الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثانية
قال الرازي: في حد النسخ في اصطلاح العلماء:
الذي ذكره القاضي أبو بكر، وارتضاه الغزالي رحمهما الله: أنه الخطاب الدال على ارتفاع الحكم الثابت بالخطاب المتقدم، على وجه لولاه لكان ثابتا مع تراخيه عنه.
وإنما اثرنا لفظ الخطاب، على لفظ النص؛ ليكون شاملا للفظ، والفحوى، والمفهوم، وكل دليل؛ إذ يجوز النسخ بجميع ذلك.
وإنما قلنا: " على ارتفاع الحكم الثابت ": ليتناول الأمر، والنهي، والخبر، وجميع أنواع الحكم.
وإنما قلنا: " بالخطاب المتقدم ": لأن ابتداء إيجاب العبادات في الشرع، يزيل حكم العقل من براءة الذمة، ولا يسمى نسخا؛ لأنه لم يزل حكم الخطاب.
وإنما قلنا: " لولاه لكان ثابتا ": لأن حقيقة النسخ الرفع، وهو إنما يكون رافعا، إذا كان المتقدم بحيث لولا طريانه لبقى.
وإنما قلنا: " مع تراخيه عنه ": لأنه لو اتصل به، لكان بيانا لمدة هذه العبادة، لا نسخا.
ولقائل أن يقول: هذا الحد مختل من وجوه:
أحدهما: أن الخطاب الدال على ارتفاع الحكم المتقدم ناسخ للحكم الأول،
وليس بنسخ؛ إذ النسخ هو: نفس الارتفاع، وفرق بين الرافع، وبين نفس الارتاع، فجعل الرافع عين الارتفاع خطأ.
وثانيها: أن تقييد ذلك بالخطاب خطأ؛ لأن الناسخ قد يكون فعلا، لا قولا؛ فإنه صلى الله عليه وسلم إذا فعل فعلا، وعلمنا بالضرورة أنه قصد به رفع بعض ما كان ثابتا، فذلك يكون ناسخا، مع أنه ليس بخطاب.
فإن قلت: " الناسخ في الحقيقة هو: الخطاب الدال على وجوب متابعيه عليه السلام في أفعاله ".
قلت: لو قدرنا أنه لم يرد أم زائد يدل على وجوب متابعيه في أفعاله، ثم إنه عليه الصلاة والسلام فعل فعلا، ووجد هناك من القرائن ما أفاد العلم الضروري بأن غرضه عليه الصلاة والسلام إزالة الحكم الذي كان ثابتا، فإنه يكون ناسخا بالإجماع مع أنه لم يوجد الخطاب في هذه الصورة أصلا.
وثالثها: أن الأمة إذا اختلفت على قولين، فسوغت للعامي تقليد كل واحدة من الطائفتين، ثم اجمعت بعد ذك على أحد القولين،، فهذا الإجماع خطاب، وهو ناسخ لجواز الأخذ بكلا القولين، فقد وجد هاهنا خطاب دال على ارتفاع حكم خطاب، مع أن الحق أن الإجماع لا ينسخ، ولا ينسخ به.
ويمكن جوابه: بأنا ذكرنا حد النسخ مطلقا لا حد النسخ الجائز في الشرع.
ورابعها: أن كون النسخ رفعا باطل، وسيأتي بيانه، إن شاء الله تعالى.
وخامسها: أن قوله: " بالخطاب المتقدم " خطأ؛ لأن الحكم الأول، لو ثبت بفعل النبي صلى الله عليه وسلم لا بقوله، لكان الذي يرفعه ناسخا له، فهذا ما في هذا الحد.
والأولى أن يقال: النسخ: طريق شرعي يدل على أن مثل الحكم الذي كان ثابتا بطريق شرعي لا يوجد بعد ذلك مع تراخيه عنه، على وجه لولاه لكان ثابتا.
فقولنا: طريق شرعي، نعني به القدر المشترك بين القول الصادر عن الله تعالى وعن رسوله عليه الصلاة والسلام والفعل المنقول عنهما.
ويخرج عنه اتفاق الأمة على أحد القولين؛ لأن ذلك ليس بطريق شرعي على هذا التفسير، ولا يلزم أن يكون الشرع ناسخا لحكم العقل؛ لأن العقل ليس بطريق شرعي، ولا يلزم أن يكون العجز ناسخا لحكم شرعي؛ لأن العجز ليس بطريق شرعي.
ولا يلزم تقييد الحكم بغاية، أو شرط، أو استثناء؛ لأن ذلك غير متراخ.
ولا يلزم ما إذا أمرنا الله تعالى بفعل واحد، ثم نهانا عن مثله؛ لأنه لو لم يكن هذا النهي لم يكن مثل حكم الأمر ثابتا.
المسألة الثانية
قال القرافي: في حد النسخ
قوله: " وإنما أثرنا لفظ الخطاب على لفظ النص ليشمل اللفظ، والفحوى، والمفهوم، وكل دليل إذ يجوز النسخ بجميع ذلك ".
....................................................
...................................................
....................................................
......................................................