الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل:
وإن كان المَبِيعُ كاتِبًا أو صانِعًا، فنَسِىَ ذلك عند المُشْتَرِى، ثم وَجَدَ به عَيْبًا، فذلك عَيْبٌ حادِثٌ عندَ المُشْتَرِى، حُكْمُه حُكْمُ غيرِه مِن العُيُوبِ. وعن أحمدَ، يَرُدُّه، ولا يَرُدُّ معه شَيْئًا. وعَلَّلَه القاضى بأنَّه ليس بِنَقْصٍ فى العَيْنِ، ويُمْكِنُ عَوْدُه بالتَّذَكُّرِ. قال: وعلى هذا لو كان سَمِينًا فهَزَلَ. والقِياسُ ما ذَكَرْناه؛ فإن الصِّناعَةَ (14) والكِتابَةَ مُتَقَوَّمَةٌ تُضْمَنُ فى الغَصْبِ، وتَلْزَمُ بِشَرْطِها فى البَيْعِ، فأشْبَهَتِ الأعيانَ والمَنافِعَ، مِن السَّمْعِ والبَصَرِ، والعَقْلِ، وإمكانُ العَوْدِ مُنْتَقِضٌ بالسِّنِّ، والبَصَرِ، والحَمْلِ. ولعلَّ ما رُوِىَ عن أحمدَ أرادَ به، إذا دَلَّسَ البائِعُ العَيْبَ.
فصل: وإذا تَعَيَّب المَبِيعُ فى يَدِ البائِع بعدَ العَقْدِ؛ فإنْ كان المَبِيعُ مِن ضمانِه، فحُكْمُه حُكْمُ العَيْبِ القَدِيمِ، وإنْ كان مِن ضمانِ المُشْتَرِى، فحُكْمُه حُكْمُ العَيْبِ الحادِث بعدَ القَبْضِ. فأمّا الحادِثُ بعدَ القَبْضِ، فهو مِن ضمانِ المُشْتَرِى، ولا يَثْبُتُ به خِيارٌ. وبهذا قال أبو حنيفةَ، والشّافِعِىُّ. وقال مالِكٌ: عُهْدَةُ الرَّقِيقِ ثلاثةُ أيّامِ، فما أصابَهُ فيها فهو مِن ضمانِ البائِعِ، إلّا فى الجُنُونِ، والجُذامِ، والبَرَصِ، فإنْ ظَهَرَ إلى سَنَةٍ ثَبَتَ الخِيارُ؛ لما رَوَى الحَسَنُ، عن عُقْبَةَ؛ أنّ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ عُهْدَةَ الرَّقِيقِ ثلاثةَ أيّامٍ (15). وأَنَّه إجماعُ أهلِ المَدِينَةِ. ولأنَّ الحَيَوانَ يَكونُ فيه العَيْبُ، ثم يَظْهَرُ. ولَنا، أنّه ظَهَرَ فى يَدِ المُشْتَرِى، ويجوزُ أنْ يَكُونَ حادِثًا، فلم يَثْبُتْ به الخِيارُ، كسائِرِ المَبِيعِ، أو ما بعدَ الثّلاثةِ والسَّنَةِ، وحَدِيثُهُم لا يَثْبُتُ؛ قال الإمامُ أحمدُ: ليس فيه حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وقال ابنُ المُنْذِرِ: لا يَثْبُتُ فى العُهْدَةِ حَديثٌ صحيحٌ، والحَسَنُ لم يَلْقَ عُقْبَةَ. وإجماعُ أهلِ المَدِينَةِ ليس بِحُجَّةٍ. والدّاءُ
(14) فى م: "الصياغة".
(15)
أخرجه أبو داود، فى: باب عهدة الرقيق، من كتاب البيوع. سنن أبى داود 2/ 254. وابن ماجه عن سمرة بن جندب، فى: باب عهدة الرقيق، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه 2/ 754. والدارمى، فى: باب فى الخيار والعهدة، من كتاب البيوع. سنن الدارمى 2/ 251.