَرَاءَة كَمَا تَقَدَّمَ تَوْجِيهه. (1)
فائدة: الجمع بين الأقوال:
مما سبق يتبين أن القول في آخر آية نزلت يدور حوله ثلاثة أقوال:
الأول: آية الربا.
الثاني: آية {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} .
الثالث: آية {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} .
وأما السور فالقول يدور حول قولين:
الأول: سورة براءة.
الثاني: سورة {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)} .
وطريقة الجمع هي:
أولًا: بالنسبة للآيات:
وطريق الجمع بين قول: (آية الربا)، وآية {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} .
أن آية الربا هي ختام الآيات المنزلة في الربا إذ هي معطوفة عليهن.
وأما آية {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} ، فَيُجْمَع بَيْنه وَبَيْن قَوْل اِبْن عَبَّاس بِأَنَّ الْآيَتَيْنِ نَزَلَتَا جَمِيعًا، فَيَصْدُق أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا آخِر بِالنِّسْبَةِ لمَا عَدَاهُمَا، وَيَحْتَمِل أَنْ تَكُون الْآخِرِيَّةُ فِي آيَة النِّسَاء مُقَيَّدَة بِمَا يَتَعَلَّق بِالْمَوَارِيثِ مَثَلًا، بِخِلَافِ آيَة الْبَقَرَة، وَيَحْتَمِل عَكْسه، وَالْأَوَّل أَرْجَح لِمَا فِي آيَة الْبَقَرَة مِنْ الْإِشَارَة إِلَى مَعْنَى الْوَفَاة الْمُسْتَلْزِمَة لِخَاتِمةِ النُّزُول. (2)
وَيُجْمَع أيضًا بين القولين الأولين: بأنهما لَمْ يَنْقُلَاهُ، وَإِنَّمَا ذَكَرَاهُ عَنْ اِسْتِقْرَاء بِحَسَبِ مَا اِطَّلَعَا عَلَيْهِ، وَأَوْلَى مِنْ ذَلِكَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَرَادَ آخِرِيَّةً مَخْصُوصَة. (3)
(1) فتح الباري (8/ 606).
(2)
فتح الباري (8/ 53).
(3)
السابق (8/ 167).
فبذلك نكون قد استبعدنا القول الثالث وهو أن آخر آية نزلت {يَسْتَتَفْتُونَكَ. .}
ويكون الجمع بين القولين الأولين من وجوه:
أولًا: أنَّ آية الربا هي ختام الآياتِ المنزلة في الربا إذ هي معطوفة عليهن.
ثانيًا: أن ابن عباس والبراء لم ينقلا هذين القولين، وَإِنَّمَا ذَكَرَاهُ عَنْ اِسْتِقْرَاء بِحَسَبِ مَا اطَّلَعَا عَلَيْهِ.
ثالثًا: أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَرَادَ آخِرِيَّةً مَخْصُوصَة.
وقال ابن حجر: وَأَصَحُّ الْأَقْوَال فِي آخِرِيَّةِ الْآيَة قَوْلُه تَعَالَى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} . (1).
وهذا هو الراجح إن شاء الله! لأن آية الربا هي آخر ما نزل بالنسبة لآيات الربا، أو لعلهما نزلتا جميعًا وتكون {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} بعدها.
وأما القول في آخرية ما نزل من السور
فقلنا أن هذا القول يدور حول قولين: سورة براءة، وسورة {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} .
قال ابن حجر: وَأَمَّا سُورَة (براءة) فَالْمُرَاد بَعْضهَا أَوْ مُعْظَمهَا، وَإِلَّا فَفِيهَا آيَات كَثِيرَة نَزَلَتْ قَبْلَ سَنَة الْوَفَاة النَّبَوِيَّة، وَأَوْضَحُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَوَّل بَرَاءَة نَزَلَ عَقِبَ فَتْح مَكَّة فِي سَنَةِ تِسْعٍ عَامَ حَجِّ أَبِي بَكْر، وَقَدْ نَزَلَ:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} ، وَهِيَ فِي الْمَائِدَة فِي حَجَّة الْوَدَاع سَنَةَ عَشْرٍ، فَالظَّاهِر أَنَّ الْمُرَاد مُعْظَمُهَا، وَلَا شَكَّ أَنَّ غَالِبهَا نَزَلَ فِي غَزْوَة تَبُوكَ وَهِيَ آخِرُ غَزَوَات النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. (2)
فيكون الجمع بين القولين: أن آخرية سورة النصر نزولها كاملة بخلاف براءة كما تقدم توجيهه. (3)
(1) السابق (8/ 167).
(2)
فتح الباري (8/ 167).
(3)
السابق (8/ 606: 605).