الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعلى هذا يندفع السؤال.
قال إمام الحرمين في (البرهان): إن كان مستند الإجماع قطعيًا، فلا نشترط انقراض العصر، أو ظنيًا فلا ينبرم الإجماع حتى يطول الزمان مع اسمرارهم على الفكر، ولم ينقدح لواحد منهم خلاف، فهذا حينئذ يلتحق بالإجماع، مع أن العادة تحيل أن الظنون لا تتعين مع طول الزمان، غير أنه إذا وقع كان إجماعًا، فإن ماتوا على الفور بأن وقع عليهم سقف ونحوه، لم يكن إجماعًا.
(فائدة)
قال المحدثون: (عبيدة السلماني) من أصحاب علي رضي الله عنه وخواصه
، وهو بفتح العين المهملة وكسر الباء بواحدة من تحتها، وبعدها ياء باثنتين من تحتها قبلها كسرة تحت الياء، ودال مفتوحة، والسلماني: بتشديد السين المهملة وفتحها، وسكون اللام، وفتح الميم، ونون مكسورة وياء مشددة.
قال السمعاني في (كتابة ذلك) قال: ومن المحدثين من يفتح اللام و (سلمان): بطن من (مراد)، والمنسوب إليه اسمه: سلمان، وفتح اللام غير صواب.
قوله: (دل قول عبيدة على أن الإجماع كان حاصلا مع أن عليًا رضي الله عنه خالفه).
قلنا: لفظ الجماعة لا يقتضي الإجماع، فقد قال عليه السلام:(الاثنان فما فوقهما جماعة)؛ ولأنها من الجمع والضم، فيكفي فيه اثنان.
قوله: (كان الصديق رضي الله عنه يرى التسوية في القسم):
تقريره: أن الظاهر أن مراده بالقسم قسم أموال بيت المال.
وكذلك فسره البريزي، فإنه كان يسوى بين أهل الفضائل وغيرهم في القسم، ويقول: سابقة الإسلام وغيرها من الفضائل لها أجور ودرجات عند الله - تعالى - تقابلها، والدنيا ليست جزاء على ذلك، بل هي لسد الخلة وعبور الحياة، وكان يفرق بحسب الحاجة فقط.
وكان عمر رضي الله عنه يقدم أهل الفضائل على غيرهم ترغيبًا فيها؛ لأن النفوس جبلت على الاستكثار فيما يظهر لهم جدواه، والإقبال عليه من ولاة الأمور.
قوله: (الناس ما داموا في الحياة يكونون في الفحص والنظر):
قلنا: لا نسلم أنه يمكن النظر بعد الإجماع؛ لتعين الحق حينئذ، فلا معني للنظر بعد ذلك.
قوله: (ورابعها: قوله تعالى:} لتكونوا شهداء على الناس {[البقرة:143]، ومذهبكم يقتضي أنهم يكونون شهداء على أنفسهم أيضًا):
قلنا: معنى قوله تعالى:} شهداء على الناس {أي: على الأمم يوم القيامة، كما جاء في الصحيح: إن نوحًا عليه السلام تجحده أمته البعثة إليهم، فيقول الله تعالى: هل لك من يشهد لك؟ فيأتي إلى هذه الملة
المحمدية، فيشهدون له، فتقول أمته: كيف يشهدون علينا وما رأونا؟ فتقول هذه الأمة: يا ربنا أنزلت علينا:} إنا أرسلنا نوحًا إلى قومه {[نوح:1]، فتتم شهادتهم عليهم)، وليس المراد كون الإجماع حجة، فلا تناقض بين شهادتهم وهذه المسألة.
قول: (قول المجمعين لا يزيد على قول النبي صلى الله عليه وسلم - وإذا كانت وفاته عليه السلام شرطًا في استقرار الحجة في قوله، فلأن يصير ذلك في قول أهل الإجماع أولى):
قلنا: الفرق أن قوله عليه السلام قابل النسخ، والإجماع لا يقبله.
قوله: (إنه جمع بين الموضعين من غير دليل):
قلنا: لا نسلم، بل الجامع بينهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - معصوم، والإجماع معصوم، فالجامع العصمة، وعصمة الأنبياء مقدمة لاتفاق الأمة عليها في الجملة، بخلاف الإجماع؛ ولأن جميع الأنبياء معصومون، ولم يُعصم من الأمم إلا هذه الأمة؛ ولأن قول النبي صلى الله عليه وسلم - أصل الإجماع في عصمتها، ودليلها والأصول أقوى من الفروع.
فهذا تقرير كون قول الرسول عليه السلام أولى.
* * *