الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة السابعة
قال الرازي: إجماع الصحابة مع مخالفة من أدركهم من التابعين ليس بحجةٍ خلافًا لبعضهم
.
لنا: لو كان قول التابعي باطلا، لما جاز رجوع الصحابة إليه؛ لكنهم قد رجعوا إليه.
عن ابن عمر، رضي الله عنهما؛ أنه سئل عن فريضةٍ، فقال:(سلوها سعيد ابن جبيرٍ؛ فإنه أعلم بها).
وعن أنسٍ، رضي الله عنه: ربما سئل عن شيءٍ، فقال:(سلوا مولانا الحسن؛ فإنه سمع وسمعنا، وحفظ ونسينا).
وسئل ابن عباسٍ عن (النذر بذبح الولد) فأشار إلى مسروقٍ، فأتاه السائل بجوابه، فتابعه عليه، وفي أمثال هذه الروايات كثرة.
واحتج المخالف بالآية، والخبر، والأثر:
أما الآية: فقوله تعالى:} لقد رضي الله عن المؤمنين؛ إذ يبايعونك تحت الشجرة {[البقرة:18] ولن يرضي عنهم، إلا إذا كانوا غير مقدمين على فعل شيءٍ من المحظورات، ومتى كان كذلك، كان قولهم حجةً.
أما الخبر: فقوله عليه الصلاة والسلام: (لو أنفق غيرهم ملْ الأرض ذهبًا، ما بلغ مد أحدهم، ولا نصفيه) وذلك يدل على أن التابعي، إذا خالف، فالحق ليس مع التابعي، بل معهم.
وأما الأثر: فهو أن عائشة رضي الله عنها أنكرت على أبي سلمة بن عبد الرحمن خلافه علي ابن عباس في عدة المتوفى عنها زوجها، وهي حامل، وقالت:(فروج يصيح مع الديكة).
والجواب عن الأول: أن الآية مختصة بأهل بيعة الرضوان، وبالاتفاق لا اختصاص لهم بالإجماع.
وعن الخبر: أنه يلزم منه أن الصحابي الواحد، إذا قال نقيض قول التابعي أن نقطع بأن الحق قول الصحابي.
وعن الأثر: أن إنكارها على أبي سلمة، لعله كان لأنه خالف بعد الإجماع، أو في مسألة قطعية، أو لأنه خالف قبل أن كان أهلا للاجتهاد، أو لأنه أساء الأدب في المناظرة، ولأن قول عائشة، رضي الله عنها، ليس بحجةٍ.
المسألة السابعة
إجماع الصحابة مع مخالفة من أدركهم من التابعين ليس بحجة.
قال القرافي: قوله: (احتجوا بقوله تعالى:} لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة {[الفتح:18]):
قلنا: هذه الآية على الخصم لا له؛ لأن لفظ (إذا) ظرف، وهو يدل بمفهومه على سلب الرضا في غير ذلك الزمان، كما إذا قلت:(رضيت عن زيد يوم الجمعة) مفهومه من جهة تخصيص الشيء بالذكر يدل على سلبه عن غير ذلك الزمان، ثم إن رضا الله - تعالى - عبارة عن معاملتهم معاملة الراضي، واللفظ لفظ المضي، فتكون الآية إخبارًا عن وقوع ذلك في الزمان الماضي؛ إذ لا يلزم من ذلك معاملتهم بذلك بعد ذلك.
فلا حجة فيه، ولو عاملهم قد لا يمنع ذلك مباشرتهم الخطأ؛ فإن الله - تعالى - يثيب على الخطأ؛ لقوله عليه السلام:(إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر)، بل قد يعامل الله - تعالى - عبده معاملة الراضي، وهو على المعصية استدراجًا له؛ لقوله تعالى:} إنما نملى لهم ليزدادوا إيمًا {[آل عمران:178]،} أيحسبون أنما نمدهم به من مالٍ وبنين نسارع لهم في الخيرات {[المؤمنون:55، 56].
قوله صلى الله عليه وسلم: (لو أنفق أحدكم ملْ الأرض ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصفيه).