الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لنا: ما تقدم من أن الصحابة، رضوان الله عليهم، اختلفوا في الإمامة، ثم اتفقوا بعد ذلك عليها، وإذا ثبت وقوعه، وجب أن يكون حجةً؛ لقوله عز وجل:} ويتبع غير سبيل المؤمنين {[النساء:115] والشبه التي يذكرونها هاهنا هي التي مرت، والله أعلم.
المسألة السادسة
إذا اختلف أهل العصر على قولين، ثم رجعوا إلى أحدهما
قال القرافي: قال إمام الحرمين: الذي اختاره إن كان الرجوع بقرب الاختلاف، كان إجماعًا، وإن كان بعد تطاول المدة، واستقرار النظر، فلا يكون ذلك إجماعًا.
فإن العادة تحيل عدم إدراك الخطأ في القول المرجوع عنه مع طول السنين في النظر فيه، بخلاف القرب؛ فإن ذلك كالخلاف الذي يعرض للرجل الواحد.
(سؤال)
ما الفرق بين هذه المسألة وبين المسألة الثالثة
، وهي قوله: يجوز الاتفاق بعد الاختلاف؛ لأن رجوعهم إلى أحد قوليهم اتفاق بعد الاختلاف؟
والجواب: أن المراد بالثالثة خلاف غير مستقر، بل على وجه المنازعة، وطلب الدليل، وهو الذي كان بين الصحابة في الإمامة، والمراد هاهنا خلاف مستقر، واعتقد كل واحد من المخالفين صحة دليله، واستمر ذلك الحال، وتقرر الخلاف؛ كبيع أمهات الأولاد.
قوله: (ومن لم يشترط انقراض العصر فمنهم من أحال وقوع هذا الإجماع، ومنهم من جوزه):
تقريره: أن حجة من أحاله أن العادة قاضية بأن الأقوال إذا انتشرت، وشاعت، وانطوت عليها القلوب يعسر الرجوع عنها.
وهذه الحجة باطلة، بل هذا إنما يمتنع في غير المنصفين، أما من كان مطلبه الحق في سائر أحواله، فهو على الدوام في الفكر والنظر، فيجوز أن يفتح له اليوم ما خفي عنه أمس.
حجة من جوزه قال: إنه ليس بحجة؛ لأن الإجماع إنما يكون حجة على غير أهله، فلو كان هاهنا حجة كان قول: الإجماع حجة على المجمعين أنفسهم؛ لأنا نمنعهم من الخلاف حينئذ.
* * *