الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأنه مطرد في جميع الحدود، وإنما يراد بها المحدود من حيث هو ذلك المحدود، وما كان مطردا عاما استغنى عن ذكره، لكثرة التفطن له في موارده مع كثرتها.
قوله: "الخبر يقتضى إضافة الصدق لمسيلمة، ومن ذكر معه، وليس كذلك، فهو خبر كاذب".
تقريره: أن الصدق هو المطابقة، والكذب عدم المطابقة، فيشبه الصدق ثبوت الحقيقة، والكذب نفيها، والقاعدة أنه يكفى في نفي الحقيقة نفي جزء منها أي جزء كان، ولا يشترط نفي جميع أجزائها، فإضافة الصدق إليهما ثبوت، ونفي هذا الثبوت يكفى فيه نفي الصدق عن احدهما، وهو كذلك في مسيلمة، فكان الحق أنه خبر كاذب، ويتجه بهذا التقرير أن يقال: إذا ركبنا كلامنا من خبر صادق وكاذب أي شيء يكون؟ نقول: كاذبا، كما أن المركب من الموجود والمعدوم معدوم، ومن الواجب والمستحيل مستحيل، ومن المتقدم والمتأخر متأخر، ومن الحرام والواجب حرام، ومن الممكن والواجب ممكن، ومن الممكن والمستحيل مستحيل؛ لتعذر دخول هذا المجموع الوجود ونحو ذلك.
"
الفائدة"
قال سيف الدين: أجاب الجبائي بأنه يفيد صدق أحدهما حال صدق الآخر
، ولو قال: أحدهما صادق حال صدق الآخر كان كاذبا.
قال سيف الدين: "هما صادقان" أعم من "صدق أحدهما حال صدق الآخر"، بل يكون قبله أو بعده، والأعم غير مشعر بالأخص.
قال: وأجاب أبو هاشم بأنه بمنزلة خبرين: أحدهما صدق، والآخر كذب، والخبران لا يوصفان بالصدق ولا بالكذب، وإنما يوصف بها الخبر الواحد، ونحن إنما حددنا الخبر من حيث هو خبر لا يفيد كونه مركبا من خبرين.
قال: وليس كما قال؛ لأن إضافة حكم الشخصين غير مانع من وصفه بالصدق والكذب، كقولنا: رجل موجود وحادث.
وأجاب القاضي عبد الجبار: بأن اللغة لا تحرم أن يقال لقائله: صدقت أو كذبت.
قال: وهو غير سديد؛ لأنه يرجع إلى التصديق والتكذيب، وهو غير الصدق والكذب.
وقال أبو عبد الله البصري: إنه يفيد إضافة الصدق إليهما مع عدم إضافته إليهما.
قال سيف الدين: وهو الحق.
قلت: وهذه الكلمات كلها وجدتها نص "المتعمد" لأبي الحسين، فلك نقلها عن "الإحكام" وعن "المعتمد".
قوله: "والأول: تعريف الشيء بنفسه".
قلنا: تعريف الشيء بنفسه بغير اللفظ الأول لاسيما إذا لم يكن مرادفا؛ فإن قولنا: "هو الذي يحتمل التصديق والتكذيب" ليس في لفظ الحد لفظ الخبر، بل ألفاظ دالة على لوازم الخبر وخصائصه، وكذلك كل واحد.
فإن أردتم بتعريف الشيء بنفسه أن اللفظ الأول امتد، فليس كذلك، وإن أردتم أن المعنى امتد، فهو حق، لكن جميع الحدود كذلك لابد من المعنى في ألفاظ الحد، وإلا لم يكن حدا له، فقولنا في حد الإنسان:"هو الحيوان الناطق"، الإنسان معناه موجود في قولنا:"حيوان ناطق"، فإن مجموعها هو معنى الإنسان، ولا محدود في ذلك.
قوله: "الثاني: تعريف الشيء بما لا يعرف إلا بعد معرفته":
قلنا: تقدم الجواب عنه بما ذكر في الأمر.
قوله: "وجود كل شيء عند أبي الحسين نفس ماهيته":
قلنا: لكن في الخارج، أما في الذهن فهما متغايران عنده، وهو مذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري، وكذلك قولنا:"الخلق نفس المخلوق" أي في الخارج، أما في الذهن فالمعقول من الخلق التأثير، ومن المخلوق الأثر الذي وقع فيه التأثير كما يعقل قدرة ومقدورة أو نسبة بينهما، فالنسبة الخاصة هي الخلف، وإذا ثبت التغاير في الذهن صحت الإضافات؛ فإن الحدود إنما هي للماهيات الكلية، والماهية الكلية ذهنية، والتعذر فيها حاصل.
قوله: "الفرق بين الخبر والنعت معلوم بالضرورة":
معناه: أن الإضافة قد تكون إضافة تقييد، وقد تكون إضافة إسناد، والأول ثلاثة أقسام:
تقييد الموصوف بالصفة نحو: "كان زيد لكاتب مسافرا"، فالكاتب صفة لا خبر.
وتقييد المضاف بالمضاف إليه نحو: "غلام زيد منطلق"، فالإضافة لزيد ليست خبرا بل تقييد.