الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكلام في الأخبار
قال الرازي: وهو مرتب على مقدمة وقسمين
أما المقدمة:
ففيها مسائل:
المسألة الأولى: لفظ الخبر حقيقة في القول المخصوص، وقد يستعمل في غير القول
؛ كقول الشاعر [الطويل]:
تخبرني العينان ما القلب كاتم
وكقول المعري [الطويل]:
نبي من الغربان ليس على شرع .... يخبرنا أن الشعوب إلى الصدع
وكقولهم: خبر الغراب بكذا؛ لكنه مجاز فيه؛ بدليل أن من وف غيره بأنه مخبر، أو أخبر- لم يسبق إلى فهم السامع إلا القول.
"الكلام في الأخبار"
قال القرافي: قوله: "الخبر حقيقة في القول المخصوص، مجاز في غيره":
قلنا: الكلام وما يتعلق به من لفظ الخبر، والأمر، والنهي، والدعاء، والتصديق، والتكذيب، ونحو ذلك من أنواع الكلام للعلماء فيه ثلاثة مذاهب"
حقيقة في النفساني مجاز في اللساني، حقيقة اللساني مجاز في النفساني، مشترك بينهما.
قال إمام الحرمين في "الإرشاد": وهو مذهب الجمهور، وكذلك أشار إليه المصنف في كتاب "اللغات"، وجعله المشهور.
قال سيف الدين: الخبر يطلق على الإشارات الحالية، والدلائل المعنوية نحو:"عيناك تخبرني بكذا، والغراب يخبرني بكذا".
ومنه قول المتنبي [الطويل]:
وكم لظلام الليل عندك من يد .... تخبر أن المانوية تكذب
يشير إلى أن "المانوية" المنسوبين إلى "مانا" المخترع لمذهبهم يقولون: الخير من النور، والشر من الظلمة، والشاعر يشير إلى زيارة أحبابه، إنما تتأتى له في الظلام وتتعذر عليه بالنهار، وذلك يكذب المانوية كما قال في موضع آخر [البسيط]:
أزورهم وسواد الليل يشفع ليه .... وأنثني وبياض الصبح يغرى بي
قال: ويطلق على القول المخصوص، وهو مجاز في الأول حقيقة في الثاني، ثم القول المخصوص يطلق على الصيغة نحو: قام زيد، وعلى القائم بالنفس المعبر عنه بالصيغة.
قال: والأشبه أنه حقيقة في الصيغة؛ لأنه المتبادر.
قال إمام الحرمين في "البرهان": "الخبر: صنف من الكلام القائم بالنفس عند معتقدي كلام النفس"، ولم يذكر في "البرهان" غير هذا، وهذه النقول تدلك على ما تقدم ذكره.
قوله [الطويل]:
نبي من الغربان ليس على شرع .... يخبرنا أن الشعوب على صدع
قلت: النبي هاهنا بمعنى المنبئ المخبر، وهو أحد القولين في اشتقاق اسم النبي من البشر.
فقيل: هو من النبأ الذي هو الخبر؛ لأن الله أنبأه.
وقيل: هو من النبوة التي هي الارتفاع؛ لأنه مرتفع القدر والمراد في بيت الشعر المخبر بكسر الباء، أي: هو يخبر بصياحه عن الفراق، فهو مجاز عن المخبر.
وقوله: "ليس على شرع" ليعرف أن لفظ النبي شأنه أن يكون صاحبه على شريعة، وهذا نبي ليس له شريعة.
وقوله: "الشعوب على صدع" يروي الشعوب بالباء، وهو الصحيح،