الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(سؤال)
قوله عليه السلام: (لا تزال طائفة من أمتي) ونحوه من النصوص - إن أريد بالأمة - هاهنا - أهل العقد والحل الذين هم مجتهدون، فقد انقطعوا من بعد ثلاثمائة، ولم يبق إلا المقلدون
.
فالواقع يمنع التمسك بهذا الخبر.
وإن ادعيتم غيرهم، فهو غر مقصود، كما هو المراد لا يمكن حمل النص عليه، وما يحمل النص عليه غير مراد لكم.
قوله: (لو كان الإجماع منقولا بالتواتر لحصل العلم الضروري به؛ لضرورة (بدر) وغيرها): قلنا: المتواترات تشترك في التواتر، ويختلف انتشار العلم الحاصل فيها، وعمومه للخلق.
فالمؤذن إذا سقط يوم الجمعة من منار الجامع تواتر ذلك عند أهل الجامع، وبقية البلد لا علم عندهم من ذلك.
ورب شيء متواتر في بلد دون غيره، وفي إقليم دون غيره من الأقاليم، فلا يلزم من حصول أصل التواتر عموم العلم به لجميع الخلائق، بل قد يخص ذلك قواعد أصول الفقه، فالقطع، والتواتر المعنوي حاصل بها لمن كثر
استقراؤه، وتوفر حفظه، واشتد اطلاعه، وهو قليل في الناس جدًا، فلا جرم لم يحصل العلم به لعموم الناس، بخلاف (بغداد)، ووقعة (بدر) وغيرها اتفق أن تواترت، وعم التواتر أكثر [على] المعموم، فلا يحصل التواتر ملزومًا لعموم العلم بذلك المتواتر لكل أحد.
قوله: (يحتاجون في هذه الظواهر إلى بيان الاستدلال، ودفع الأسئلة عنها، ولو كان متواترًا لما احتاجوا إلى ذلك؛ لأنه عبث، كما أنا إذا ذكرنا شجاعة على، وسخاء حاتم لا يحتاج إلى ذلك؛ لأنه عبث).
قلنا: نحن في أدلة الإجماع، إذا تمسكنا منها بظاهر، فنحن ندعى أنه له دلالة ظنية مضافة إلى غيره مما تقدم ذكره، فيكون باعتبار ذاته مفيدًا للظن، وباعتبار ما يضاف إليه مفيدا للقطع.
فنحن في المقام الأول نبين أنه يفيد الظن، وأنه صالح للدلالة من حيث الجملة، فلذلك نورد عليه الأسئلة والأجوبة، حتى يتقرر فيه الظن السالم عن المعارض، فلا نلاحظه مضافًا لتلك الأمور، فيحصل القطع، ونظيره التواتر، كل واحد من المخيرين بالنظر إلى ذاته يفيد الظن، ومضاف لغيره يفيد القطع، فلابد أن يتقرر عندنا أولا أنه يفيد الظن؛ إذ لولا ذلك لاستحال وصولنا للعلم بإخبارات لا تفيد آحادها الظنون، فتأمل ذلك، أما شجاعة على ونحوها، فقد تقررت للضرورة تقررًا عامًا أغنت عن ذلك، بخلاف الضرورة - هاهنا - هي مخصوصة بمن كثر اطلاعه كما تقدم، فاحتجنا لتأسيس الظن، ثم نحيل على كثرة الاطلاع، فهذا هو الفرق.
قال التبريزي: التفطن للمشترك في إخبار الشجاعة لا يفتقر إلى نظر وفكر، بخلاف قوله عليه السلام:(لا تجتمع أمتي على خطأ)، (وعليكم
بالسواد الأعظم)، فلذلك احتجنا للنظر لبيان المشترك بينهما وغيرهما.
قوله: (إذا صح بالتواتر عندكم أنها متواترة عندهم، لزم كونها متواترة عندكم).
قلنا: لا نسلم هذه الملازمة؛ لأن كون تلك الألفاظ متواترةً معنية عن كون الإجماع حجة.
وكون التواتر متواترًا عندنا معنى آخر غير كون الإجماع حجة، فلا يلزم من تواتر الثاني تواتر الأول.
وهذا كما يعلم بالضرورة أن كثيرًا من معجزاته عليه السلام وأحاديثه كانت متواترة عند الصحابة، ونحن نعلم ذلك بالضرورة، وما لزم من
حصول العلم الضروري لكونها كانت ضرورية عندهم - كونها ضرورية عندنا نحن، ولأن تلك المعجزات التي صارت اليوم تروى بأخبار الآحاد لم تصر ضرورية عندنا.
وما سببه أن متعلق أحد الاعتقادين غير متعلق الآخر، فجاز أن يكون أحدهما ظنًا، والآخر علمًا، ولا يلزم أن يصير الأول معلومًا لنا، كما كان معلومًا لهم.
قوله: (قد يكون المجتهد مصيبًا، والآخر متمكنًا من مخالفته):
تقريره: أن المجتهد يجتهد في القبلة، فيصادفها، والآخر تعرض له شبهة تصرفه عنها، وفيجب عليه الصلاة للجهة التي دلت عليها الشبهة، فيتمكن من مخالفة المصيب، وكذلك في الأحكام الشرعية، ويرد عليه أن للمجتهد مخالفة المجتهد إذا لم يعلم أنه مصيب، وهاهنا إصابة الأمة معلومة بخلاف المجتهد، وهذا فرق حسن.
* * *