الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لنا مع أنه يفرضه، بل جزم بالفتيا من غير فرض لذلك، لكن بحثه لا يتم إلا به؛ فيتعين.
(تنبيه)
إذا فعل عليه السلام؛ على خلاف القول الذي سبق إلى الذهن أن ذلك القول يتعين أن يكون نهيًا، فينهى عن شيء ويفعله، فيدل ذلك على إباحته، وهو أيضًا متصور في الأمر، بأن الأمر يؤمر بشيء فيفعل ضده، في ذلك الوقت الذي هو واجب عليه فيه.
(تنبيه)
إذا قلنا: ينسخ القول الفعل عنا أو بالعكس، فهذا له حالتان:
إن كان في زمانه عليه السلام وبحضرته صلى الله عليه وسلم فقد استويا في المستند؛ لأن الكل محسوس بالسماع والرؤية منه صلى الله عليه وسلم.
وإن لم يكن ذلك بحضرته، ولا في زمانه عليه السلام؛ بل نقل ذلك إلينا، فلا بد أن يكون الناسخ مساويًا للمنسوخ في السند، أو أقوى، فلو كان أحدهما متواترًا، والآخر آحادًا لم ينسخ امتواتر بالآحاد، كان قولًا أو فعلًا، متراخيًا أم لا، وكلام المصنف محمول على هذا التفصيل، لا على الإطلاق، وهو ممكن أن يورد سؤالًا على الكتاب.
(فائدة)
قال سيف الدين: إذا تعارض قوله عليه السلام وفعله، ولم يكن الدليل دل على تكرر الفعل بأن يفعل فعلًا في وقت، ويقول بعده على
الفور، أو على التراخي:(لا يجوز مثل هذا الفعل في هذا الوقت) فلا تعارض بينهما؛ لأن القول لم يرفع حكم الفعل المتقدم، والفعل لم يدل دليل على ذكره؛ حتى يتناول الوقت الثاني، وإن تقدم القول، مثل أن يقول:"يجب علي كذا في وقت كذا" ثم يفعل ضد ذلك الفعل في ذلك الوقت، فمن جوّز نسخ الحكم الممكن، قال: ينسخ حكم القول.
ومن منع قال: يمتنع وقوع ذلك على وجه العمد، إلا إذا جوزنا المعصية، وإن كان القول عامًا لنا وله، والفعل متقدم، فلا معارضة، وإن كان لم يدل دليل على التكرار، ولا على وجوب التأسي، وإن تقدم القول الشامل لنا وله، حصل التعارض بالنسبة إليه صلى الله عليه وسلم كما لو كان القول خاصًا به، ولا معارضة بالنسبة إلينا، إن لم يدل دليل على التأسي، ولا التكرر فإن ذلك الدليل على تكرر الفعل في مثل ذلك الوقت، وعلى وجوب التأسي به صلى الله عليه وسلم، والقول خاص به، وتقدم الفعل نسخه القول في حقه في المستقبل، دون أمته؛ لعدم تناول القول لهم، وإن تقدم القول نسخه الفعل المتأخر في حقه، إن كان بعد التمكن، وإلا خرج على الخلاف في النسخ قبل التمكن، وكان موجبًا للفعل على أمته، إن كان القول خاصًا به، فإن جهل التاريخ، والقول خاص به، فلا معارضة بالنسبة لأمته؛ لعدم تناول القول لهم.
وأما بالنسبة إليه، فقيل: يجب العمل بالقول؛ لأنه أقوى.
وقيل: بالوقف؛ حتى يتبين التاريخ.
قال: والمختار هو تقديم القول، فإن خصّنا القول، وتقدم الفعل، نسخه الفعل في حقنا، دونه عليه السلام، أو تقدمه القول، فهل ينسخه الفعل عنّا دونه عليه السلام؟ يخرج على الخلاف المتقدم فيما إذا كان القول خاصّا به.
قال: والمختار هو تقديم القول، وإن عمّنا القول وإياه، نسخ المتأخر المتقدم منهما عنّا وعنه صلى الله عليه وسلم على ما تقدم من التفصيل في التعقيب والتراخي، فإن جهل التاريخ، فالخلاف كالخلاف، والمختار كالمختار، وهذا كله فيما إذا دل الدليل على تكرر الفعل في حقه عليه السلام، وعلى تأسي الأمة به.
أما إن دل على التكرر دون التأسي، والقول خاص بالأمة، فلا تعارض؛ لعدم وجوب التأسي، أو خاص به عليه السلام أو عام له ولأمته، فالتعارض بين القول والفعل إنما هو بالنسبة إليه عليه السلام دون الأمة، لعدم وجوب التأسي.
قال: ولا يخفى الحكم سواء تقدم الفعل أو تأخر، أو جهل التاريخ، فإن دل الدليل على التأسي، دون التكرر في حقه، والقول خاص به عليه السلام متأخر عن الفعل، فلا معارضة لا في حقه، ولا في حق أمته، أو متقدم على الفعل؛ نسخ الفعل حكم القول في حقه؛ على ما تقدم من التفصيل دون أمته.
فإن جهل التاريخ، فالخلاف المتقدم، وإن كان القول خاصّا بأمته، فلا معارضة بالنسبة إليه صلى الله عليه وسلم بل بالنسبة للأمة، فينسخ المتأخر المتقدم.
وإن جهل التاريخ، فالخلاف المتقدم، والمختار هو المختار، وإن كان القول عامًا لنا وله عليه السلام وتقدم الفعل، فلا معارضة؛ بالنسبة إلى النبي عليه السلام، ونسخ الفعل في حق الأمة، وإن تقدم القول، نسخه الفعل في حق النبي عليه السلام وحق الأمة.
فإن جهل التاريخ، فالخلاف كالخلاف، والمختار كالمختار.
قلت: صرح سيف الدين بأمور لم يصرح بها المصنف:
منها ك أنه صرح بأن القول قول النبي صلى الله عليه وسلم، وإطلاق المصنف يحتمل الكتاب والسنة.
ومنها: أنه قسم المسألة إلى دلالة الدليل على التأسي، وتكرر الفعل، وإلى عدم دلالة الدليل على التكرر والتأسي، أو التأسي دون التكرر، أو التكرر دون التأسي، وهذا حرف يحتاج له في المسألة، لم يتعرض المصنف إليه، بل أطلق القول.
ومنها: حكايته الخلاف في جهل التاريخ، ولم يتعرض له المصنف.
(فرع)
نهى صلى الله عليه وسلم عن استقبال القبلة.
قوله: " المجموع المركب من دليل التأسي، وفعله أخص من عموم النهي ".
تقريره: أن هذا المجموع يقتضي إباحة استقبال القبلة في البنيان، فهو كما لو قال: لا تستقبلوا القبلة، ثم قال: يجوز استقبال القبلة في البنيان؛ فإن الثاني أخص من الأول، والأخص مقدم على الأعم.
قوله: " إذا عارض الفعل فعل آخر، فذلك على وجهين:
أحدهما: ان يفعل عليه السلام فعلا، ويعلم بالدليل وجوب التأسي به في ذلك الفعل، ثم يرى بعد ذلك قد أقر بعض الناس على فعل ضده، فيعلم أنه خارج منه ".
تقريره: أن الإقرار ترك، والترك فعل؛ لأنه ملابسة الضد، فلذلك جعل الإقرار فعلا، فيعلم أن ذلك الذي اقره عليه السلام خارج من عموم التأسي في ذلك الفعل.