الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
797 - مسألة؛ قال: (والرَّهْنُ إذَا تَلِفَ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ مِنَ المُرْتَهِنِ، رَجَعَ المُرْتَهِنُ بِحَقِّه عِنْدَ مَحلِّه، وكَانَتْ المُصِيبَةُ فِيهِ مِنْ رَاهِنِهِ، وَإن كَانَ بِتَعَدِّى المُرْتَهِنِ، أوْ لَمْ يَحْرُزْهُ، ضَمِنَ)
أمَّا إذا تَعَدَّى المُرْتَهِنُ فى الرَّهْنِ، أو فَرَّطَ فى الحِفْظِ للرَّهْنِ الذى عندَه حتى تَلِفَ، فإنَّه يَضْمَنُ. لا نَعْلَمُ فى وُجُوبِ الضَّمَانِ عليه خِلَافًا؛ ولأنَّه أمَانَةٌ فى يَدِه، فلَزِمَه إذا تَلِفَ بِتَعَدِّيه أو تَفْرِيطِه، كالوَدِيعَةِ. وأمَّا إن تَلِفَ من غيرِ تَعَدٍّ منه ولا تَفْرِيطٍ، فلا ضَمَانَ عليه، وهو من مَالِ الرَّاهِنِ. يُرْوَى ذلك عن عَلِىٍّ رَضِىَ اللَّه عنه. وبه قال عَطَاءٌ، والزُّهْرِىُّ، والأوْزَاعِىُّ، والشَّافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ. ويُرْوَى عن شُرَيْحٍ، والنَّخَعِىِّ، والحسنِ، أنَّ الرَّهْنَ يُضْمَنُ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، وإن كان أكْثَرَ من قِيمَتِه؛ لأنَّه رُوِىَ عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:"الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ"(1). وقال مَالِكٌ إن كان تَلَفُه بأمْرٍ ظَاهِرٍ، كالمَوْتِ والحَرِيقِ، فمِن ضَمَانِ الرَّاهِنِ، وإن ادَّعَى تَلَفَه بأَمْرٍ خَفِىٍّ، لم يُقبَلْ قولُه، وضَمِنَ. وقال الثَّوْرِىُّ، وأصْحَابُ الرَّأْىِ: يَضْمَنُه المُرْتَهِنُ بأقَلِّ الأَمْرَيْنِ مِن قِيمَتِه أو قَدْرِ الدَّيْنِ. ويَرْوِى ذلك عُمَرُ بن الخَطَّابِ، رَضِىَ اللهُ عنه. واحْتَجُّوا بما رَوَى عَطَاءٌ، أنَّ رَجُلًا رَهَنَ فَرَسًا، فنَفَقَ عند المُرْتَهِنِ، فجاء إلى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، فأخْبَرَه بذلك، فقال:"ذَهَبَ حَقُّكَ"(2). ولأنَّها عَيْنٌ مَقْبُوضَةٌ لِلاسْتِيفَاءِ، فيَضْمَنُها مَن قَبَضَها لذلك، أو من قَبَضَها نَائِبُه، كحَقِيقَةِ المُسْتَوْفَى، ولأنَّه مَحْبُوسٌ بِدَيْنٍ، فكان مَضْمُونًا، كالمَبِيعِ إذا حُبِسَ لِاسْتِيفَاءِ
(1) فى حاشية ص: "رواه أنس".
والحديث أخرجه البيهقى، فى: باب من قال الرهن مضمون، من كتاب البيوع. السنن الكبرى 6/ 40. والدارقطنى، فى: كتاب البيوع. سنن الدارقطنى 3/ 32 وانظر نصب الراية، فى: كتاب الرهن 4/ 322. وقال: رواه أبو داود فى مراسيله، عن عطاء، عن النبى صلى الله عليه وسلم.
(2)
أخرجه البيهقى، فى: باب من قال الرهن مضمون، من كتاب الرهن. السنن الكبرى 6/ 41. وابن أبى شيبة، فى: باب فى الرجل يرهن الرجل فيهلك، من كتاب البيوع والأقضية. المصنف 7/ 183. وقال الزيلعى: أخرجه أبو داود فى مراسيله، نصب الراية 4/ 321.