الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الخامسة
قال الرازي: في كون القياس منسوخًا وناسخًا
أما كونه منسوخًا فنقول: نسخ القياس: إما أن يكون في زمان حياة الرسول عليه الصلام والسلام، أ، بعد وفاته.
فإن كان حال حياته: فلا يمتنع رفعه بالنص، أو بالإجماع، أو بالقياس:
أما بالنص: فبأن ينص السول عليه الصلاة والسلام، في الفرع، على خلاف الحكم الذي يقتضيه القياس، بعد استقرار التعبد بالقياس.
وأما بالإجماع: فلأنه إذا اختلفت الأمة على قولين قياسًا، ثم أجمعوا على أحد القولين، كان إجماعهم على أحد القولين، رافعًا لحكم القياس الذي اقتضاه القول الآخر.
وأما بالقياس: فبأن ينص في صورة على خلاف ذلك الحكم، ويجعله معللا بعلة موجودة في ذلك الفرع، وتكون أمارة علّيتها أقوى من أمارة علّية الوصف للحكم الأول في الأصل الأول، ويكون كل ذلك بعد استقرار التعبد بالقياس الأول.
وأما بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام: فإنه يجوز نسخه في المعنى، وإن كان ذلك لا يسمى نسخًا في اللفظ.
أما بالنص: فكما إذا اجتهد إنسان في طلب النصوص، ثم لم يظفر بشيء أصلًا، ثم اجتهد، فحرم شيئًا بقياس، ثم ظفر بعد ذلك بنص، أو إجماع، أو قياس أقوى من القياس الأول على خلافه.
فإن قلنا: "كل مجتهد مصيب" كان هذا الوجدان ناسخًا لحكم القياس الأول، لكنه لا يسمى ناسخًا؛ لأ، القياس إنما يكون معمولا به بشرط ألا يعارضه شيء من ذلك.
وإن قلنا: "المصيب واحد" لم يكن القياس الأول متعبدًا به، فلم يكن النص الذي وجده آخرًا ناسخًا لذلك القياس.
وأما كون القياس ناسخًا: فهو إما أن ينسخ كتابًا، أو سنة، أو إجماعًا، أو قياسًا، والأقسام الثلاثة الأول باطلة بالإجماع.
وأما الرابع؛ وهو كونه ناسخًا لقياس آخر فقد تقدم القول فيه، والله أعلم.
المسألة الخامسة
في كون القياس منسوخًا
قال القرافي: قوله: "ينعقد الإجماع على أحد القولين، فيكون ناسخًا للقياس الذي هو مستند أحد القولين في زمانه عليه السلام".
قلنا: فرضكم نسخ القياس في زمانه عليه السلام بالإجماع يناقض ما في المسألة التي قبل هذه من استحالة انعقاد الإجماع في زمانه عليه السلام.
قوله: "إن قلنا: "إن المصيب واحد" لم يكن القياس الأول متعبدًا به".
قلنا: لا نسلم؛ فإن المصيب إذا كان واحدًا فقد انعقد الإجماع على أنه يجب على كل مجتهد أن يعمل هو ومن قلّده بما أدى إليه اجتهاده من قياس أو غيره، وإن كان قد أخطأ الحكم المقرر في نفس الأمر، كما نقول فيمن اجتهد وأخطأ الكعبة: يجب أن يصلي إلى الجهة التي استقبلها، وإن كانت خطأ في نفس الأمر، ولا نعني بالتعبد إلا الوجوب، والإكرام، والعقاب على تقدير الترك.