الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذه السِّلْعَةِ بدونِ هذا الثَّمَنِ، أو أَبِيعُكَ خَيْرًا منها بِثَمَنِها، أو دونَه، أو عَرَضَ عليه سِلْعَةً رَغِبَ فيها المُشْتَرِى، ففَسَخَ البَيْعَ، واشْتَرَى هذه، فهذا غيرُ جَائِزٍ؛ لِنَهْىِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم عنه، ولِمَا فيه من الإِضْرارِ بالمُسْلِمِ، والإِفْسادِ عليه. وكذلك إنِ اشْتَرَى على شِراءِ أخِيهِ، وهو أن يَجِىءَ إلى البائِعِ قبلَ لُزُومِ العَقْدِ، فيَدْفَعَ فى المَبِيعِ أكْثَرَ من الثَّمَنِ الذى اشْتُرِىَ به، فهو مُحَرَّمٌ أيضًا؛ لأنَّه فى مَعْنَي المَنْهِىِّ عنه، ولأنَّ الشِّراءَ يُسَمَّى بَيْعًا، فيَدْخُلُ فى النَّهْىِ، ولأنَّ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم: نَهَى أَنْ يَخْطُبَ على خِطْبَةِ أخِيهِ (3). وهو فى مَعْنَى الخاطِبِ. فإن خالَفَ وعَقَدَ، فالبَيْعُ باطِلٌ؛ لأنَّه مَنْهِىٌّ عنه، والنَّهْىُ يَقْتَضِى الفَسادَ. ويحتَمِلُ أنَّه صَحِيحٌ؛ لأنَّ المُحَرَّمَ هو عَرْضُ سِلْعَتِه على المُشْتَرِى، أو قولُه الذى فَسَخَ البَيْعَ من أَجْلِه، وذلك سابِقٌ على البَيْعِ، ولأنَّه إذا صَحَّ الفَسْخُ الذى حَصَلَ به الضَّرَرُ، فالبَيْعُ المُحَصِّلُ لِلْمَصْلَحَةِ أولَى، ولأنَّ النَّهْىَ لِحَقِّ آدَمِىٍّ، فأشْبَه بَيْعَ النَّجْشِ. وهذا مذهبُ الشَّافِعِىِّ.
فصل:
ورَوَى مُسْلِمٌ (4)، عن أبى هُرَيْرَةَ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَسُمِ
(3) أخرجه البخارى، فى: باب لا يبيع على بيع أخيه. . .، من كتاب البيوع، وفى: باب ما لا يجوز من الشروط فى النكاح، من كتاب الشروط، وفى: باب لا يخطب على خطبة أخيه. . .، من كتاب النكاح. صحيح البخارى 3/ 91، 250، 7/ 24. ومسلم، فى: باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها. . .، وباب تحريم الخطبة على خطبة أخيه. . .، من كتاب النكاح، وفى: باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه. . .، من كتاب البيوع. صحيح مسلم 2/ 1028، 1032 - 1034، 3/ 1154. وأبو داود، فى: باب فى كراهية أن يخطب الرجل على خطبة أخيه، من كتاب النكاح. سنن أبي داود 1/ 480. والترمذى، فى: باب ما جاء أن لا يخطب الرجل على خطبة أخيه، من أبواب النكاح. عارضة الأحوذى 1/ 480. والنسائى، فى: باب سوم الرجل على سوم أخيه، من كتاب البيوع. المجتبى 7/ 226. وابن ماجه، فى: باب لا يخطب الرجل على خطبة أخيه، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه 1/ 600. والدارمى، فى: باب النهى عن خطبة الرجل على خطبة أخيه، من كتاب النكاح. سنن الدارمى 2/ 135. والإمام مالك، فى: باب ما جاء فى الخطبة، من كتاب النكاح. الموطأ 2/ 523. والإمام أحمد، فى: المسند 20/ 122، 124، 130، 142، 153، 238، 274، 311، 318، 394، 411، 427، 457، 462، 463، 487، 489، 4/ 147، 5/ 11.
(4)
فى: باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها. . .، وباب تحريم الخطبة على خطبة أخيه. . .، من كتاب النكاح، وفى: باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه. . .، من كتاب البيوع. صحيح مسلم 2/ 1029، 1033، 1034، 3/ 1154، 1155. =
الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أخِيهِ". ولا يَخْلُو من أربعةِ أقْسَامٍ؛ أحدِها، أن يُوجَدَ من البائِعِ تَصْرِيحٌ بالرِّضَا بالبَيْعِ، فهذا يَحْرُمُ السَّوْمُ على غيرِ ذلك المُشْتَرِى، وهو الذى تَنَاوَلَهُ النَّهْىُ. الثانى، أن يَظْهَرَ منه ما يَدُلُّ على عَدَمِ الرِّضَا فلا يَحْرُمُ السومُ؛ لأنَّ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم بَاعَ فى مَن يَزِيدُ، فرَوَى أنَسٌ: أن رَجُلًا من الأَنْصَارِ شَكَا إلى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم الشِّدَّةَ والجَهْدَ، فقال له: "أما بَقِىَ لك شَىْءٌ؟ " فقال: بَلَى، قَدَحٌ وحِلْسٌ (5)، قال: "فَأْتِنى بِهِمَا" فأتَاهُ بهما، فقال: "مَنْ يَبْتَاعُهُما؟ " فقال رَجُلٌ: أخَذْتُهُمَا بِدِرْهَمٍ. فقال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ؟ مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ؟ " فأَعْطَاهُ رَجُلٌ دِرْهَمَيْنِ، فبَاعَهُما منه. رَوَاهُ التِّرْمِذِىُّ (6)، وقال: حَدِيثٌ حَسَنٌ. وهذا أيضًا إجْماعُ المُسلِمين، يَبِيعُونَ فى أَسْواقِهِم بالمُزَايَدَةِ. الثالث، أن لا يُوجَدَ منه ما يَدُلُّ على الرِّضا [ولا على](7) عَدَمِه، فلا يَحْرُمُ (8) السَّوْمُ أيضًا، ولا الزِّيادَةُ؛ اسْتِدْلالًا بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بنتِ قَيْسٍ، حين ذَكَرَتْ للنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أنَّ مُعَاوِيَةَ وأبَا جَهْمٍ خَطَبَاهَا، فأمَرَها أن تَنْكِحَ أُسَامَةَ (9). وقد نَهَى عن الخِطْبَةِ على خِطْبَةِ أخِيهِ، كما نَهَى عن سَوْمِ أخِيهِ، فما أُبِيحَ فى أحَدِهما أُبِيحَ فى الآخَرِ.
= كما أخرجه الترمذى، فى: باب ما جاء فى النهى عن البيع على بيع أخيه، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذى 5/ 293. وابن ماجه، فى: باب لا يبيع الرجل على بيع أخيه. . .، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه 2/ 734. والإمام أحمد، فى: المسند 2/ 394، 411، 427، 457، 463، 487، 489، 508، 512، 516، 529.
(5)
الحلس: كل شىء ولى ظهر البعير والدابة تحت الرحل والقتب والسرج والبرذعة.
(6)
فى: باب ما جاء فى بيع من يزيد، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذى 5/ 224.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب ما يجوز فيه المسألة، من كتاب الزكاة. سنن أبي داود 1/ 381. والنسائى، فى: باب البيع فى من يزيد، من كتاب البيوع. المجتبى 7/ 227. وابن ماجه، فى: باب بيع المزايدة، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه 2/ 740.
(7)
سقط من: الأصل.
(8)
فى أ، م:"يجوز له".
(9)
أخرجه مسلم، فى: باب المطلقة ثلاثًا لا سكنى لها، من كتاب الطلاق. صحيح مسلم 2/ 1114 - 1116. وأبو داود، فى: باب نفقة المبتوتة، من كتاب الطلاق. سنن أبي داود 1/ 532. والترمذى، فى: باب =