الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ الرِّبا والصَّرْف
الرِّبا في اللُّغَةِ: هو الزِّيادَةُ. قال اللهُ تَعالَى: {فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} (1). وقال: {أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ} (2). أي أكْثَرُ عَدَدًا، يُقالُ: أَرْبَى فُلانٌ على فُلانٍ، إذا زادَ عليه. وهو في الشَّرْعِ: الزِّيادَةُ في أشْياءَ مَخْصُوصَةٍ. وهو مُحَرَّمٌ بالكِتابِ، والسُّنَّةِ، والإجْماعِ؛ أمّا الكِتابُ، فقولُ اللهِ تَعالَى:{وَحَرَّمَ الرِّبَا} (3). وما بَعْدَها مِن الآياتِ. وأمّا السُّنَّةُ، فَرُوِيَ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ". قِيلَ: يا رسولَ اللهِ ما هي؟ قال: "الشِّرْكُ بِاللهِ، والسِّحْرُ، وقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إلَّا بِالْحَقِّ، وأَكْلُ الرِّبَا، وأكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، والتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ". وَرُوِيَ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنّه لَعَنَ آكِلَ الرِّبَا، ومُوكِلَه، وشَاهِدَيْه، وكاتِبَه. مُتَّفَقٌ عليهما (4) في أخْبارٍ سوى هذين
(1) سورة الحج 5.
(2)
سورة النحل 92.
(3)
سورة البقرة 275.
(4)
الأول أخرجه البخاري، في: باب قول اللَّه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} ، من كتاب الوصايا. وباب الشرك والسحر من الموبقات، من كتاب الطب. وباب رمي المحصنات. . .، من كتاب الحدود. صحيح البخاري 4/ 12، 7/ 177، 8/ 218. ومسلم، في: باب بيان الكبائر وأكبرها، من كتاب الإيمان. صحيح مسلم 1/ 92.
كما أخرجه أبو داود، في: باب ما جاء في التشديد في أكل مال اليتيم، من كتاب الوصايا. سنن أبي داود 2/ 104. والنسائي، في: باب اجتناب أكل مال اليتيم، من كتاب الوصايا. المجتبى 6/ 215، 216.
والثاني أخرجه البخاري، في: باب من لعن المصور، من كتاب اللباس. صحيح البخاري 7/ 217. ومسلم، في: باب لعن آكل الربا ومؤكله، من كتاب المساقاة. صحيح مسلم 3/ 1219. =
كثيرةٍ (5)، وأجْمَعَتِ الأُمَّةُ على أنَّ الرِّبا مُحَرَّمٌ.
فصل: والرِّبا على ضَرْبَيْنِ: رِبا الفَضْلِ، ورِبا النَّسِيئَة. وأجْمَعَ أهلُ العلمِ على تَحْرِيمِهما. وقد كان في رِبا الفضلِ اخْتِلافٌ بينَ الصَّحَابَةِ؛ فحُكِيَ عن ابنِ عَبّاسٍ، وأُسامَةَ بن زَيْدٍ، وزَيْدِ بن أرْقَمَ، وابنِ الزُّبَيْرِ، أنهم قالوا: إنّما الرِّبا في النَّسِيئَةِ. لقولِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: "لَا رِبًا إلَّا فِي النَّسِيئَةِ". رواه البُخارِيُّ (6). والمَشْهُورُ مِن ذلك قولُ ابنِ عَبّاسٍ، ثم إنَّه رَجَعَ إلى قولِ الجَماعَةِ، رَوَى ذلك الأثْرَمُ بإِسْنادِه، وقاله التِّرْمِذِيُّ، وابنُ المُنْذِرِ، وغيرُهم. وقال سَعِيدٌ بإسنادِه، عن أبي صالِحٍ، قال: صَحِبْتُ ابنَ عَبّاسٍ حتى ماتَ، فَواللهِ ما رَجَعَ عن الصَّرْفِ. وعن سعيدِ ابن جُبَيْرٍ، قال: سَألْتُ ابنَ عَبّاسٍ قبلَ مَوْتِه بِعِشرِينَ لَيْلَةً عن الصَّرْفِ؟ فلم يَرَ به بَأْسًا، وكان يَأْمُرُ به. والصَّحِيحُ قولُ الجُمْهُورِ، لحَدِيثِ أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال:"لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بالذَّهَبِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا (7) بَعْضَها عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَها عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا غَائِبًا بِنَاجِزٍ". ورَوَى أبو سَعيِدٍ أيضًا، قال: جاء
= كما أخرجه أبو داود، في: باب في آكل الربا وموكله، من كتاب البيوع. سنن أبي داود 2/ 219. والترمذي، في: باب ما جاء في أكل الربا، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذي 5/ 207. والنسائي، في: باب الموتشمات وذكر الاختلاف على عبد اللَّه بن مرة والشعبي في هذا، من كتاب الزينة. المجتبى 8/ 127. وابن ماجه، في: باب التغليظ في الربا، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه 2/ 764. والدارمي، في: باب في لعن آكل الربا ومؤكله، من كتاب البيوع. سنن الدارمي 2/ 246. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 83، 88، 93، 107، 121، 133، 150، 158، 393، 394، 402، 409، 453.
(5)
في الأصل: "كثير".
(6)
في: باب بيع الدينار بالدينار نساء، من كتاب البيوع. صحيح البخاري 3/ 98.
كما أخرجه مسلم، في: باب بيع الطعام مثلا بمثل، من كتاب المساقاة. صحيح مسلم 3/ 1217، 1218. والنسائي، في: باب بيع الفضة بالذهب وبيع الذهب بالفضة، من كتاب البيوع. المجتبى 7/ 247. وابن ماجه، في: باب من قال لا ربا إلا في النسيئة، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه 2/ 758، 759. والدارمي، في: باب لا ربا إلا في النسيئة، من كتاب البيوع. سنن الدارمي 2/ 259. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 200، 202، 204، 206، 208، 209.
(7)
لا تُشِفُّوا: أي لا تفضلوا. والشّف: الزيادة. ويطلق أيضا على النقصان، فهو من الأضداد.