الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الغزالي في (المستصفى): منكر الإجماع من المسلمين مسبوق بالإجماع.
قال الإمام في (البرهان): وافقت غلاة الروافض اليهود في إنكار النسخ.
قال سيف الدين: وأول من وضع لليهود أن موسى عليه السلام نص على تأبيد شريعته ابن الراوندي.
(فائدة)
ابو مسلم الاصبهاني، حيث وقع، فهو كنية لا اسم
.
قال الشيخ ابو اسحاق في (اللمع): اسمه عمر بن يحيى.
وقال ابن برهان في (الأوسط): ابو مسلم بن بحر، كما وقع في (المحصول)، وقال في (المنتخب): ابن عمروا، فاعلم ذلك.
قوله: " منهم من أنكره عقلا ".
تقريره: أنهم يثبتون الحسن والقبح، ويقوولن: لا يكون الامر الا لمصلحة، والنهي عن المصلحة قبيح، وبالعكس.
قوله: " ومنهم من جوزه عقلا، ومنع منه سمعا ".
تقريره: أنهم يتمسكون بما يرونه: " تمسكوا بالسبت، ما دامت السماوات والأرض ".
قوله: " ومنعه بعض المسلمين ".
تقريره: انه معترف بصحة النبوة المحمدية، وبتحليل الشحوم، والسبت ونحوه، وإلا لما كان مسلما، لكنه يفسر ذلك بالتخصيص بالغاية، فلا خلاف في المعنى.
قوله: " الأمة مجمعة على وقوع النسخ ".
قلنا: يناقضه حكاية الخلاف عن بعض المسلمين في اصل النسخ، لكنه اعتمد على ان الخلاف مفسر بما تقدم، فالاجماع حاصل في المعنى.
قوله: " ولنا على اليهود إلى آخر كلامه ".
قلت: وقع لي وجوه أخر غير ما ذكره.
احدها: في التوراة: أن السارق، إذا سرق في المرة الرابعة، تثقب أذنه، ويباع، وقد اتفقنا على نسخ ذلك.
وثانيها: اتفق اليهود والنصارى على ان الله تعالى فدى ولد ابراهيم من الذبح، وهو نص التوراة، وهو اشد انواع النسخ؛ لأنه قبل الفعل؛ الذي يمنعه المعتزلة، وإذا جاز في الأشد، ففي غيره بطريق الأولى.
وثالثها: في التوراة: أن الجمع في النكاح بين الحرة والأمة، كان جائزا في شرع يعقوب عليه السلام لجمعه عليه السلام بينسارة وهاجر، وقد حرمته التوراة.
ورابعها: في التوراة: قال الله تعالى لموسى: " اخرج انت وشيعتك من (مصر) لترثوا الارض المقدسة، التي وعدت بها أباكم إبراهيم أن أورثها نسله " فلما صار إلى التيه، قال الله تعالى:" لا تدخلوها؛ لأنكم عصيتموني " وهو عين النسخ.
وخامسها: تحريم السبت؛ فإنه لم يزل العمل مباحا إلى زمن موسى عليه السلام وهو عين النسخ
وسادسها: في التوراة ماهو اشد من الندم والبداء، فيكون حجة عليهم، وإن لم يقض بصحته، ففيها: مرض ملك اليهود (حزقيال) واوحى الله تعالى إلى اشعيا عليه السلام " قل لـ (حزقيال) يوصي، فإنه يموت من عتله هذه " فأخبره، فبكى حزقيال، وتضرع، فأوحى الله تعالى إلى أشعيا " أن يقوم من علته، وينزل إلى الهيكل بعد ثلاثة أيام، وقد زيد في عمره خمس عشرة سنه " ومثله في التوراة كثير، فمستندهم في إحالة النسخ على البداء، يبطل بمثل هذا؛ إلزاما لهم.
وسابعها: في السفر الأول من التوراة: لما نظر بنو الله بنات الناس حسانا، ونكحوا منهم، قال الله تعالى:" لا تسكن الروح بعدها في بشر، وامهاتهم مائة وعشرين سنة " فأخبرت التوراة أنه لا يعيش أحد أكثر من هذا، ثم أخبرت أن " أرفخشد " عاش بعدها وولد له (شالخ) أربعمائة وثلاثة وستين وادعوا [انه عاش] مائتي سنة، وإبراهيم عليه السلام مائة سنة.
وثامنها: الختان كان من شرع ابراهيم جائزا في البكر، وقد أوجبه موسى عندهم يوم ولادة الطفل.
وتاسعها: الجمع بين الاختين كان مباحا في شريعة يعقوب عليه السلام، وحرم ذلك في شريعة من بعده، وذلك كثير في التوراة.
وإذا صرحت توراة اليهود بمثل هذه الأمور، لا يسمع كلامهم بعد ذلك في منع النسخ.
قوله: " وكان آدم عليه السلام يزوج الأخ من أخته ".
قلنا: لم يرد هذا في الكتاب، ولا في السنة، فلعل ذلك كان قبل ورد شرع عليه في ذلك، وإذا لم يرد شرع، كان ذلك كافيا في الاقدام؛ للسلامة من النهي، وإذا كان هذا الاحتمال قائما، لا يكون نسخا؛ لأن التحريم حينئذ وقع؛ للبراءة الأصلية، لا بحكم شرعي.
قوله: " بشرت التوراة والانجيل بمحمد صلى الله عليه وسلم ووجوب الرجوع إلى شرعه، فيتحقق النسخ ".
قلنا: لا نسلم؛ لجواز أن يكون الشرع ليس فيه نسخ، بل تقرير وزيادات لم تتعرض لها الشرائع السابقة، فليس في التبشير ما يقتضي النسخ.
قوله: " وبهذا تجيب اليهود على الالزامات ".
قلنا: لا نسلم أنه يستقيم جوابا لهم؛ لأنهم لا يعترفون بذلك، وإن اعترفوا، منعناهم إلزام النسخ من ذلك؛ كما تقدم.
قوله: " كيف يصح الإجماع مع الخلاف؟ ".
قلنا: قد بينا أن الاتفاق حصل في المنى، إنما الخلاف في التسمية نسخا.
قوله: " المعتمد قوله تعالى: {ما ننسخ من آية} [البقرة: 106] "
قلنا: لنا قاعدة، وهي ان الشرط ليس من شرطه أن يكون ممكنا، بل قد يكون ممكنا؛ كقولنا:" إن دخلت الدار، فانت حر " وقد يكون ممتنعا؛ كقولنا: " إن كان الواحد نصف العشرة، فالعشرة اثنان " ومنه قوله تعالى: {لو كان
فيهما آلهة إلا لله لفسدتا} [الأنبياء: 22] و (لو): حرف شرط بالنقل مع ان الشريك مستحيل، واذا كان الشرط اعم من الممكن، والاعم لا يستلزم أحد نوعيه عينا، فلا يستدل به على الإمكان.
فقوله تعالى: " ما ننسخ " شرط، فلعله من قبيل الممنع، واخبر الله تعالى عن لازم هذا الممتنع، ولو فرض وقوعته، كما اخبر الله تعالى عن الشريك بما يلزمه، لو فرض وقوعه؛ فلا دليل في الآية حينئذ.
قوله: " الاستدلال بالقران: إما ان يتوقف على صحة النسخ، أو لا يتوقف ".
تقريره: ان موجب هذا الترديد: أن هنا سؤالا مقدرا، تقريره: ان القران لا يكون حجة الا بعد ثبوت النبوة، وثبوت النبوة موقوف على النسخ، فلو ثبت النسخ بالقران، لزم الدور، فلذلك ردد، وقال: إن توقف الاستدلال على النسخ، فنقول: قد ثبتت النبوة بالمعجزة، فينقطع الدور، وإن لم يتوقف، صح الاستدلال، ولا دور.
قوله: " وعلى التقديرين، يلزم الجهل أو السفه ".
تقريره: أن الآمر، إن لم يكن عالما بما في الأمر من المصلحة، لزم الجهل، وإن علم ذلك، ونهى عنها، لزم الثاني.
قوله: " إن دل على دوام شرع موسى عليه السلام، وضم إليه ما يدل على نسخه، لزم التناقض ".
قلنا: لا نسلم؛ لجواز أن تكون الدلالة على الدوام تابعة لأصل الوجوب، لا بلفظ خاص في الدلالة على الدوام، كما نقول: إذا قال الله تعالى: (صلوا) ووضع اللغة أن الامر للتكرار، فكما أنه إذا اقترن بصيغة الامر على هذا التقدير فالتنصيص، على عدم التكرار، وأنه يدوم إلى الوقت الفلاني،