الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الخامسة
قال الرازي: اتفقت الأمة على جواز نسخ القران، وقال ابو مسلم بن بحر الأصفهاني: لا يجوز
.
لنا وجوه:
أحدها: ان الله تعالى امر المتوفي عنها زوجها بالاعتداد حولا، وذلك في قوله تعالى:{والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج} [البقرة: 24] ثم نسخ ذلك بأربعة أشهر وعشر، كما في قوله تعالى:{والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا} [البقرة: 234] قال أبو مسلم: الاعتداد بالحول ما زال بالكلية؛ لأنها لو كانت حاملا، ومدة حملها حول كامل، لكانت عدتها حولا كاملا، وإذا بقى هذا الحكم في بعض الصور، كان ذلك تخصيصا، لا نسخا.
والجواب: أن عدة الحامل تنقضي بوضع الحمل، سواء حصل وضع الحمل لسنة، أو أقل، او أكثر، فجعل السنة مدة العدة يكون زائلا بالكلية.
وثانيها: أمر الله تعالى بتقديم الصدقة بين يدي نجوى الرسول بقوله تعالى: {يأيها الذين آمنوا، إذا ناجيتم الرسول، فقدموا بين يدي نجواكم صدقة} [المجادلة: 12] ثم نسخ ذلك. قال أبو مسلم: إنما زال ذلك لزوال سببه؛ لأن سبب التعبد بها أن يمتاز المنافقون من حيث لا يتصدقون عن المؤمنين، فلما حصل هذا الغرض، سقط التعبد بالصدقة.
والجواب؛ لو كان كذلك؛ لكان كل من لم يتصدق منافقا، لكنه باطل؛ لأنه روى:" أنه لم يتصدق غير على بن أبي طالب، رضي الله عنه ".
ويدل عليه أيضا قوله تعالى: " فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم "[المجادلة: 13].
وثالثها: أن الله تعالى أمر بثبات الواحد للعشرة، بقوله تعالى:{إن يكن منكم عشرون صارون يغلبوا مائتين} [الأنفال: 65] ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: {الآن خفف الله عنكم، وعلم أن فيكم ضعفا، فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين} [الأنفال: 66].
ورابعها: قوله تعالى: {ما ننسخ من آية، أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها} [البقرة: 106] قال أبو مسلم: النسخ هو: الإزالة، والمراد من هذه الآية إزالة القران من اللوح المحفوظ.
والجواب: أن إزالة القران من اللوح المحفوظ لا تختص ببعض القرآن، وهذا النص مختص ببعضه.
وخامسها: قولها تعالى: {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها} [البقرة: 142] ثم أزالهم عنها بقوله: {فول وجهك شطر المسجد الحرام} [البقرة: 144] قال أبو مسلم: حكم تلك القبلة ما زال بالكلية؛ لجواز التوجه إليها عند الإشكال، ومع العلم، إذا كان هناك عدو.
والجواب: أن على ما ذكرته أنت: لا فرق بين بيت المقدس وسائر الجهات، فالخصوصية التي لها امتاز بيت المقدس عن سائر الجهات قد بطلت بالكلية، فيكون نسخا.