الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو مَظْنُونٌ، صَحَّ الصَّرْفُ. وإنْ ظَنَّ أنَّه غيرُ مَوْجُودٍ، لم يَصِحَّ الصَّرْفُ؛ لأنَّ حُكْمَه حُكْمُ المَعْدُومِ. وإنْ شَكَّ فيه فقال ابنُ عَقِيلٍ: يَصِحُّ. وهو قولُ بعضِ الشَّافِعِيَّةِ. وقال القاضِى: لا يَصِحُّ؛ لأنَّه غيرُ مَعْلُومِ البَقَاءِ. وهو مَنْصُوصُ الشَّافِعِىِّ. وَوَجْهُ الأوَّلِ، أنَّ الأصْلَ بَقاؤُه، فصَحَّ البِناءُ عليه عند الشَّكِّ، فإنَّ الشَّكَّ لا يُزِيلُ اليَقِينَ؛ ولذلك صَحَّ بَيْعُ الحَيوانِ الغائِبِ المَشْكُوكِ فى حَياتِه، فإنْ تَبَيَّنَ أنَّه كان تالِفًا حين العَقْدِ، تَبَيَّنَّا أنَّ العَقْدَ وَقعَ باطِلًا.
فصل:
ولا يَجُوزُ بَيْعُ تُرابِ الصَّاغَةِ والمَعْدِنِ بشىءٍ من جِنْسِه؛ لأنَّه مالُ رِبًا بِيعَ بجِنْسِه على وَجْهٍ لا تُعْلَمُ المُماثَلَةُ بينهما، فلم يَصِحَّ، كبَيْعِ الصُّبْرَةِ بالصُّبْرَةِ. وإنْ بِيعَ بغير جِنْسِه، فحَكَى ابنُ المُنْذِرِ عن أحمدَ، كراهَةَ بَيْعِ تُرابِ المَعادِنِ. وهو قولُ عَطاءٍ، والشَّافِعِىِّ، والشَّعْبِىِّ، والثَّوْرِىِّ، والأَوْزاعِىِّ، وإسْحاقَ (29)؛ لأنَّه مَجْهُولٌ. وقال ابنُ أبى مُوسَى فى "الإِرْشادِ": يجوزُ ذلك. وهو قولُ مالِكٍ. ورُوِىَ ذلك عن الحَسَنِ، والنَّخَعِىِّ، ورَبِيعَةَ، واللَّيْثِ (30)، قالوا: فإنِ اخْتَلَطَ، أو أشْكَلَ فلْيَبِعْه بِعَرْضٍ، ولا يَبِعْه بِعَيْنٍ ولا وَرِقٍ؛ لأنَّه باعَهُ بما لا رِبا فيه، فجازَ، كما لو اشْتَرَى ثَوْبًا بدِينارٍ ودِرْهَمٍ.
718 - مسألة؛ قال: (وَالْعَرَايَا الَّتِى أَرْخَصَ فِيهَا رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ هُوَ أنْ يُوهَبَ لِلْإِنْسَانِ مِنَ النَّخْلِ مَا لَيْسَ فِيهِ خمْسَةُ أَوْسُقٍ، فَيَبِيعَها بِخَرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ لِمَنْ يَأْكُلُهَا رُطَبًا)
فى هذه المَسْأَلَةِ فُصُولٌ خمسةٌ:
أَوَّلُها
، فى إباحَةِ بَيْعِ العَرايا فى الجُمْلَةِ. وهو قولُ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ. منهم مالِكٌ، وأهْلُ المَدِينَةِ، والأوْزَاعِىُّ، وأهْلُ الشَّامِ، والشَّافِعِىُّ، وإسْحاقُ، وابنُ
(29) سقط من: الأصل.
(30)
فى الأصل زيادة: "والشافعى".
المُنْذِرِ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَحِلُّ بَيْعُها؛ لأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن بَيْعِ (1) المُزابَنَةِ، والمُزابَنَةُ، بَيْعُ الثَّمَرِ بالتَّمْرِ. مُتَّفَقٌ عليه (2). ولأنَّه يَبِيعُ الرُّطَبَ بالتَّمْرِ من غير كَيْلٍ فى أحَدِهِما، فلم يَجُزْ، كما لو كان على وَجْهِ الأرْضِ، أو فيما زادَ على خَمْسَةِ أوْسُقٍ. ولنا، ما رَوَى أبو هُرَيْرَةَ، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ فى العَرَايَا فى خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، أو دُونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ. مُتَّفَقٌ عليه (3) ورَواه زَيْدُ بن ثابِتٍ، وسَهْلُ ابنُ أبى حَثْمَةَ، وغيرُهما. وخَرَّجَه أئِمَّةُ الحَدِيثِ فى كُتُبِهِم. وَحَديثُهُم فى سِياقِه:"إلَّا العَرَايَا" كذلك فى المُتَّفَقِ عليه (4). وهذه زِيادَةٌ يَجِبُ الأخْذُ بها. [ثُمَّ لو](5) قُدِّرَ تَعارُضُ الحَدِيثَيْنِ، وَجَبَ تَقْدِيمُ حَدِيثِنا لِخُصُوصِه، جَمْعًا بين الحَدِيثَيْنِ، وعَمَلًا بكِلَا النَّصَّيْنِ. وقال ابنُ المُنْذِرِ: الذى نَهَى عن المُزابَنَةِ هو الذى أرْخَصَ فى العَرايا، وطاعَةُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أوْلَى. والقِياسُ لا يُصارُ إليه مع النَّصِّ مع أنَّ فى الحَدِيثِ،
(1) سقط من: الأصل.
(2)
أخرجه البخارى، فى: باب بيع الزبيب بالزبيب والطعام بالطعام، وباب بيع المزابنة، وباب بيع الزرع بالطعام كيلا، من كتاب البيوع، وفى: باب الرجل يكون له ممر أو شرب فى حائط أو فى نخل، من كتاب الشرب. صحيح البخارى 3/ 96، 98، 102، 151. ومسلم، فى: باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا فى العرايا، من كتاب البيوع. صحيح مسلم 3/ 1169، 1171.
كما أخرجه النسائى، فى: باب بيع الثمر بالتمر، وباب بيع الكرم بالزبيب، وباب ببع العرايا بالرطب، وباب بيع الزرع بالطعام، من كتاب البيوع. المجتبى 7/ 234، 236، 237. وابن ماجه، فى: باب المزابنة والمحاقلة، من كتاب التجارات سنن ابن ماجه 2/ 761، 762. والإِمام أحمد، فى: المسند 2/ 5، 7، 16، 63، 64، 108، 123، 392، 3/ 6، 8، 60، 464.
(3)
أخرجه البخارى، فى: باب بيع الثمر على رؤوس النخل بالذهب والفضة، من كتاب البيوع. صحيح البخارى 3/ 99. ومسلم، فى: باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا فى العرايا، من كتاب البيوع. صحيح مسلم 3/ 1171.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى مقدار العرية، من كتاب البيوع. سنن أبى داود 2/ 226. والنسائى، فى: باب بيع العرايا بالرطب، من كتاب البيوع. المجتبى 7/ 235. والإِمام أحمد، فى: المسند 2/ 237.
(4)
فيما أخرجه البخارى، فى: باب الرجل يكون له ممر. . .، من كتاب المساقاة. صحيح البخارى 3/ 151. ومسلم، فى: باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا فى العرايا، من كتاب البيوع. صحيح مسلم 3/ 1171.
(5)
فى م: "ولو".