الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الحادية عشرة
قال الرازي: إذا قال الله تعالى: (افعلوا هذا الفعل أبدًا)، يجوز نسخه؛ خلافًا لقوم
.
لنا وجهان:
الأول أن لفظ التأبيد في تناوله لجميع الأزمان المستقبلة كلفظ العموم في تناوله لجميع الاعيان، فإذا جاز أخد التخصيصين، فكذا الثاني؛ والجامع هو الحكمة الداعية إلى جواز التخصيص.
الثاني: أن شرط النسخ: أن يرد على ما أمر به على سبيل الدوام، والتابيد لا يدل إلا على الدوام، فكان التأبيد شرطًا لإمكان النسخ، وشرط الشيء لا ينافيه.
احتجوا بأمرين:
الأول: أن قوله: (افعلوا أبدًا)، قائم مقام قوله:(افعلوا في هذا الوقت، وفي ذلك، وذاك) إلى أن يذكر الأوقات كلها، ولو ذكر على هذا الوجه، لم يجز النسخ، فكذا إذا ذكر بلفظ التأبيد.
الثاني: لو جاز نسخ ما ورد بلفظ التأبيد، لم يكن لنا طريق إلى العلم بدوام التكليف.
والجواب عن الأول: أن ذلك يمنع من النسخ كله؛ لأن المنسوخ لا بد من كونه لفظًا يفيد الدوام: إما بصريحه، وإما بمعناه، ثم إنه ينتقض بإنه يجوز أن يقال:(جاءني الناس إلا زيدًا) ولا يجوز: (جاءني زيد، وعمرو، وبكر) و (ما جاءني زيد).
ثم الفرق ما حققناه في مسالة ان للعموم صيغة.
وعن الثاني: ان لفظ التأبيد يفيد ظن الاستمرار، لكن القطع به لا يحصل إلا من القرائن، والله أعلم.
المسألة الحادية العشرة
(ينسخ ما قيل فيه ابدًا)
قال القرافي: قوله: " إن قوله: (افعلوا أبدًا قائم مقام التنصيص على أعيان الأزمنة بخصوصياتها ".
قلنا: لا نسلم؛ لما تقدم في العموم؛ لأن التنصيص على الاعيان يدل مطابقة في كل واحد منها، بخلا ف عموميدل تضمنًا ليس إلا، سلمناه لكن عندنا لو نص على خصوصيات الأزمنة جاز النسخ، كما نص الله تعالى على خصوص إسحاق عليه السلام ونسخه، وإنما يمنع من هذا المعتزلة.
قوله: "لو جاز نسخ ما ورد بلفظ الدوام لم يكن لنا طريق إلى العلم بدوام التكليف".
قلنا: لا يلزم من انتفاء طريق معين انتفاء كل الطرق، فجاز أن يعلم ذلك بالإجماع، أو بالقرائن، أو بدليل مركب من مقدمتين، كما قلنا في أن الأمر للوجوب، وبالجملة نحن من وراء المنع في ذلك.
قوله: "لا بد في المنسوخ من كونه لفظًا يفيد الدوام".
قلنا: لا يشترط أن يكون لفظه يفيد الدوام، بل جاز أن يكون لا يدل على الدوام، ويفهم الدوام بالقرائن، أو بنص آخر موضوع الدوام، نحو التأبيد وغيره.