الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فعلى هذا يجوزُ بَيْعُه مُتَفاضِلًا ومُتَسَاوِيًا؛ لأنَّ النَّوَى الذى (12) فى التَّمْرِ لا عِبْرَةَ به، فصارَ كَبَيْعِ النَّوَى بِمَنْزُوعِ النَّوَى.
فصل:
ويُصْنَعُ من التَّمْرِ الدِّبْسُ، والخَلُّ، والنَّاطِفُ (13)، والقُطارَةُ (14). ولا يَجوزُ بَيْعُ التَّمْرِ بِشَىءٍ منها؛ لأنَّ مع بَعْضِها من غيرِ جِنْسِه، وبَعْضُها مائِعٌ، والتَّمْرُ جامِدٌ. ولا يَجوزُ بَيْعُ النَّاطفِ بعضِه بِبعضٍ، ولا بغيره من المَصْنوعِ من التَّمْرِ؛ لأنَّ معها شَيْئًا مَقْصُودًا من غيرِ (15) جِنْسِهما، فَيُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ مُدِّ عَجْوَةٍ. ويجوزُ بَيْعُ القُطارَةِ، والدِّبْسِ، والخَلِّ، كلِّ نَوْعٍ بعضِه بِبَعْضِ مُتَسَاوِيًا. قال أحْمَدُ فى رِوايةِ مُهَنَّا، فى خَلِّ الدَّقَلِ (16): يَجوزُ بَيْعُ بَعْضِه بِبَعْضٍ مُتَساويًا. وذلك لأنَّ الماءَ فى كلِّ واحِدٍ منهما غيرُ مَقصُودٍ، وهو من مَصْلَحَتِه، فلم يَمْنَعْ جَوازَ البَيْعِ، كالخُبْزِ بالخُبْزِ، والتَّمْرِ بالتَّمْرِ، فى كلِّ واحِدٍ منهما نَواهُ. ولا يُباعُ نَوْعٌ بِنَوْعٍ آخَرَ؛ لأنَّ فى كلِّ واحِدٍ منهما من غيرِ جِنْسِه يَقِلُّ ويَكْثُرُ، فيُفْضِى إلى التَّفاضُلِ.
فصل: والعِنَبُ كالتَّمْرِ فيما ذَكَرْناهُ، إلَّا أنَّه لا يُبَاعُ خَلُّ العِنَبِ بِخَلِّ الزَّبيبِ؛ لِانْفِرادِ [كلِّ واحِدٍ منهما](17) بما ليس من جِنْسِهِ. ويجوزُ بَيْعُ خَلِّ الزَّبيبِ بعضِهِ بِبعضٍ، كما يجوزُ بَيْعُ خَلِّ التَّمْرِ بعضِهِ بِبعضٍ.
710 - مسألة؛ قال: (وَالبُرُّ والشَّعِيرُ جِنْسَانِ)
هذا هو المذهبُ، وبه يقولُ الثَّوْرِىُّ، والشَّافِعِىُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وأصحابُ الرَّأْىِ. وعن أحمدَ، أنَّهما جِنْسٌ واحِدٌ. وحُكِىَ ذلك عن سَعْدِ بنِ أبى
(12) سقط من: الأصل.
(13)
النَّاطِف: السائل من المائعات، وضرب من الحلوى يصنع من اللوز والجوز والفستق.
(14)
القُطارة: ما قطر من الحب ونحوه.
(15)
سقط من: م.
(16)
الدَّقَل: أردأ التمر.
(17)
فى الأصل: "أحدهما".
وَقَّاصٍ، وعبدِ الرَّحمنِ بنِ الأسودِ بنِ عبدِ يَغوثَ (1)، وابن مُعَيْقيبٍ الدَّوْسِىِّ (2)، والحَكَمِ، وحَمَّادٍ، ومالِكٍ، واللَّيْثِ؛ لما رُوِىَ عن مَعْمَرِ بن عبدِ اللهِ، أنَّه أرسلَ غُلامَهُ بصاعِ قَمْحٍ، فقال: بِعْهُ، ثم اشْتَرِ به شَعِيرًا. فذَهَبَ الغُلامُ، فأخَذَ صاعًا وزِيادَةً بَعْضَ صَاعٍ، فلمَّا جاء مَعْمَرًا، أخْبَرَهُ بذلك، فقال له مَعْمَرٌ: لِمَ فَعَلْتَ ذلك؟ انْطَلِقْ فَرُدَّه، ولا تَأْخُذَنْ إلَّا مِثْلًا بمِثْلٍ، فإنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم نهَى عن بَيْعِ الطَّعَامِ بالطَّعَامِ إلًا مِثْلًا بمِثلٍ، وكان طَعامُنا يَوْمَئِذٍ الشَّعيرَ. قيل: فإنَّه ليس بمثلهِ. قال: إنِّى أخافُ أن يُضارِعَ (3). أخرجَهُ مُسْلِمٌ (4). ولأنَّ أحَدَهما يُغَشُّ بالآخَرِ، فكانا. كَنَوْعَىِ الجِنْسِ. ولنا، قولُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم:"بِيعُوا البُرَّ بالشَّعِيرِ كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ"(5). وفى لَفْظٍ: "لَا بَأْسَ بِبَيْعِ البُرِّ بالشَّعِيرِ، والشَّعِيرُ أكْثَرُهُما، يَدًا بِيَدٍ، وأمَّا نَسِيئَةً فلا"(6)، وفى لَفْظٍ:"فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هذه الأصْنَافُ فَبِيعُوا كيف شِئْتُمْ"(6). وهذا صَريحٌ صَحيحٌ، لا يَجوزُ تَرْكُهُ بغيرِ مُعارِضٍ مِثْلِهِ، ولأنَّهما لم يَشْتَركا فى الاسْمِ الخاصِّ، فلم يكونا جِنْسًا واحِدًا، كالتَّمْرِ، والحِنْطَةِ، ولأنَّهما مُسَمَّيانِ فى الأَصْنافِ السِّتَّةِ، فكانا جِنْسَيْنِ، كسائِرِها. وحَديثُ مَعْمَرٍ لا بُدَّ فيه من إضْمارِ الجِنْسِ، بِدَليلِ سائِرِ أجْناسِ الطَّعامِ، ويَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ الطَّعامَ المَعْهودَ عِنْدَهم، وهو الشَّعيرُ، فإنَّه قال فى الخَبَرِ: وكان طعامُنا يَوْمَئِذٍ الشَّعيرَ، ثم لو كان
(1) أبو محمد عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث الزهرى المدنى، ثقة من كبار التابعين. تهذيب التهذيب 6/ 139.
(2)
إياس بن الحارث بن معيقيب الدوسى، حجازى ثقة، روى عن جده معيقيب الصحابى، تهذيب التهذيب 1/ 387.
(3)
يضارع: يشابه ويشارك.
(4)
تقدم تخريجه فى صفحة 56.
(5)
أخرجه النسائى، فى: باب بيع البر بالبر، وباب بيع الشعير بالشعير، من كتاب البيوع. المجتبى 7/ 241، 242. وابن ماجه، فى: باب الصرف وما لا يجوز متفاضلا يدا بيد، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه 2/ 757، 758.
(6)
تقدم تخريجه فى صفحة 62.