المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الرابعةقال الرازي: أما الشيعة فقد استدلوا على أن الإجماع حجة؛ بأن زمان التكليف لا يخلو عن الإمام المعصوم - نفائس الأصول في شرح المحصول - جـ ٦

[القرافي]

فهرس الكتاب

- ‌المسألة الثانيةقال الرازي: في الفعل، إذا عارضه معارض منه صلى الله عليه وسلم

- ‌فرع(نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن استقبال القبلة، واستدبارها في قضاء الحاجة

- ‌تنبيهالتخصيص والنسخ في الحقيقة إنما لحقا ما دل على أن ذلك الفعل لازم لغيره، وأنه لازم له في مستقبل الأوقات

- ‌(سؤال)هذا البحث من الإمام يرِدُ عليه ما في حد النسخ بعد هذا

- ‌(سؤال)يشترط في الناسخ أن يكون مساويًا، أو أقوى، والقول أقوى، فكيف ينسخ بالفعل الأضعف

- ‌‌‌(تنبيه)

- ‌(تنبيه)

- ‌(فائده)قال سيف الدين: لا يتصور التعارض بين أفعال النبي صلى الله عليه وسلم بحيث ينسخ البعض البعض، أو يخصصه

- ‌(تنبيه)قال المصنف: التخصيص والنسخ في الحقيقة إنما لحق ما دل على أن ذلك الفعل لازم لغيره

- ‌(تنبيه)متى أمكن الحمل على التخصيص، لا يصار إلى النسخ

- ‌القسم الثالثقال الرازي: في أن الرسول صلى الله عليه وسلم هل كان متعبدا بشرع من قبله؟ وفيه بحثان

- ‌(تنبيه)قال المازري والابياري في (شرح البرهان) والإمام في (البرهان): هذه المسألة لا يظهر لها ثمرة في الأصول، ولا في الفروع

- ‌(فائدة)الفترة ثلاثة أقسام:

- ‌(سؤال)قول المنكرين: " لو كان متعبدا بشريعة، لراجع أهل تلك الشريعة

- ‌البحث الثانيقال الرازي: في حاله عليه السلام بعد النبوة

- ‌(تنبيه)

- ‌(قاعدة)الشرائع المتقدمة ثلاثة أقسام:

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: قال الحنفية، وأحمد في إحدى الروايتين، وبعض الشافعية،: إنه متعبد

- ‌(مسألة)قال إمام الحرمين في (البرهان): إذا تعددت أفعاله عليه السلام فقال كثير من أصحابنا، ومال إليه الشافعي: إن المتأخر يتعين، ويكون كالناسخ للمتقدم

- ‌‌‌(مسألة)قال ابن برهان في (الأوسط): إقرار النبي عليه السلام على قول أو فعل، يدل على كونه حقا، ومشروعا

- ‌(مسألة)

- ‌(مسألة)قال ابن برهان: سكوته عليه السلام عما لو ذكره، كان واجبا، يدل على عدم الوجوب

- ‌(مسألة)قال الإمام في (المعالم): إذا شككنا في شيء، هل فعله عليه السلام أم لا

- ‌(مسألة)قال الإمام في (المعالم): إذا نقل غلينا أخبار متعارضة في فعل واحد

- ‌الكلام في الناسخ والمنسوخ

- ‌القسم الأولفي حقيقة النسخ، وفيه مسائل

- ‌(تنبيه)لفظ المصنف وجدته في عدة نسخ:

- ‌المسألة الثانيةقال الرازي: في حد النسخ في اصطلاح العلماء:

- ‌(سؤال)قال في " التلخيص ": إن المفهوم وإن قلنا: إنه دليل لا يجوز التخصص به

- ‌(فائدة)قال الغزالي في (المستصفى): يجوز أن يسمع جبريل عليه السلام الناسخ والمنسوخ في وقت؛ لأنه ليس مكلفا بمقتضى النصين

- ‌(سؤال)بقى على هذا الحد من الأسئلة ما تقدم في تعارض قوله عليه السلام وفعله

- ‌(سؤال)قال النقشواني: أورد عليهم أن الخطاب ناسخ، وليس بنسخ، والتزمه هو، فقال: الناسخ طريق شرعي

- ‌(سؤال)قال النقشواني: ينتقض حده بالشرط الوارد عقيب الجمل الكثيرة، والاستثناء، أو الصفة؛ فإنه طريق شرعي متراخ عن طريق شرعي

- ‌(سؤال)قال: ينتقض بكل خطاب دال على ثبوت الحكم على الأبد

- ‌(تنبيه)أسقط " المنتخب " و " التنقيح " قوله: " فعل الله تعالى " فلم يذكر هذا الاحتراز ألبتة

- ‌المسألة الثالثةقال الرازي: قال القاضي أبو بكر رحمه الله: النسخ رفع، ومعناه: أن خطاب الله تعالى تعلق بالفعل، بحيث لولا طريان الناسخ لبقى

- ‌(فائدة)إلزام الإمام والفقهاء القاضي المحال في العلم والخبر

- ‌(سؤال)قال النقشواني: قوله: " ليس اندفاع الباقي بأولى من طريان الطارئ ". ممنوع

- ‌(تنبيه)قال سراج الدين: " لا نسلم عدم الأولوية؛ إذ العلة التامة لعدم الشيء تنافي وجوده، وبالعكس

- ‌(تنبيه)كلام القاضي في كتبه، والغزالي في (المستصفى) هو ما نقله التبريزي ونحو منه

- ‌(تنبيه)صرح الفقهاء بأن النسخ تخصيص في الازمان

- ‌المسألة الرابعةقال الرازي: النسخ عندنا جائز عقلا، وواقع سمعا؛ خلافا لليهود

- ‌(فائدة)ابو مسلم الاصبهاني، حيث وقع، فهو كنية لا اسم

- ‌(فائدة)رأيت بعض اللغويين ينقل في (بخت نصّر) لغتين (نصَّر) و (نصر) بتشديد الصاد، وتسكينها

- ‌(فائدة)ناظرت بعض اليهود، فقال: كيف تدعون أن شرعنا غير متواتر

- ‌(فائدة)ربما خطر بالبال أن بختنصر كيف يعدم بسببه اليهود، مع تفرقهم في أقطار الأرض، فالعادة تحيل ذلك

- ‌(تنبيه)زاد سراج الدين فقال: على الآية:" ملزومية الشيء لغيره لا تقتضي وقوعه، ولا صحة وقوعه

- ‌المسألة الخامسةقال الرازي: اتفقت الأمة على جواز نسخ القران، وقال ابو مسلم بن بحر الأصفهاني: لا يجوز

- ‌المسألة الخامسةفي جواز نسخ القرآن

- ‌(قاعدة)وقع في القرآن (بين الأيدي)، والمراد به الماضي

- ‌(فائدة)قال (المنتخب): أبو مسلم بن عمر، والذي وجدته في عدة من نسخ (المحصول): ابن بحر، وقاله ابن برهان في كتابه المسمى بـ (الأوسط)

- ‌المسألة السادسةقال الرازي: اختلفوا في نسخ الشيء قبل مضي وقت فعله

- ‌المسالة السادسة(في النسخ قبل مضي الوقت)

- ‌(فائدة)قال الغزالي في (المستصفى): أجابوا عن قضية إبراهيم عليه السلام بخمسة أوجه:

- ‌(تنبيه)قال التبريزي: قولهم: "كان يظن الأمر بالذبح

- ‌(تنبيه)فهرس سيف الدين المسألة فقال: اتفق القائلون بجواز النسخ على جوازه بعد التمكن، واختلفوا قبل دخول الوقت

- ‌المسالة السابعةقال الرازي: يجوز نسخ الشيء، لا إلى بدل؛ خلافًا لقوم

- ‌المسألة الثامنةقال الرازي: يجوز نسخ الشيء إلى ما هو أثقل منه؛ خلافًا لبعض أهل الظاهر

- ‌(فائدة)تعلق المعتزلة بهذه الآية بأن الله تعالى لا يريد لنا إلا الخير والتسهيل والمصالح

- ‌(تنبيه)زاد التبريزي فقال: يجوز النسخ للأثقل

- ‌المسألة التاسعةقال الرازي: يجوز نسخ التلاوة دون الحكم، وبالعكس

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: "لم يخالف في ذلك إلا طائفة شاذة من المعتزلة

- ‌المسألة العاشرةقال الرازي: الخبر: إما أن يكون خبرًا عما لا يجوز تغيره

- ‌المسألة الحادية عشرةقال الرازي: إذا قال الله تعالى: (افعلوا هذا الفعل أبدًا)، يجوز نسخه؛ خلافًا لقوم

- ‌القسم الثانيفي الناسخ والمنسوخ وفيه مسائل

- ‌(قاعدة)يشترط في الناسخ أن يكون مساويًا، أو أقوى، فلذلك ينسخ المتواتر بالمتواتر دون الآحاد

- ‌(قاعدة)إذا دار المصدر بين أن يكون مضافًا للفاعل أو المفعول

- ‌(تنبيه)زاد التبريزي فقال: كل دليل يفيد وجوب العمل به بشرط انتفاء غيره

- ‌المسألة الثانيةقال الرازي: قال الأكثرون: يجوز نسخ الكتاب، ودليله ما ذكرناه في الرد على أبي مسلم الأصفهاني

- ‌(سؤال)قال النقشواني: التوجه للبيت المقدس لم يرد فيه كتاب ولا سنة غير أنا لما أمرنا بالصلاة

- ‌((تنبيه))زاد التبريزي فقال على قوله: "لعله نسخ بقرآن نسخت تلاوته" أن الأدلة لا تندفع بالأوهام والوساس

- ‌المسألة الثالثةقال الرازي: نسخ الكتاب بالسنة المتواترة جائز وواقع، وقال الشافعي رضي الله عنه: لم يقع

- ‌(سؤال)قال النقشواني: لا يستقيم أن آية الحبس منسوخة

- ‌المسألة الرابعةقال الرازي: في كون الإجماع منسوخًا وناسخًا

- ‌(سؤال)منع انعقاد الإجماع في زمانه عليه السلام وجوّز بعد ذلك نسخ القياس في زمانه عليه السلام بالإجماع

- ‌(تنبيه)لم يتعرض سيف الدين لكون الإجماع لا ينعقد في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌المسألة الخامسةقال الرازي: في كون القياس منسوخًا وناسخًا

- ‌(تنبيه)قال سيف الدين: منع الحنابلة، والقاضي عبد الجبار في بعض أقواله بنسخ حكم القياس

- ‌المسألة السادسةقال الرازي: في كون الفحوى منسوخا وناسخا

- ‌القسم الثالثفيما ظن أنه ناسخ، وليس كذلك، وفيه مسائل:

- ‌المسألة الأولىقال الرازي: اتفق العلماء على أن زيادة عبادة على العبادات لا يكون نسخا للعبادات

- ‌(تنبيه)قال التبريزي خلاف ما قال المصنف فقال: قطع يسار السارق في الثانية، ورجله في الثالثة ليس نسخا لآية السرقة

- ‌المسألة الثانيةقال الرازي: لا شك في أن النقصان من العبادة نسخ لما أسقط

- ‌(تنبيه)اختار التبريزي أن نسخ الجزء نسخ للعبادة

- ‌القسم الرابعفي الطريق الذي به يعرف كون الناسخ ناسخًا، والمنسوخ منسوخًا

- ‌(تنبيه)زاد التبريزي فقال: المتقدم الصحبة يفيد التقدم إن قال: سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلا فل

- ‌(مسألة)قال سيف الدين: إذا نسخ حكم أصل القياس هل يبقي حكم الفرع

- ‌(مسألة)قال سيف الدين: لا أعرف خلافًا أن الناسخ إذا كان مع جبريل عليه السلام لم ينزل به للنبي عليه السلام لم يثبت حكمه في حق المكلفين

- ‌(مسألة)

- ‌(مسألة)قال الغزالي في (المستصفى): يجوز نسخ المنطوق باجتهاد النبي عليه السلام وقياسه

- ‌(مسألة)قال الغزالي في (المستصفي): لا يجوز نسخ منطوق النص القاطع بالقياس المعلوم بالظن والاجتهاد، كان جليًا أو خفيًا، خلافًا لمن شذ فقال: ما جاز التخصيص به جاز النسخ به

- ‌(مسألة)قال الشيخ أبو إسحاق في (اللمع): لا يجوز النسخ إلا في التكاليف بما يصح وقوعه على وجهين كالعبادات

- ‌(مسألة)قال الشيخ أبو إسحاق في (اللمع): الصحيح من المذهب جواز النسخ بدليل الخطاب؛ لأنه في معنى النطق

- ‌(مسألة)قال الشيخ المعروف بـ (العالمي) في كتابه: النسخ بالإقرار جائز

- ‌الكلام في الإجماع

- ‌القسم الأولفي أصل الإجماع

- ‌(سؤال)جعل (أجمع) مشتركًا بين العزم والاتفاق

- ‌المسألة الثانيةقال الرازي: من الناس من زعم أن اتفاقهم على الحكم الواحد الذي لا يكون معلومًا بالضرورة محال

- ‌(تنبيه)أكثر الإجماعات، بل الكل إلا اليسير منها جدًا إجماع الصحابة رضوان الله عليهم

- ‌(تنبيه)قال التبريزي: الحجاج أكثر من علماء الأعصار أضعافًا، وهم يجتمعون على كلمة التلبية في يوم واحد

- ‌المسألة الثالثةقال الرازي: إجماع أمة محمد صلى الله عليه وسلم حجة؛ خلافًا للنظام، والشيعة، والخوارج

- ‌(فائدة)

- ‌(فائدة)قلنا: لا نسلم أن اجتماع الأدلة على المدلول الواحد يزيد في غلبة الظن

- ‌(تنبيه)اختلف العلماء في لفظ (غير):

- ‌(تنبيه)غير سراج الدين وزاد، فقال: [إن المعلق بالشرط] إن لم يكن عدمًا عند عدمه حصل الغرض

- ‌المسلك الثانيقال الرازي: التمسك بقوله، عز وجل:} وكذلك جعلناكم أمةً وسطًا؛ لتكونوا شهداء على الناس

- ‌(فائدة)دخل عمر بن عبد العزيز على عبد الملك بن مروان، فقال له: كيف نفقتك في أهلك؟ فقال له: حسنه بين سيئتين يا أمير المؤمنين

- ‌(فائدة)قال النحاة: (وسط) بالفتح: اسم، و (وسط) بالتسكين: ظرف، مثل (بين) مسكن الوسط

- ‌المسلك الثالثقال الرازي: قوله تعالى:} كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر

- ‌(سؤال)قوله: (تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) [

- ‌المسلك الرابعقال الرازي: التمسك بما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن أمته لا تجتمع على خطأ)

- ‌(سؤال)قوله عليه السلام: (لا تزال طائفة من أمتي) ونحوه من النصوص - إن أريد بالأمة - هاهنا - أهل العقد والحل الذين هم مجتهدون، فقد انقطعوا من بعد ثلاثمائة، ولم يبق إلا المقلدون

- ‌المسلك الخامسقال الرازي: دليل العقل: وهو الذي عول عليه إمام الحرمين، رحمه ال

- ‌(سؤال)قوله: (إطباق الجمع العظيم إما أن يكون لدلالة، أو لأمارة):

- ‌(سؤال)قال التبريزي: الاتفاق على العمل بخبر عبد الرحمن، وأمثاله ليس نقضًا على هذه القاعدة

- ‌(سؤال)قال التبريزي: قوله: (دفع الضرر المظنون واجب) - ممنوع من حيث هو ضرر

- ‌المسألة الرابعةقال الرازي: أما الشيعة فقد استدلوا على أن الإجماع حجة؛ بأن زمان التكليف لا يخلو عن الإمام المعصوم

- ‌القسم الثانيقال الرازي: فيما أخرج من الإجماع، وهو منه

- ‌المسألة الأولي: كل مسألةٍ فالحكم فيها: إما أن يكون بالإيجاب الكلي، أو بالسلب الكلي، أو بالإيجاب في البعض، والسلب في البعض

- ‌(تنبيه)قال التبريزي: إجماعهم على عدم حرمان الجد ليس التفاتًا إلى أن القول بأقل ما قيل تمسك بالإجماع

- ‌المسألة الثانيةقال الرازي: الأمة لم تفصل بين مسألتين، فهل لمن بعدهم أن يفصل بينهما

- ‌(تنبيه)قال التبريزي: إن اختلفوا في الحكم وقد جمعهما رابطة تجرى مجرى الحكم كالعمة والخالة تجمعهما رابطة المحرمية، فالأظهر أن الفصل بين القولين خرق للإجماع

- ‌المسألة الثالثةقال الرازي: يجوز حصول الاتفاق بعد الخلافوقال الصيرفي: لا يجوز

- ‌(تنبيه)قال التبريزي: الإجماع الأول لم ينعقد على كون كل واحد من القولين حقًا

- ‌المسألة الرابعةقال الرازي: إذا اتفق أهل العصر الثاني على أحد قولي أهل العصر الأول، كان ذلك إجماعًا، لا تجوز مخالفته

- ‌المسألة الخامسةقال الرازي: أهل العصر، إذا انقسموا إلى قسمين، ثم مات أحد القسمين، صار قول الباقين إجماعًا

- ‌المسألة السادسةقال الرازي: أهل العصر، إذا اختلفوا على قولين، ثم رجعوا إلى أحد ذينك القولين، هل يكون ذلك إجماعًا

- ‌(سؤال)ما الفرق بين هذه المسألة وبين المسألة الثالثة

- ‌المسألة السابعةقال الرازي: انقراض العصر غير معتبرٍ عندنا في الإجماع؛ خلافًا لبعض الفقهاء والمتكلمين، منهم الأستاذ أبو بكر بن فورك

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: القائلون بانقراض العصر اختلفوا في إدخال من أدرك المجمعين

- ‌(فائدة)قال المحدثون: (عبيدة السلماني) من أصحاب علي رضي الله عنه وخواصه

- ‌المسألة الثامنةقال الرازي: اختلفوا في أنا لو جوزنا انعقاد الإجماع عن السكوت، فهل يعتبر فيه الانقراض

- ‌المسألة التاسعةقال الرازي: الإجماع المروى بطريق الآحاد حجة؛ خلافًا لأكثر الناس

- ‌(تنبيه)قال التبريزي على تمسكه: هذا قياس الإجماع، وليس بحجة في الأصول

- ‌القسم الثالثفيما أدخل في الإجماع، وليس منه

- ‌(فائدة)قال القاضي عبد الوهاب المالكي في (الملخص): هذه المسألة فيها أقسام:

- ‌المسألة الثانيةقال الرازي: اختلفوا فيما إذا قال بعض الصحابة قولا، ولم يعرف له مخالف

- ‌المسألة الثالثةقال الرازي: إذا استدل أهل العصر بدليلٍ، أو ذكروا تأويلا، ثم استدل أهل العصر الثاني بدليل آخر، أو ذكروا تأويلا آخر، فقد اتفقوا على أنه لا يجوز إبطال التأويل القديم

- ‌المسألة الرابعةقال الرازي: قال مالك: إجماع أهل المدينة وحدها حجة

- ‌(سؤال)لا دلالة في الحديث؛ لأن الخبث في عرف الشرع هو ما نهي عنه

- ‌(فائدة)قال الغزالي في (المستصفى): قال قوم: إجماع الحرمين: (مكة) و (المدينة)، والمصرين: (الكوفة) و (البصرة) حجة

- ‌المسألة الخامسةقال الرازي: إجماع العترة وحدها ليس بحجةٍ؛ خلافًا للزيدية والإمامية

- ‌(سؤال)تقدم في (باب الأفعال) الكلام على عصمة الأنبياء عليهم السلام وتحقيق معنى العصمة

- ‌(سؤال)إذا تعذر حمل العموم على ظاهره، يحمل على التخصيص

- ‌(سؤال في الآية)إن قوله تعالى:} ليذهب {[الأحزاب:33] لفظ مستقبل لا يختص بزمان

- ‌(سؤال)إذا كان لفظ (الأهل) مشتركًا، فلعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم منه أنه استعمل في مفهوميه، وهو الراجح؛ لأنه جمع بين الأحاديث

- ‌(تنبيه)غير سراج الدين فقال في الجواب: ظاهر الآية يقتضي حصر إرادة إزالة الرجس في أهل البيت، وهو غير مراد

- ‌(فائدة)(عترة الرجل) بالتاء اليابسة: أقاربه الأدنون، وعشيرته الأخصون به

- ‌المسألة السادسةقال الرازي: إجماع الأئمة الأربعة وحدهم ليس بحجةٍ

- ‌المسألة السابعةقال الرازي: إجماع الصحابة مع مخالفة من أدركهم من التابعين ليس بحجةٍ خلافًا لبعضهم

- ‌(سؤال)ما الفرق بين هذه المسألة، وبين مسألة اشتراط انقراض العصر

- ‌(سؤال)على قوله: (رجع ابن عمر لسعيد بن جبير وغيره)، فإنه غير متجه

- ‌المسألة الثامنةقال الرازي: اختلفوا في انعقاد الإجماع، مع مخالفة المخطئين من أهل القبلة في مسائل الأصول

- ‌ القرافي: قوله: (يثبت كفرهم بإجماعنا، وإلا لزم الدور):

- ‌المسألة التاسعةقال الرازي: الإجماع لا يتم مع مخالفة الواحد والاثنين؛ خلافًا لأبي الحسين الخياط من المعتزلة، ومحمد بن جرير الطبري، وأبي بكر الرازي

- ‌القسم الرابعفيما يصدر عنه الإجماع

- ‌ المسألة الأولي: لا يجوز حصول الإجماع إلا عن دلالةٍ، أو أمارةٍ، وقال قوم: يجوز صدوره عن التبخيت

- ‌المسألة الثانيةقال الرازي: القائلون بأنه لا ينعقد الإجماع إلا عن طريق اتفقوا على جواز وقوعه عن الدلالة

- ‌(تنبيه)تقدم أول الكتاب الفرق بين: الدليل، والأمارة، والطريق

- ‌المسألة الثالثةقال الرازي: قال أبو عبد الله البصري: (الإجماع الموافق لمقتضى خبر يدل على أن ذلك الإجماع؛ لأجل ذلك الخبر)

- ‌القسم الخامسفي المجمعين

- ‌المسألة الرابعةقال الرازي: المعتبر بالإجماع في كل فن- أهل الاجتهاد في ذلك الفن، وإن لم يكونوا من أهل الاجتهاد في غيره

- ‌المسألة الخامسةلا يعتبر في المجمعين بلوغهم إلى حد التواتر

- ‌المسألة السادسةإجماع غير الصحابة حجة؛ خلافا لأهل الظاهر

- ‌القسم السادسفيما عليه ينعقد الإجماع

- ‌ المسألة الأولى: كل ما لا يتوقف العلم بكون الإجماع حجة على العلم به أمكن إثباته بالإجماع

- ‌المسألة الثالثةهل يجوز أن تنقسم الأمة إلى قسمين، وأحد القسمين مخطئون في مسألة، والقسم الآخر مخطئون في مسألة أخرى

- ‌المسألة الرابعةلا يجوز اتفاق الأمة على الكفر، وحكي عن قوم: أنه يجوز أن ترتد الأمة

- ‌المسألة الخامسةيجوز اشتراك الأمة في عدم العلم بما لم يكلفوا به

- ‌القسم السابعفي حكم الإجماع

- ‌ المسألة الأولى: جاحد الحكم المجمع عليه لا يكفر؛ خلافا لبعض الفقهاء

- ‌(تنبيه)ليس تكفيره عند من كفره لأجل طعنه على الإجماع بتجويز الخطأ عليهم

- ‌(تنبيه)قال إمام الحرمين في (البرهان): انتشر في لسان الفقهاء أن خارق الإجماع يكفر قال: وهذا باطل قطعا

- ‌المسألة الثانيةقال الرازي: الإجماع الصادر عن الاجتهاد حجة؛ خلافا للحاكم صاحب (المختصر)

- ‌المسألة الثالثةقال الرازي: اختلفوا في أنه، هل يجوز انعقاد الإجماع، بعد إجماع على خلافه

- ‌المسألة الرابعةقال الرازي: إذا أجمعوا على شيء، وعارضه قول الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌(مسألة)قال سيف الدين: اختلفوا هل يكون وجود خبر أو دليل لا معارض له، وتشترك الأمة في عدم العلم به

- ‌(مسألة)قال إمام الحرمين في (البرهان): قال معظم الأصوليين: الورع معتبر في أصل الإجماع

- ‌مسألة"قال إمام الحرمين في "البرهان": اختلف الأصوليون في الإجماع في الأمم السالفة هل كان حجة

- ‌مسألة"قال الغزالي في "المستصفى" قال قوم: إجماع أهل الحرمين: "مكة" و"المدينة"، والمصرين: "الكوفة" و"البصرة" حجة

- ‌مسألة"قال أبو يعلى الحنبلي في "العمدة": المجمع عليه إذا تقدر حاله جاز تركه

- ‌مسألة"قال: القاضي عبد الوهاب المالكي، إذا استدل الإجماع بدليل، هل يجوز أن يستدل على ذلك الحكم بغيره

- ‌الكلام في الأخبار

- ‌أما المقدمة:

- ‌المسألة الأولى: لفظ الخبر حقيقة في القول المخصوص، وقد يستعمل في غير القول

- ‌فائدة"يقول أرباب علم البيان عن هذه المجازات: إخبار بلسان الحال، ويجعلونه قسيما للإخبار عن لسان المقال

- ‌المسألة الثانيةقال الرازي: ذكروا في حده أمورا ثلاثة:

- ‌المسألة الثالثةقيل: لابد في الخبر من الإرادة

- ‌الفائدة"قال سيف الدين: أجاب الجبائي بأنه يفيد صدق أحدهما حال صدق الآخر

- ‌فائدة"ينبغي في حد الخبر أن يقال: هو اللفظان فأكثر أسند بعض مسبباتهما لبعض إسنادا يحتمل التصديق والتكذيب

- ‌فائدة"قال إمام الحرمين في اختصاره "الاقتصاد" للقاضي أبي بكر: ""الواو" في هذا الحد غلط؛ لأنها تشعر بقبول الضدين

- ‌سؤال"قوله: "حقيقة الخبر ضرورية؛ لأن الخبر الخاص ضروري

- ‌سؤال"قال "النقشواني": قد يطلب تعريف الشيء تفصيلا من جميع وجوهه، وقد يطلب تعريفه من وجه

- ‌تنبيه"زاد التبريزي فقال: الصدق والكذب وصفان للخبر لا نوعان

- ‌قاعدة"الحقائق أربعة أقسام:

- ‌المسألة الرابعةقال الرازي: إذا قال القائل: العالم حادث فمدلول هذا الكلام حكمه بثبوت الحدوث للعالم

- ‌تنبيه"غير سراج الدين فقال: "لا يكون الخبر كذبا"، ولم يقل كما قال المصنف: "لا يكون الخبر كذبا

- ‌المسألة الخامسةقال الرازي: اتفق الأكثرون على أن الخبر لابد وأن يكون: إما صدقا، وإما كذبا؛ خلافا للجاحظ

- ‌الباب الأولفي التواتر

- ‌ المسألة الأولى: التواتر في أصل اللغة عبارة عن مجيء الواحد بعد الواحد بفترة بينهما

- ‌القسم الأولفي الخبر المقطوع به

- ‌المسألة الثانيةقال الرازي: أكثر العلماء اتفقوا على أن أمثال هذه الأخبار قد تفيد العلم

- ‌(تنبيه)قال سراج الدين على قوله: (كلامهم لا يستحق الجواب): بل جواب الأمل أن اليقينين يتفاوتان، وجواب الثاني أن ذلك الاحتمال يقين الارتفاع

- ‌المسألة الثالثةقال الرازي: العلم الحاصل عقيب خبر التواتر ضروري؛ وهو قول الجمهور

- ‌(سؤال)قال النقشواني: دعوى المنصف أنه ضروري صحيحة، ودليله ضعيف

- ‌(الفرع)قال سيف الدين: إذا قلنا: يفيد العلم، فاتفقت الأشاعرة والمعتزلة أنه لا يؤكد، خلافا لبعض الناس

- ‌المسألة الرابعةقال الرازي: استدل أبو الحسن البصري على أن خبر أهل التواتر صدق

- ‌(سؤال)إن قول كل واحد لو أفاد العلم اجتمع متواترات لأشكل باجتماع الأدلة اليقينية

- ‌المسألة الخامسةقال الرازي: في شرائط التواتر

- ‌المسألة السابعةفي عدد التواترقوله: (منهم من اعتبر الاثنى عشر):

- ‌(فرع)قال سيف الدين: قال القاضي أبو بكر وأبو الحسين البصري: كل عدد وقع العلم بخبره في واقعة كشخص، لابد وأن يكون مفيدا للعلم في غير تلك الواقعة لغير ذلك الشخص

- ‌(تنبيه)قال التبريزي: لا يعتبر عدد مخصوص، بل التأثير للقرائن التي لا سبيل إلى ضبطها

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: الشرائط المتفق عليها [منها] ما يرجع إلى المخبرين، وهي أربعة:

- ‌المسألة الثامنةخبر التواتر المعنوي

الفصل: ‌المسألة الرابعةقال الرازي: أما الشيعة فقد استدلوا على أن الإجماع حجة؛ بأن زمان التكليف لا يخلو عن الإمام المعصوم

‌المسألة الرابعة

قال الرازي: أما الشيعة فقد استدلوا على أن الإجماع حجة؛ بأن زمان التكليف لا يخلو عن الإمام المعصوم

، ومتى كان كذلك، كان الإجماع حجةً.

بيان الأول يتوقف على إثبات أمرين:

الأول: أنه لابد من الإمام؛ والدليل عليه: أن الإمام لطف، وكل لطف واجب، فالإمام واجب، وإنما قلنا: إن الإمام لطف؛ لأنا نعلم أن الخلق، إذا كان لهم رئيس قاهر يمنعهم عن القبائح، ويحثهم على الواجبات، كان حالهم في الإتيان بالواجب، والاجتناب عن القبيح أتم من حالهم، إذا لم يكن لهم هذا الرئيس، والعلم بذلك بعد استقراء العادة ضروري.

وإنما قلنا: إن اللطف واجب؛ لوجهين:

الأول: أن اللطف كالتمكين؛ في كونه إزاحةً لعذر المكلف، فإذا كان التمكين واجبًا، فكذا اللطف، إنما قلنا: إن اللطف كالتمكين؛ لأنه يثبت في الشاهد أن أحدنا، إذا دعا غيره إلى طعام، وكان غرضه نفع ذلك الغير، وبقي على ذلك الغرض إلى وقت التناول ولم يبدله، وعلم أنه متى تواضع له، فغنه يتناول طعامه، ومتى لم يفعل ذلك، لم يتناوله، فإن تركه التواضع في هذه الحال، يجرى مجرى رد الباب عليه، والعلم به ضروري.

الثاني: أن المكلف، لو لم يجب عليه فعل اللطف، لم يقبح منه فعل المفسدة أيضًا؛ لأنه لا فرق في العقل بين فعل ما يختار المكلف عنده القبيح، وبين ترك ما يخل المكلف عنده بالواجب.

ص: 2635

فثبت أن اللطف واجب، وثبت أنه لابد في زمان التكليف من الإمام.

الثاني: أن ذلك الإمام يجب أن يكون معصومًا، والدليل عليه أنه إنما احتاج الخلق إلى الإمام؛ لصحة القبيح عليهم، فلو تحققت هذه الصحة في الإمام، لافتقر الإمام إلى إمامٍ آخر، ولزم التسلسل، وهو محال.

فثبت أنه يجب أن يكون معصومًا، وثبت أنه لابد في زمان التكليف من إمام معصومٍ، وإذا ثبت هذا، وجب كون الإجماع حجةً؛ لأنه مهما اتفق العلماء على حكمٍ، فلابد، وأن يوجد في أثناء قولهم قول ذلك المعصوم؛ لأنه أحد العلماء، بل هو سيدهم وإلا لم يكن ذلك قولا لكل الأمة، وقول المعصوم حق، فإذن: إجماع الأمة يكشف عن قول المعصوم الذي هو حق؛ فلا جرم؛ قلنا: الإجماع حجة.

والسؤال عليه: أنا لا نسلم أنه لابد من إمامٍ، ولا نسلم أنه لفظ، ولا نسلم أن الخلق، إذا كان لهم رئيس يمنعهم عن القبائح، ويحثهم على الطاعات، كانوا أقرب إليها مما إذا لم يكن لهم هذا الرئيس.

بيانه: أنكم تزعمون أن الله عز وجل ما أخلى العالم قط من رئيسٍ، فقولكم:(وجدنا، متى خلا عن الرئيس، حصلت المفاسد) باطل؛ لأنكم إذا لم تجدوا العالم خاليًا عنه قط، فكيف يمكنكم أن تقولوا: إنا وجدنا العالم، متى خلا عن الإمام، حصلت المفاسد؟ بل الذي جربناه أنه متى كان الإمام في الخوف والتقية، حصلت المفاسد؛ لكنكم لا توجبون ظهوره وقوته، فالذي

ص: 2636

تريدونه من أن ظهور المفسدة عند عدمه أزيد مما وجدتموه عند خوفه وتستره - شيء ما جربتموه، والذي جربتموه وهو ظهور المفسدة عند ضعفه وخوفه، فأنتم لا تقولون به؛ فظهر فساد قولكم.

سلمنا إمكان هذه التجربة؛ لكنا نقول: تدعون اندفاع هذه المفاسد بوجود الرئيس - كيف كان - أو بوجود الرئيس القاهر؟

الأول ممنوع؛ فلابد من الدلالة، واستقراء العرف لا يشهد لهم ألبتة؛ لأن الخلق إنما ينزجرون من السلطان القاهر، فأما السلطان الضعيف، فلا، بل الشخص الذي لا يرى، ولا يعرف، ولا يظهر منه في الدنيا أثر، ولا خبر، فإنه لا يحصل بسببه انزجار عن القبائح، ولا رغبة في الطاعات؛ فلم قلتم: إن مثل هذا الإمام يكون لطفًا؟.

وإن أردتم الثاني، فهو مسلم؛ لكنكم لا توجبونه.

فالحاصل: أن الذي عرف بالاستقراء كونه لطفًا، أنتم لا توجبونه، والذي توجبونه، لا يعرف بالاستقراء كونه لطفًا.

فإن قلت: نحن الآن في إثبات وجوب أصل الإمام، فأما البحث عن كيفية، فذاك يتعلق بالفضل، ونحن الآن لا نتكلم فيه.

ثم السبب في تستره ظاهر، وهو أن الإمام، لو أزيل عنه الخوف، لظهر، ولزجر الناس عن القبائح، ورغبهم في الطاعات، فحيث أخافوه، كان الذنب من قبلهم.

قلت: إنكم ادعيتم وجوب نصب الإمام، كيف كان، سواء كان ظاهرًا، أو

ص: 2637

مخفيًا، ودللتم على وجوبه بكونه لطفًا، ودللتم على كونه لطفًا بتفاوت حال الخلق معه في الطاعات والمعاصي، فلابد من إثبات هذه المقدمة عند وجود الإمام؛ كيف كان الإمام حتى يمكن الاستدلال به على وجود الإمام، كيف كان ونحن نمنع ذلك؛ فإن تمسكتم باستقراء أحوال العالم:

قلنا: ذلك التفاوت إنما يحصل من الإمام القاهر، وأنت محتاج إلى بيان حصول التفاوت من وجود الإمام، كيف كان، فما لم تشتغلوا بإثبات هذه المقدمة، لا يتم دليلكم، فأي نفعٍ لكن هاهنا في أن تذكروا السبب في غيبته وخوفه؟

سلمنا: أن نصب الإمام يقتضي تفاوت حال الخلق، من الوجه الذي ذكرتموه، لكنه متى يجب نصبه؟! إذا خلال عن جميع جهات القبح، أو إذا لم يخل؟

الأول: مسلم؛ ولكن دليلكم لا يتم إلا إذا أقمتم الدلالة على خلوه عن جميع جهات المفسدة، وأنتم ما فعلتم ذلك.

والثاني: ممنوع؛ لأن بتقدير اشتماله على جهة واحدة من جهات القبح لا يجوز نصبه؛ لأنه يكفي في كون الشيء قبيحًا اشتماله على جهة من جهات القبح، ولا يكفي في حسنه اشتماله على جهةٍ واحدةٍ من جهات الحسن، ما لم يعرف انفكاكه عن كل جهات القبح.

فإن قلت: ما ذكرته مدفوع من أربعة أوجهٍ:

أحدها: أنه لو جاز القدح في كون الإمام لطفًا بما ذكرته، جاز القدح في كون معرفة الله تعالى لطفًا بذلك؛ لأن الذي يمكننا في بيان أن معرفة الله تعالى لطف هو أنها باعثة على أداء الواجبات، والاحتراز عن القبائح العقلية.

ص: 2638

فأما بيان خلوها عن جميع جهات القبح، فمما لم يوجبه أحد، فلو قدح هذا في كون الإمامة لطفًا، لقدح في كون معرفة الله تعالى لطفًا.

وثانيها: أن ما ذكرته يفضي إلى تعذر القطع بوجوب شيء على الله تعالى؛ لكونه لطفًا؛ لأنه لا شيء يدعى كونه لطفًا إلا، والاحتمال المذكور قائم فيه.

وثالثها: أنه لا دليل على اشتمال الإمامة على جهة قبحٍ، وما لا دليل عليه، وجب نفيه.

ورابعها: أن جهات القبح محصورة، وهي: كون الفعل كذبًا، وظلمًا، وجهلا، وغيرها من الجهات، وهي بأسرها زائلة عن الإمامة؛ فوجب القطع بنفي اشتمالها على جهةٍ من جهات القبح.

قلنا: أما الأول فغير لازمٍ؛ لأن هذا الاحتمال الذي ذكرناه في الإمامة، إن كان بعينه قائمًا في المعرفة من غير فرقٍ، وجب الجواب عنه في الموضعين، ولا يلزم من تعذر الجواب عنه في الصورتين الحكم بسقوطه من غير جوابٍ.

وإن حصل الفرق بين الصورتين، بطل ما ذكرتموه.

ثم إن الفرق أن معرفة الله، عز وجلن من الألطاف التي يجب علينا فعلها، فإذا علمنا اشتمال المعرفة على جهة مصلحة، ولم نعلم اشتمالها على جهة مفسدة، غلب على ظننا كونها لطفًا، والظن في حقنًا قائم مقام العلم، في اقتضاء العمل؛ فإنه كما يقبح الجلوس تحت الجدار المائل الذي يعلم سقوطه، كذلك يقبح إذا ظن ذلك؛ فلا جرم وجب علينا فعل المعرفة.

أما الإمامة: فهي من الألطاف التي توجبونها على الله عز وجل ولا يكفي

ص: 2639

في الإيجاب على الله تعالى ظن كونها لطفًا؛ لأنه، عز وجل، عالم بجميع المعلومات، فما لم يثبت خلو الفعل عن جميع جهات القبح لا يمكن إيجابه على الله، عز وجل، فظهر الفرق.

وعن الثاني: أنا لا نقول في فعلٍ معينٍ: إنه لطف، فيكون واجبًا على الله، عز وجل؛ لأن الاحتمال المذكور قائم فيه؛ بل نقول: الذي يكون لطفًا في نفسه، فإنه يجب فعله على الله عز وجل وذلك لا يقدح فيه الاحتمال المذكور.

وعن الثالث: أن نقول: ما المراد من قولك: (ما لا دليل عليه، وجب نفيه)؟.

إن عنيت به: أن ما لا يعلم عليه دليل، وجب نفيه، فهذا باطل؛ وإلا وجب على العوام نفي أكثر الأشياء؛ لعدم علمهم بأدلتها، وإن عنيت: أن ما لا يوجد دليل عليه في نفس الأمر، وجب نفيه، فهذا أيضًا ممنوع، وبتقدير التسليم؛ لكن لا نسلم أنه لم يوجد عليه دليل، فعله وجد، وأنتم لا تعلمونه!!

فإن قلت: (سبرت، وبحثت؛ فما وجدت):

قلت: أقم الدلالة على أن عدم الوجدان يدل على عدم الوجود.

وعن الرابع: أن صوم أول يوم من شوالٍ لم يشتمل على كونه ظلمًا، وجهلا، وكذبًا، مع أنه قبيح، فجوز هاهنا مثله، وبالجملة، فالتقسيم الذي يكون حجةً هو المنحصر، أما غيره فلا.

سلمنا أنه لابد في القدح في كونه لطفًا، من تعيين جهة المفسدة؛ لكن هاهنا جهتان:

إحداهما: أن نصب الإمام يقتضي كون المكلف تاركًا للقبيح، لا لكونه قبيحًا؛

ص: 2640

بل للخوف من الإمام، وأما عند عدم الإمام، فالمكلف إنما يتركه؛ لقبحه، لا للخوف من الإمام.

فإن قلت: هذا باطل بترتب العقاب على فعل القبيح؛ فإنه يقتضي أن يكون المكلف تاركًا للقبيح، لا لقبحه، بل للخوف من العقاب.

قلت: أنا سائل، فيكفيني أن أقول: لم لا يجوز أن تكون هذه الجهة مفسدةً مانعةً؟ وعليك الدلالة على أنها ليست كذلك.

ولا يلزم من قولنا: (ترتيب العقاب عليه لا يقتضي هذه الجهة من المفسدة) أن يكون نصب الإمام غير مقتضٍ لها؛ لاحتمال أن يكون حال كل واحدةٍ منهما بخلاف حال الآخر.

والذي يحقق ذلك أن ترتيب العقاب على فعل القبيح لا يعلم إلا بالشرع، فقبل ورود الشرع يجوز أن تكون فيه مفسدة من هذه الجهة، فلما ورد الشرع به، علمنا أنه لا مفسدة فيه من هذه الجهة؛ لأن الشرع لا يأتي بالمفسدة، فنظيره في مسألتنا أن تقولوا: يجوز قبل ورود الشرع أن يكون نصب الإمام مفسدةً من هذه الجهة، فلما ورد الشرع به، علمنا أنه لم يكن مفسدةً من هذه الجهة؛ لكن على هذا التقدير يصير وجوب الإمامة شرعيا.

وثانيهما: أن يقال: فعل الطاعة، وترك المعصية عند عدم الإمام أشق منهما عند وجوده، فيكون نصب الإمام سببًا لنقصان الثواب من هذا الوجه، وبتقدير هذا الاحتمال، فلا نسلم أنه يحسن نصب الإمام، فضلا عن وجوبه.

سلمنا أن الإمام لطف؛ لكن في كل الأزمنة، أو في بعشها؟ الأول ممنوع، والثاني مسلم.

ص: 2641

بيانه: أن من الجائز أن يتفق في بعض الأزمنة وجود قوم يستنكفون عن طاعة الغير، ويعلم الله تعالى منهم أنه متى نصب لهم رئيسًا، قصدوه بالقتل، وإثارة الفتن العظيمة، وإذا لم ينصب لهم رئيسًا، فإنهم لا يقدمون على القبائح، ولا يتركون الواجبات، فيكون نصب الرئيس في ذلك الوقت مفسدةً، ثم هذا، وإن كان نادرًا، إلا أنه لا زمان إلا ويجوز أن يكون هو ذلك الزمان النادر؛ وحينئذٍ لا يمكن الجزم بوجوب نصب الإمام في شيءٍ من الأزمنة.

فإن قلت: هذا مدفوع من وجهين:

الأول: أن الاستنكاف إنما يكون عن الرئيس المعين، وليس الكلام الآن فيه، بل في مطلق الرئيس.

الثاني: أن هذه مفسدة نادرة، والمفاسد الحاصلة عند عدم الإمام غالبة، وإذا تعارض الغالب والنادر، كان الغالب أولى بالدفع.

قلت: الجواب عن الأول: أنه كما يتفق الاستنكاف عن طاعة رئيسٍ معين، فقد يتفق الاستنكاف عن طاعة مطلق الرئيس، وأيضًا: فإذا سلمتم أن الاستنكاف قد يقع عن طاعة الرئيس المعين، فيكون نصب ذلك المعين مفسدةً، ثم إذا لم يمكن تحصيل المطلق، إلا في ذلك المعين، كما هو قولكم في الإمامة في أشخاص معينين، كان ذلك المطلق أيضًا مفسدةً.

وعن الثاني: هب أن الزمان الذي يقع فيه ذلك الاحتمال نادر، إلا أن كل زمانٍ، لما احتمل أن يكون هو ذلك النادر، لم يمكنا القطع بوجوب نصبه في شيءٍ من الأزمنة.

ص: 2642

سلمنا أن الإمامة لطف في كل الأزمنة؛ لكنها لطف يقوم غيرها مقامها، أو لا يقوم؟

الأول: مسلم؛ ولكن لما قام غيرها مقامها، لم يمكن الجزم بوجوبها على التعين.

والثاني ممنوع، فلابد من الدلالة عليه.

ثم إنا نبين إمكان البدل على الإجمال؛ تبرعًا؛ فنقول: إنكم توجبون عصمة الإمام، وليست عصمة الإمام بإمامٍ آخر معصومٍ، وإلا وقع التسلسل.

فإذن: له شيء سوى الإمام وقع لطفًا في الاحتراز عن القبائح، وأداء الواجبات.

وإذا ثبت ذلك في الجملة، فلم لا يجوز أن يحصل للأمة لطف قائم مقام الإمام؟ وحينئذٍ لا يكون نصب الإمام واجبًا عينًا.

سلمنا كون الإمام لطفًا على التعين؛ لكن في المصالح الدنيوية، أو الدينية؟

الأول مسلم، والثاني ممنوع.

بيانه: أن ما ذكرتموه من منفعة وجود الإمام ليس إلا في حصول نظام العالم، واندفاع الهرج والمرج، وذلك كله مصلحة دنيوية، وتحصيل الأصلح في الدنيا غير واجب على الله تعالى، فما يكون لطفًا فيه أولى ألا يجب.

أو في إقامة الصلوات، وأخذ الزكوات، وذلك كله مصالح شرعية، فما يكون لطفًا فيه، لا يجب وجوده عقلا، وإن ادعيتم كونه لطفًا في شيءٍ آخر وراء ذلك، فهو ممنوع.

ص: 2643

فإن قلت: الإمام لطف في المصالح الدينية العقلية؛ لأنه إذا زجرهم عن القبائح، وأمرهم بالواجبات العقلية مرةً بعد أخرى، تمرنت نفوسهم عليها، وإذا تمرنت نفوسهم عليها، تركوا القبائح؛ لقبحها، وأتوا بالواجبات؛ لوجه وجوبها، وذلك مصلحة دينية.

قلت: لا نسلم تفاوت حال الخلق بسبب وجود الإمام في هذا المعنى؛ فإن بوجود الإمام ربما وقعت أحوال القلوب؛ على ما ذكرتموه، وربما صارت بالضد من ذلك؛ لأنهم إذا أبغضوه بقلوبهم، وعاندته نفوسهم، ازدادت المفسدة، وربما أقدموا على الأفعال والتروك؛ لمحض الخوف منه.

وبالجملة: فالتفاوت الحاصل في أحوال الخلق، إنما يظهر فيما عددناه من المصالح الدنيوية، أو فيما عددناه من المصالح الشرعية.

فأما فيما تعدونه من المصالح الدينية العقلية فهذا التفاوت ممنوع فيه، فإن الاحتمالات متعارضة فيها.

سلمنا أنه لفظ؛ فلم قلت: إن كل لطف واجب؟

قوله في الوجه الأول: (فعل اللطف جار مجرى التمكين):

قلنا: هذا قياس، وقد بينا أنه لا يفيد اليقين، ثم نقول: لا نسلم أن فعل اللطف جارٍ مجرى التمكين.

قوله: (من قدم الطعام إلى إنسان، وأراد منه تناوله .....) إلى آخره:

قلنا: لا نسلم أن ترك التواضع في تلك الحالة يقدح في تلك الإرادة على الإطلاق.

ص: 2644

بيانه: أن الإرادات مختلفة، فقد يريد الإنسان من غيره أن يتناول طعامه إرادةً في الغاية، حتى يقرر مع نفسه أنه يفعل كل ما يعلم أن ذلك الضيف لا يتناول طعامه إلا عند فعله.

وقد تكون الإرادة لا إلى ذلك الحد؛ كمن يقول: (أريد أن تأكل طعامي؛ لكن لا إلى حيث إنك لو لم تأكل طعامي، إلا عند تقبيلي رجلك، فعلته، بل إرادةً دون ذلك).

إذا ثبت هذا، فنقول: إلاراد: إن كانت على الوجه الأول، كان ترك التواضع قادحًا في تحققها؛ لكن لو كانت على الوجه الثاني، لم يلزم من عدم التواضع عدمها.

إذا ثبت هذا، فتقول: لم قلت: إن الله، عز وجل، أراد من المكلفين فعل الطاعات، والاجتناب عن القبائح إرادةً على الوجه؛ حتى يلزمه فعل اللطف؟.

بيانه: أن التكليف تفضل وإحسان، والمتفضل لا يجب عليه أن يأتي بجميع مراتب التفضل.

قوله في الوجه الثاني: (إن ترك اللطف كفعل المفسدة).

قلنا: إنه قياس؛ فلا يفيد اليقين؛ لاحتمال أن ما به وقع التغاير يكون شرطًا، أو مانعًا.

ثم نقول: الفرق أن فعل المفسدة إضرار، وترك اللطف ترك للإنفاع، وليس يلزم من قبح الإضرار قبح ترك الإنفاع؛ فإنه يقبح منا الإضرار بالغير، ولا يقبح ترك إنفاعه.

ص: 2645

سلمنا أنه يجب فعل اللطف؛ لكن يجب فعل اللطف المحصل، أو فعل اللطف المقرب؟.

الأول مسلم، والثاني ممنوع؛ فلم قلتم: إن الإمام لطف محصل؟.

بيانه: أنه لا يمكن القطع بأنه عند وجود الإمام يقدم الإنسان على الطاعة، ويحترز عن المعصية لا محالة؛ بل الذي يمكن ادعاؤه: أن الإنسان عند وجود الإمام يكون أقرب إلى الطاعة، وأبعد عن المعصية؛ فيكون الإمام لطفًا مقربًا.

وإذا كان كذلك؛ فلم قلت بوجوبه على الله تعالى؟ وخرج على هذه المسألة مسألة الضيف؛ فإن المضيف إنما يجب عليه التواضع للضيف، إذا علم أنه لو تواضع له، لأجابه إلى المقصود، أو ظن ذلك؟ فأما إذا علم قطعًا أنه لا يجيب به إليه، فلا نسلم أنه يحسن منه فعل ذلك التواضع، فضلا عن الوجوب.

وعلى هذا: لا يبعد أن يوجد زمان علم الله أن نصب الإمام في ذلك الزمان لا يكون لهم لطفًا محصلا؛ فلم قلت: يجب على الله عز وجل نصب الإمام في ذلك الزمان؟.

سلمنا أن اللطف واجب مطلقًا؛ لكن متى؟ إذا أمكن فعله، أو إذا لم يمكن؟ الأول مسلم، والثاني ممنوع.

بيانه: إذا علم الله، عز وجل، أن كل من خلقه في ذلك الزمان، فإنه يكون كافرًا؛ أو فاسقًا، فحينئذ لا يكون خلق المعصوم في ذلك الزمان مقدورًا له، وإذا كان كذلك، فلم قلت:(إنه لا يحسن التكليف في هذه الحالة) وإذا حسن هذا التكليف، جوزنا في كل زمانٍ أن يكون هو ذلك الزمان؛ فلا يمكننا القطع بوجوب الإمام في شيءٍ من الأزمنة.

ص: 2646

وخرج عليه مسألة الضيف؛ فإن هناك إنما يجب عليه التواضع، إذا كان ذلك التواضع مقدورًا له، فأما إذا لم يكن مقدورًا له، لم يتوقف التماس المضيف تناول الطعام على فعل التواضع، بل حسن ذلك الالتماس بدون التواضع.

سلمنا كل ما ذكرتموه؛ ولكنه بناء على التحسين والتقبيح العقليين، وإنه باطل؛ على ما ثبت في الكتب الكلامية، فهذا هو الاعتراض على مقدمات دليلهم على الترتيب.

ثم نقول: دليلكم منقوض بصورٍ:

إحداها: أنه لو كان القضاة والأمراء والجيوش معصومين، لكان حال الخلق في الاجتناب عن القبائح أقرب مما إذا لم يكن كذلك.

وثانيتها: أنه لو وجد في كل بلدٍ إمام معصوم.

وثالثتها: لو كان الإمام عالمًا بالغيوب، وقادرًا على التصرف في الشرق والغرب، والسماء والأرض.

ورابعتها: لو كان بحيث لو شاء، لاختفى عن الأعين، ولطار مع الملائكة، فإن خوف المكلفين هاهنا يشتد منه؛ لأن كل أحدٍ يقول:(لعله معي، وإن كنت لا أراه) فكان انزجاره عن القبيح أشد.

ولا خلاص عن هذه الإلزامات، إلا بأحد أمرين:

الأول: أن يقال: إن هذه الأشياء، وإن حصلت فيها هذه المنافع، لكن علم الله - تعالى - فيها وجه مفسدةٍ، لا نعلمه نحن؛ ولذلك لم يجب على الله تعالى فعلها.

ص: 2647

الثاني: أن يقال: إنها، وإن كانت خاليةً عن جميع جهات المفسدة، لكن لا يجب على الله تعالى فعلها، ثم إن كل واحدٍ من هذين الاحتمالين قائم فيما ذكروه؛ فيبطل به أصل دليلهم.

سلمنا أنه لابد من الإمام؛ فلم قلت: إنه معصوم؟.

قوله: (ولو لم يكن معصومًا، لافتقر إلى لطفٍ آخر).

قلنا: نعم؛ لكن لم لا يجوز أن يكون ذلك اللطف هو الأمة؟.

فإنا قبل قيام الدلالة على أن الإجماع حجةٌ، نجوز كونه حجةً، وذلك التجويز يكفينا في ذلك المقام؛ لأنهم هم المستدلون؛ فيكفينا أن نقول: لم لا يجوز أن يكون الإمام لطفًا لكل واحدٍ من آحاد الأمة، ويكون مجموع الأمة لطفًا للإمام؟ فعليهم إقامة الدليل على أنه لا يجوز أن يكون مجموع الأمة معصومًا.

ومعلوم أنه لا يكفي في ذلك قدحهم في أدلتنا على أن الإجماع حجة.

سلمنا كونه معصومًا؛ فلم قلت: إن الإجماع يشتمل على قوله؟

وتقريره ما بيناه في أول الباب: أن العلم باتفاق كل الناس بحيث يقطع بأنه لم يشذ واحد منهم في الشرق والغرب - متعذر لا سبيل إليه.

سلمنا وجود قوله؛ لكن لا نسلم أن قوله صواب؛ لأن عندهم يجوز أن يفتي الإمام بالكفر، والبدعة؛ على سبيل التقية والخوف، ويحلف بالله تعالى، والأيمان التي لا مخرج منها: أن الأمر كذلك، وإذا كان كذلك، فلعله لما رأي أهل العالم متفقين على ذلك القول، خاف من مخالفتهم، فأظهر الموافقة على ذلك الباطل.

ص: 2648

كيف، وعندهم: قد أظهر علي بن أبي طالبٍ، رضي الله عنه، مع جميع رهط الهاشميين، والأمويين، والأنصار التقية؛ خوفًا من أبي بكرٍ، ومن عمر، رضي الله عنهما، مع قلة أنصارهما، وأعوانهما، فإذا جاز الخوف، والتقية في هذه الصورة، فكيف لا يخاف الرجل الواحد جميع أهل العالم عند اتفاقهم على الباطل؟

سلمنا أنه أفتى به عن اعتقاد؛ فلم لا يجوز أن يكون ذلك خطأ من باب الصغائر، وعند ذلك يحتاجون إلى إقامة الدلالة على أنه لا تجوز الصغيرة على الأئمة، فإن عولوا فيه على حديث التنفير فهو ضعيف؛ لأن العجز الشديد، والفتوى بالكفر، والفسق، وإباحة الدماء، والفروج، مع الأيمان الغليظة - أدخل في باب التنفير من وقوع الصغيرة، فإذا جاز ألا يكون منزهًا عنه؛ فلم لا يجوز أن يكون منزهًا عن الصغيرة؟

فهذا ما على هذه الطريقة من الاعتراضات، ومن أحاط بها، تمكن من القدح في جميع مذاهب الشيعة أصولا وفروعًا؛ لأن أصولهم في الإمامة مبنية على هذه القاعدة، ومذاهبهم في فروع الشريعة مبنية على التمسك بهذا الإجماع، والله أعلم.

المسألة الرابعة

قال القرافي: قوله: (لا فرق في العقل بين عدم فعل اللطف وبين فعل المفسدة).

قلنا: لا نسلم، بل العقلاء أجمعون يفرقون بين من لم يعطهم ماله وبين من سبهم فإنهم لا يتأذون من الأول، ويتأذون من الثاني.

قوله: (يكفي في قبح الفعل اشتماله على جهة واحدة من جهات القبح):

ص: 2649

قلنا: لا نسلم، بل القبح لا يثبت إلا للمفسدة الخالصة، أو الراجحة.

أما المفسدة المرجوحة فلا، وكذلك الجهاد ليس بقبيح مع اشتماله على مفسدة ذهاب النفوس والأموال، وأذيته للأولياء، وشماتة الأعداء على تقدير الموت، وعدم النصر، ونظائره كثيرة، بل الصلاة كبيرة إلا على الخاشعين.

والصوم فيه ترك اللذات، وغير ذلك من النظائر مما لا يحصي كثرةً.

* * *

ص: 2650