الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإلا افتقر إلى علة جامعة نافية لهما، وليس كذلك، بل ارتفع لانتفاء علته لا للعلة النافية.
وعن الثاني: أن دوام الأمر إن أحوج لدوام المؤثر، فهو المطلوب، وإلا فلا خلاف بين الفقهاء في أنه وإن لم يفتقر الحكم في دوامه إلى دوام ضابط حكمة الحكم المعرف للحكم في الفرع في ابتدائه أنه لابد من دوام احتمال الحكمة، حتى أنه لو انتفت حكمة الحكم قطعًا امتنع بقاؤه بعدها، وإذا كان لابد من دوام احتمال الحكمة، فلابد من أن تكون معتبرةً؛ لاستحالة بقاء الحكم بحكمة غير معتبرة، وينسخ حكم الأصل إن زال اعتبارها، وانتفاء ما لابد منه في دوام الحكم يوجب نفيه.
وعن الثالث لا نسلم أن إسلام الأب علة لإسلام الابن حتى يلزم الانتفاء عند الانتفاء؛ ولأن دوام إسلام الأب معتبر في دوام إسلام الابن ليلزم من انتفائه انتفاؤه.
(مسألة)
قال سيف الدين: لا أعرف خلافًا أن الناسخ إذا كان مع جبريل عليه السلام لم ينزل به للنبي عليه السلام لم يثبت حكمه في حق المكلفين
، بل هم في التكليف بالحكم الأول على ما كانوا عليه قبل إلقاء الناسخ إلى جبريل عليه السلام.
وإنما الخلاف إذا ورد إلى النبي عليه السلام ولم يبلغ الأمة هل يتحقق النسخ في حقهم أم لا؟ أثبته بعض الشافعية، ونفاه بعضهم، وبه قال الحنفية، وابن حنبل.
قال: وهو المختار؛ لأن النسخ له لازم، وهو ارتفاع حكم الخطاب السابق، وامتناع الخروج بالفعل الواجب عن العهدة، ولزوم الإتيان بالفعل الواجب الناسخ للإثم بتركه، والثواب على فعله، وهذه اللوازم منتفية، فينتفي الملزوم، وكذلك لزم أهل (قباء) الدخول في الصلاة لبيت المقدس، واعتد النبي عليه السلام لهم بالركعات المتقدمة قبل إتمام الصلاة بعد نزول الوحي قبل بلوغه إليهم، ولقوله تعالى:} وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا {[الإسراء:15]،} وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا {[القصص:59]، ولأنهم إن صلوا إلى الكعبة قبل وصول الناسخ لهم أتموا، ولم يخرجوا عن العهدة.
احتجوا بعزل الوكيل؛ فإن تصرفه لا ينقذ، وإن لم يبلغه العزل؛ ولأن النسخ إسقاط، فلا يعتبر فيه العلم والوصول كالطلاق والعتاق؛ ولأنه لو قال:(أبحت ثمرة بستاني) أبيح لكل من لم تبلغه الإباحة؛ ولأن النسخ بالناسخ لا بالعلم.
والجواب عن الأول: منع الحكم.
وعن الثاني: الفرق أن هاهنا يرفع حكم خطاب سابق، بخلاف هاهنا.
وعن الثالث: منع الحكم.
وعن الرابع: أن العلم شرط لا أنه الناسخ.
وحكي الغزالي في (المستصفى)، والإمام في (البرهان) الخلاف في النسخ في حق من لم يبلغه الناسخ، ولم يتعرضوا لكون النبي عليه السلام بلغه الكل، أو البعض، أو لم يبلغه لأحد.