الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسادسها: قوله تعالى: {وإذا بدلنا آية مكان آية، والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر} [النحل: 101] والتبديل يشتمل على رفع، وإثبات، والمرفوع إما التلاوة، وإما الحكم، وكيف ما كان، فهو رفع ونسخ.
فإن قلت: لم لا يجوز أن يكون المراد به: أن الله تعالى أنزل إحدى الآيتين بدلا عن الأخرى؛ فيكون النازل بدلا عما لم ينزل؟ قلت: جعل المعدوم مبدلا، غير جائز.
واحتج أبو مسلم: بأن الله تعالى وصف كتابه بأنه: {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} [فصلت: 42] فلو نسخ، لكان قد أتاه الباطل.
وجوابه: المراد أن هذا الكتاب لم يتقدمه من كتب الله تعالى ما يبطله ولا يأتيه من بعده ما يبطله، والله أعلم.
المسألة الخامسة
في جواز نسخ القرآن
قال القرافي: قوله: " نسخ الآية إزالتها من اللوح المحفوظ ".
قلنا: لا نسلم أن اللوح المحفوظ يزول منه شيء من القرآن، ولا يلزم من نقله إلينا إزالته كنسخ الكتاب من الكتاب مع بقاء الأصل مكتوبا.
قوله: " إزالة القرآن من اللوح المحفوظ لا يختص ببعض القرآن، فهذا النسخ مختص ببعضه ".
قلنا: لا نسلم أن في قوله تعالى: {ما ننسخ من آية} ما يقتضي اختصاص ذلك بالبعض أو الكل، بل هذا شرط يصلح للقسمين.
قوله: " الخامس: قوله تعالى: {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن
قبلتهم التي كانوا عليها} [البقرة: 142] ثم أزالهم عنها بقوله تعالى: {فول وجهك شطر المسجد الحرام} [البقرة: 144].
قلنا: هذا إنما يتجه أن لو كان التوجه للبيت المقدس حاصلا بالقران، وليس كذلك، بل الذي في القرآن قول السفهاء، وهو يقتضي أن لنا قبله متقدمة، أما أن الأمر بهذا بالكتاب أو بالسنة، فلا نشعر بذلك.
قوله: " وسادسها: قوله تعالى: {وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا: إنما أنت مفتر} [النحل: 101].
قلنا: هذه صيغة شرط، وقد تقدم أن اشرط ليس من شرطه أن يكون ممكنا، فيقول أبو مسلم بموجب الآية.
وأما قوله: " قالوا: وإن كان صيغة ماضية " فلا يدل على الوقوع من جهة إجماع النحاة فيما علمت أن جواب الشرط إذا وقع بالماضي فهو مؤول بالمستقبل، فيكون تقديره:" يقولون " فجاز أن يكون هذا القول المستقبل لم يقع؛ لعدم وقوع شرطه، وإن كان المعلوم أن ذلك وقع، وأنهم قالوا؛ غير أن الاستدلال باللفظ غير الاستدلال بالواقع، والمنع إنما ورد على الدلالة باللفظ.
قوله: " جعل المعدوم بدلا غير جائز ".
قلنا: كما أجمعنا على أن التيمم بدل من الوضوء، مع أن الوضوء لم يوجد، والجمعة بدلا عن الظهر، والظهر بدلا عن الجمعة، مع أن ذلك المبدل عنه غير موجود، ثم إن الآية التي أبدل منها موجودة في اللوح المحفوظ ليست معدومة، فالآيتان موجودتان:
إحداهما: في اللوح المحفوظ.
والأخرى: نزلت إلينا، والخصم إنما سأل هكذا، فقال: لم لا تتلون