الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
قاعدة"
الحقائق أربعة أقسام:
متعددة في الذهن والخارج نحو: زيد وعمرو.
ومتحدة فيهما نحو: زيد زيد، فإن الصورة في الذهن واحدة، وهو لا يغاير نفسه لا في الذهن، ولا في الخارج.
ومتعددة في الذهن دون الخارج كقولنا: السواد عرض، والإنسان حيوان، فإن صورة الأعم في الذهن غير صورة الأخص، وهما في الخارج حقيقة واحدة.
ومتعددة في الخارج متحدة في الذهن، وهذا لا يقع إلا غلطا وجهلا، نحو: اعتقاد النصارى أن الثلاثة المتغايرة في الخارج إله واحد.
إذا تقررت الأقسام فنقول: أما القسم الأول: فلا يصح الحكم فيه، ولا تحصل الفائدة؛ لأنه كذب إلا أن يتخيل بينهما صفة عامة، وهي المماثلة في معنى، كقولنا: أبو يوسف أبو حنيفة، أي: مثله في الفقه ونحوه.
وأما القسم الثاني، فيصح الحكم فيه؛ لوجوب ثبوت الشيء لنفسه، وتعدم الفائدة؛ لأنا لم نستفد باللفظ الثاني غير ما استفدناه من اللفظ الأول.
والقسم الثالث فيه الحكم صحيح لوقوع الاتحاد في الخارج، وحصلت الفائدة لأجل التغاير في الذهن، كأنا قبلنا هذه الصورة الذهنية مع هذه الصورة الذهنية الأخرى واحدة في الخارج، والأعم ثابت للأخص في الخارج، ومتحد به، فيتقرر من هذا أن الاتحاد في الخارج شرط صحة الحكم، والتعدد الذهني شرط حصول الفائدة، فإن حصل الشرطان حصل الحكم والفائدة، وإن انتفى الشرطان انتفى الحكم والفائدة، وإن حل الاتحاد
الخارجي فقط صح الحكم فقط، وإن حصل التعدد الذهني فقط انتفت الفائدة لانتفاء الحكم لأجل التعدد في الخارج.
فهذه القاعدة هي سر جميع القضايا، وعلى هذا نجيب عن السؤال بأنه عينه باعتبار الخارج، ولا يكون كـ "زيد زيد"؛ لأن زيدا زيدا متحد فيهما، أو يلتزم انه غيره، ولا يلتزم الكذب، وعدم الفائدة لحصول الاتحاد في الخارج يخالف زيد عمرو، وبهذه القاعدة يظهر أنه لابد من إضمار في قولنا:"اللهم أنت"، فيضمر في الثاني صفة تقديره: أنت أنت المعروف بصفات الكمال، يا من هو هو، وكذلك قال النحاة في قوله [الرجز]:
أنا أبو النجم وشعري شعري
أي: شعري شعري المعروف.
وبهذه القاعدة يظهر تقرير أكثر كلام التبريزي.
وقوله: (لو اعتبرنا قاعدة الأحوال لم يندفع الإشكال":
يريد بالأحوال العموم ولخصوص؛ فإن الأمر العام حالة ذهنية اعتبارية في كل معين في الخارج؛ وبسط الأحوال في علم الكلام، وأظن أني قدمن منه جملة كثيرة في الشرح، وأنها قسمان: معللة كأحكام المعاني نحو: العالمية
والقادرية، وغير معللة نحو: كون السواد سوادا، والبياض بياضا، والجوهر جوهرا، فيطالع في موضعه لئلا نخرج عن المقصود.
قوله: "قولنا: الحيوان الناطق لا يتضمن نفيا ولا إثباتا".
قلنا: لا نسلم، بل من وصف شيئا بشيء، فقد أثبت تلك الصفة لذلك الموصوف، نعم ليس كلاما تاما يحسن السكون عليه، حتى أن العلماء- رضوان الله عليهم- أفتوا في القائل: اللهم ارحم زيدا العالم الفاضل، المجاهد المرابط، ولم يكن زيد موصوفا بشيء من ذلك- أنه آثم كاذب، ولولا الإثبات لم يصفوه بالإثم والكذب.
قوله: "النفي والإثبات مصدر، فلا يكون خبرا".
يريد: أن قول أبي الحسين: "نفيا أو إثباتا" إشارة على أن المحكوم به قد ينسب بالنفي، وقد ينسب المحكوم عليه بالثبوت نحو: زيد ليس بقائم زيد قائم، والخبر هو الإسناد بين المحكوم عليه والمحكوم بصفة الثبوت، أو صفة النفي، فهو حقيقة تصورية، فلا يكون خبرا إلا من الخبر وهو ذلك الإسناد الذي هو نسبة من المسند إليه والمسند، أما كل حالة واقعة في أحدهما، فليست خبرا، والنفي والإثبات حالتان واقعتان في الخبرية، فليست خبرا، بل حقيقة اللفظ الدال عليها عند النحاه تسمى مصدرا.
وقوله: "وما هو فعل"- يريد أنا إذا قلنا: "ثبت أو انتفى" كان خبرا؛ لأجل الذي فيه من الإسناد، بخلاف الحالة الواقعة في المخبر به.
***