الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل:
وأمَّا التَّوْلِيَةُ والشَّرِكَةُ فيما يَجوزُ بَيْعُه فجائِزانِ، لأنَّهما نَوْعانِ من أَنْواعِ البَيْعِ، وإنَّما اخْتَصَّا بأسْماءٍ، كما اخْتَصَّ بَيْعُ المُرَابَحَةِ والمُوَاضَعَةِ بأسْماء. فإذا اشْتَرَى شَيْئًا فقال له رَجُلٌ: أشْرِكْنِى فى نِصْفِه بِنِصْفِ الثَّمَنِ. فقال: أشْرَكْتُكَ. صَحَّ، وصارَ (1) مُشْتَرَكًا بينهما. وإنْ قال: وَلِّنِى ما اشْتَرَيْتَه بالثَّمَنِ فقال: وَلَّيْتُكَ. صَحَّ، إذا كان الثَّمَنُ مَعْلُومًا لهما. فإنْ جَهِلَهُ أحَدُهما، لم يَصِحَّ، كما لو باعَه بالرَّقَمِ. ولو قال: أشْرِكْنِى فيه. أو قال: الشَّرِكَةُ فيه (2). فقال: أشْرَكْتُكَ. أو قال: وَلِّنِى ما اشْتَرَيْت. ولم يَذْكُرِ الثَّمَنَ، صَحَّ إذا كان الثَّمَنُ مَعْلُومًا؛ لأنّ الشَّرِكَةَ تَقْتَضِى ابْتِياعَ جُزْءٍ منه بقِسْطهِ من الثَّمَنِ، والتَّوْلِيَةَ ابْتِياعَه بمثلِ الثَّمَنِ، فإذا أُطْلِق اسمُه انْصَرَفَ إليه، كما لو قال: أقِلْنِى. فقال: أقَلْتُكَ. وفى حَدِيثٍ عن زُهْرَةَ ابن مَعْبَدٍ، [أنَّه كان يَخْرُجُ](3) به جَدُّه (4) عبدُ اللَّه بن هِشَامٍ إلى السُّوقِ، فيَشْتَرِى الطَّعَامَ، فيَلْقاهُ (5) ابنُ عمرَ وابنُ الزُّبَيْرِ، فيقولانِ له: أشْرِكْنَا، فإنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَعَا لك بالبَرَكَةِ. فَيُشْرِكُهُم، فربَّما أصَابَ الرَّاحِلَةَ كما هى، فيَبْعَث بها إلى المَنْزِلِ. ذكره البُخارِيُّ (6). ولو اشْتَرَى شَيْئًا، فقال له رَجُلٌ: أشْرِكْنِى. فشَرَكَهُ (7)، انْصَرَفَ إلى نِصْفِه؛ لأنّها بإطْلاقِها تَقْتَضِى التَّسْوِيَةَ. فإنْ اشْتَرَى اثْنانِ عَبْدًا، فاشْتَركا فيه، فقال لهما رَجُلٌ: أشْرِكانِى فيه. فقالا: أشْرَكْناكَ. احْتَملَ أنْ يكونَ له النِّصْفُ؛ لأنَّ اشْتِرَاكهُما (8) لو كان من كلِّ واحدٍ منهما مُنْفَرِدًا كان له النِّصْفُ، فكذلك
(1) فى الأصل: "وكان".
(2)
سقط من: "الأصل".
(3)
فى الأصل: "ويخرج".
(4)
سقط من: م.
(5)
فى م: "فيتلقاه".
(6)
فى: باب الشركة فى الطعام وغيره، من كتاب الشركة. صحيح البخارى 3/ 184.
(7)
فى م هنا وفيما فى: "فأشركه".
(8)
فى م: "إشراكهما".
حالَ الاجْتِماعِ. ويَحتَمِل أنْ يكونَ له الثُّلُثُ؛ لأنَّ الاشْتِراكَ يُفِيدُ التَّساوِىَ، ولا يَحْصُلُ التَّساوِى إلَّا بِجَعْلِه بينهم أثْلاثًا. وهذا أصَحُّ؛ لأنّ اشْتِرَاكَ (9) الواحدِ إنّما اقْتَضَى النِّصْفَ؛ لِحُصُولِ التَّسْوِيَةِ به. وإنْ شَرَكَهُ كلُّ واحدٍ منهما مُنْفَردًا، كان له النِّصْفُ، ولكلِّ واحد منهما الرُّبُعُ. وإنْ قال: أشْرِكانِى فيه. فشَرَكَهُ أحَدُهما، فعلَى الوَجْهِ الأوَّلِ يكونُ له نِصْفُ حِصَّةِ الذى شرَكَه وهو الرُّبُعُ، وعلى الآخَرِ له السُّدُسُ؛ لأنّ طَلَبَ الشَّرِكَةِ منهما يَقْتَضِى طَلَبَ ثُلُثِ ما فى يَدِ كلِّ واحدٍ منهما؛ ليكونَ مُساوِيًا لهما. فإذا أجابَه أحَدُهما ثَبَتَ له المِلْكُ فيما طَلَبَ منه. [وإنْ قال له أحَدُهما: أشْرَكْناكَ. انْبَنَى على تَصَرُّفِ الفُضُولِيِّ] (10). فإنْ قُلْنا: يَقِفُ على الإِجازَةِ من صاحِبِه. فأجازَه، فهل يَثْبُتُ له المِلْكُ فى نِصْفهِ أو فى ثُلُثِه؟ على الوَجْهَيْنِ. ولو قال لأحَدِهِما: أشْرِكْنِى فى نِصْفِ هذا العَبْدِ فأشْرَكَه، فإن قُلْنا: يَقِفُ على الإِجازَةِ من صاحِبِه، فأجازَه. فله نِصْفُ العَبْدِ، ولهما نِصْفُه، وإلَّا فلَهُ نِصْفُ حِصَّةِ الذى شَرَكَهُ. وإنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَلَقِيَهُ رَجُلٌ، فقال: أشْرِكْنِى فى هذا العَبْدِ. فقال: قد شَرَكْتُكَ (11). فله نِصْفُه. فإنْ لَقِيَه آخَرُ فقال: أشْرِكْنِى فى هذا العَبْدِ. وكان عالِمًا بِشَرِكَةِ الأوَّلِ، فله رُبْعُ العَبْدِ، وهو نِصْفُ حِصَّةِ الذى شَرَكَهُ؛ لأنّ طَلَبَه للإِشْراكِ رَجَعَ إلى ما مَلَكَه المُشارِكُ. وهو [النِّصْفُ، فيكونُ بينهما. وإنْ لم يَعْلَمْ بِشَرِكَةِ الأوَّلِ، فهو طالِبٌ لِنِصْفِ العَبْدِ؛ لِاعْتِقادِه](12) أنَّ العَبْدَ كلَّه لهذا الذى طَلَبَ منه المُشارَكَةَ. فإذا قال له: شرَكْتُكَ فيه. احْتَمَل ثلاثَةَ أوْجُه؛ أحدَها، أنْ يَصِيرَ له نِصْفُ العَبْدِ كلِّه،
(9) فى م: "إشراك".
(10)
سقط من: "الأصل".
(11)
فى م: "أشركتك".
(12)
سقط من: "الأصل".