الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فى هذه الصُّورَةِ لم (10) يَلْزَمْه بَدَلُ الرَّهْنِ؛ لأنَّه إذا قُدِّمَ المالُ على حَقِّ المُرْتَهِنِ، فالقِصَاصُ أَوْلَى، ولأنَّ القِصَاصَ يَثْبُتُ لِلْمَوْرُوثِ مُقَدَّمًا على حَقِّ المُرْتَهِنِ، فكذلك (11) فى حَقِّ وَارِثِه.
فصل:
وإن كانت الجِنايَةُ على مُكَاتَبِ السَّيِّدِ، فهى كالجِنايَةِ على وَلَدِه، وتَعْجِيزُه كَمَوْتِ وَلَدِه، فيما ذَكَرْنَا. واللَّه أعلم.
فصل: فإن جَنَى العَبْدُ المَرْهُونُ بإذْنِ سَيِّدِه، وكان ممَّن يَعْلَمُ تَحْرِيمَ الجِنَايَةِ، وأنَّه لا يَجِبُ عليه قَبُولُ ذلك من سَيِّدِه، فهى كالجِنَايَةِ بغيرِ إذْنِه، وإن كان أعْجَمِيًّا، أو صَبِيًّا لا يَعْلَمُ ذلك، فالسَّيِّدُ هو القاتِلُ، والقِصَاصُ والدِّيَةُ مُتَعَلِّقَانِ به، لا يُبَاعُ العَبْدُ فيها، مُوسِرًا كان السَّيِّدُ أو مُعْسِرًا كما لو بَاشَرَ السَّيِّدُ القَتْلَ. وذَكَرَ القاضى وَجْهًا آخَرَ، أنَّ العَبْدَ يُبَاعُ إذا كان السَّيِّدُ مُعْسِرًا؛ لأنَّه بَاشَرَ الجِنَايَةَ. والصَّحِيحُ الأَوَّلُ؛ لأنَّ العَبْدَ آلَةٌ، فلو تَعَلَّقَتِ الجِنَايَةُ به بِيعَ فيها وإن كان السَّيِّدُ مُوسِرًا، وحُكْمُ إقْرَارِ العَبْدِ بالجِنَايَةِ، حُكْمُ إقْرَارِ العَبْدِ غيرِ المَرْهُونِ، على ما مَضَى بَيَانُه فى مَوْضِعِه.
792 -
مسألة؛ قال: (وإذَا (1) جُرِحَ العَبْدُ المَرْهُونُ، أو قُتِلَ، فَالخَصْمُ فِى ذلِك سَيِّدُهُ، ومَا قَبَضَ بِسَبَبِ ذَلِك مِنْ شَىْءٍ فَهُوَ رَهْنٌ)
وجملتُه أنَّه إذا جُنِىَ على الرَّهْنِ، فَالخَصْمُ فى ذلك سَيِّدُه؛ لأنَّه مالِكُه، والأَرْشُ الوَاجِبُ بالجِنَايَةِ مِلْكُه، وإنَّما لِلْمُرْتَهِن فيه حَقُّ الوَثِيقَةِ، فصَارَ كالعَبْدِ المُسْتَأْجَرِ والمُودَعِ، وبهذا قال الشَّافِعِيُّ، وغيرُه. فإن تَرَكَ المُطَالَبَةَ، أو أَخَّرَها، أو كان غَائِبًا، أو له عُذْرٌ يَمْنَعُه منها، فَلِلْمُرْتَهِنِ المُطَالَبَةُ بها؛ لأنَّ حَقَّهُ مُتَعَلِّقٌ بمُوجِبِهَا، فكان له الطَّلَبُ به، كما لو كان الجانِى سَيِّدَه. ثمَّ إن كانت الجِنَايَةُ مُوجِبَةً للقِصَاصِ،
(10) فى م: "لا".
(11)
سقط من: م.
(1)
فى م: "وإن".
فلِلسَّيِّدِ القِصَاصُ؛ لأنَّه حَقٌّ له، وإنَّما يَثْبُتُ لِيُسْتَوْفَى، فإن اقْتَصَّ، أُخِذَتْ منه قِيمَةُ أقَلِّهِما قِيمَةً، فجُعِلَتْ مكانَه رَهْنًا. نَصَّ عليه أحْمَدُ، فى رِوَايَةِ ابن منصورٍ، وهو (2) قولُ إسْحاقَ. ويَتَخَرَّجُ أن لا يَجِبَ عليه شىءٌ. وهو مذهبُ الشَّافِعِيِّ؛ لأنَّه لم يَجِبْ بالجِنَايَةِ مالٌ، ولا اسْتُحِقَّ بحالٍ، وليس على الرَّاهِنِ أن يَسْعَى لِلْمُرْتَهِنِ فى اكْتِسَابِ مالٍ. ولَنا، أنَّه أتْلَفَ مالًا اسْتُحِقَّ بِسَبَبِ إتْلَافِ الرَّهْنِ، فغَرِمَ قِيمَتَه، كما لو كانت الجِنَايَةُ مُوجِبَةً للمالِ، وهكذا الحُكْمُ فيما إذا ثَبَتَ القِصَاصُ لِلسَّيِّدِ فى عَبْدِه المَرْهُونِ، وإنَّما أَوْجَبْنَا أقَلَّ القِيمَتَينِ، لأنَّ حَقَّ المُرْتَهِنِ إنَّما يَتَعَلَّقُ بالمالِيَّةِ، والواجِبُ من المالِ هو أقَلُّ القِيمَتَيْنِ، لأنَّ الرَّهْنَ إن كان أقَلَّ لم يَجِبْ أَكْثَرُ من قِيمَتِه، وإن كان الجانِى أقَلَّ لم يَجِبْ أكثَرُ من قِيمَتِه، وإن عَفَا على مالٍ صَحَّ عَفْوُه، وَوَجَبَ أقَلُّ القِيمَتَيْنِ، لما ذَكَرْنَا. هذا إذا كان القِصَاصُ قَتْلًا، وإن كان جُرْحًا أو قَلْعَ سِنٍّ ونحوَه، فالوَاجِبُ بالعَفْوِ أقَلُّ الأمْرَيْنِ؛ من أَرْشِ الجُرْحِ، أو قِيمَةِ الجانِى. وإن عَفَا مُطْلَقًا، أو على غيرِ مالٍ، انْبَنَى ذلك على مُوجِبِ العَمْدِ ما هو؟ فإنَّ قُلْنا: مُوجِبُه أحَدُ شَيْئَيْنِ. ثَبَتَ المالُ. وإن قُلْنا: مُوجِبُه القِصَاصُ عَيْنًا، فحُكْمُه حُكْمُ ما لو اقْتَصَّ؛ إن قُلْنا ثَمَّ: يَجِبُ قِيمَتُه على الرَّاهِنِ. وَجَبَ هاهُنا. وهو اخْتِيَارُ أبي الخَطَّابِ؛ لأنَّه فَوَّتَ بَدَلَ الرَّهْنِ بِفِعْلِه، أشْبَهَ ما لو اقْتَصَّ. وإن قُلْنا: لا يَجِبُ على الرَّاهِنِ شىءٌ ثَمَّ. لم يَجِبْ هاهُنا شَىءٌ. وهو قول القاضى، ومذهبُ الشَّافِعِيِّ؛ لأنَّه اكْتِسَابُ مالٍ، فلا يُجْبَرُ عليه. وأمَّا إن كانت الجِنَايَةُ مُوجِبَةً للمالِ، أو ثَبَتَ المالُ بالعَفْوِ عن الجِنَايَةِ المُوجِبَةِ للقِصَاصِ، فإنَّه يَتَعَلَّقُ به حَقُّ الرَّاهِنِ والمُرْتَهِنِ، ويكون من غالِبِ نَقْدِ البَلَدِ، كقِيَمِ المُتْلَفَاتِ، فلو أَرَادَ الرَّاهِنُ أن يُصَالِحَ عنها، أو يَأْخُذَ حَيَوَانًا عنها، لم يَجُزْ إلَّا بِإِذْنِ المُرْتَهِنِ، فإنْ أَذِنَ فيه جَازَ؛ لأنَّ الحَقَّ لهما لا (3) يخرجُ عنهما، وما قَبَضَ مِن شَىءٍ فهو رَهْنٌ، بَدَلًا عن الأَوَّلِ، نَائِبًا عنه،
(2) فى م: "وهذا".
(3)
فى م: "أن".