الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البُخارِيُّ (6) عن محمدِ بنِ أبى المُجَالدِ، قال: أَرْسَلَنِى أبو بُرْدَةَ وعبدُ اللهِ بنُ شَدَّادٍ إلى عبدِ الرَّحمنِ بنِ أَبْزَى وعبدِ اللَّه بنِ أبى أوْفَى، فسَأَلْتُهُما عن السَّلَفِ، فقالا: كنَّا نُصِيبُ المَغَانِمَ مَعَ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فكان يَأْتِينَا أَنْبَاطٌ مِنْ أَنْبَاطِ الشَّامِ، فَنُسَلِّفُهُم فى الحِنْطَةِ والشَّعِيرِ والزَّبِيبِ (7). فقلتُ: أكانَ لَهُمْ زَرْعٌ، أمْ لَمْ يَكُنْ لَهُم زَرْعٌ؟ قال: ما كنَّا نَسْأَلهُم عن ذلك. وأمَّا الإِجْماعُ، فقال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ كلُّ مَنْ نحْفَظُ عنه مِنْ أهْلِ العِلْمِ على أنَّ السَّلَمَ جائِزٌ، ولأنَّ المُثْمَنَ فى البَيْعِ أحَدُ عِوَضَىِ العَقْدِ، فجازَ أن يَثْبُتَ فى الذِّمَّةِ، كالثَّمَنِ، ولأنَّ بالنَّاسِ حَاجَةً إليه؛ لأنَّ أرْبابَ الزُّرُوعِ والثِّمَارِ والتِّجاراتِ يَحْتاجُونَ إلى النَّفَقَةِ على أنفُسِهِمْ وعليها؛ لِتَكْمُلَ، وقد تُعْوِزُهُم (8) النَّفَقَةُ، فجَوَّزَ لهم السَّلَمَ؛ لِيَرْتَفِقُوا، ويَرْتَفِقَ المُسْلِمُ بالاسْتِرْخَاصِ.
773 - مسألة؛ قال أبو القَاسِمِ، رحمه الله:(وكلُّ ما ضُبِطَ بِصِفَةٍ، فالسَّلَمُ فيه جَائِزٌ)
وجملةُ ذلك، أنَّ السَّلَمَ، لا يَصِحُّ إلَّا بِشُرُوطٍ سِتَّةٍ:
أحدُها، أن يكونَ المُسْلَمُ فيه مما يَنْضَبِطُ بالصِّفاتِ التى يَخْتَلِفُ الثَّمَنُ بِاخْتِلافِها ظاهِرًا، فيَصِحُّ فى الحُبُوبِ، والثِّمَارِ، والدَّقِيقِ، والثِّيابِ، والإِبْرِيسَمِ،
(6) فى: باب السلم فى وزن معلوم، و: باب السلم إلى من ليس عنده أصل، من كتاب السلم. صحيح البخارى 3/ 111، 112. كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى السلف، من كتاب البيوع. سنن أبي داود 2/ 247. والنسائي، فى: باب السلم فى الطعام، و: باب السلم فى الزبيب، من كتاب البيوع. المجتبى 7/ 255. وابن ماجه، فى: باب السلف فى كيل معلوم. . .، من كتاب التجارات، سنن ابن ماجه 2/ 765. والإمام أحمد، فى: المسند 4/ 380.
(7)
فى الأصل: "والزيت". وهو فى: باب السلم إلى من ليس عنده أصل، من كتاب السلم. فى صحيح البخارى.
(8)
فى أ: "تعوز".
(1)
سقط من: الأصل.
والقُطْنِ، والكَتَّانِ، والعِنَبِ (2)، والصُّوفِ، والشَّعْرِ، والكاغدِ (3)، والحَدِيدِ، والرَّصاصِ، والصُّفْرِ، والنُّحاسِ، والأدْوِيَةِ، والطِّيبِ، والخُلُولِ، والأَدْهانِ، والشُّحُومِ، والألْبانِ، والزِّئْبَقِ، والشَّبِّ، والكِبْرِيتِ، والكُحْلِ، وكلِّ مَكِيلٍ، أو مَوْزُونٍ، أو مَزْرُوعٍ، وقد جاء الحَدِيثُ فى الثِّمَارِ، وحَدِيثُ ابنِ أبي أوْفَى فى الحِنْطَةِ، والشَّعِيرِ، والزَّبِيبِ، والزَّيْتِ (4). وأجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ على أنَّ السَّلَمَ فى الطَّعامِ جائِزٌ، قالَه ابنُ المُنْذِرِ. وأجْمَعُوا على جَوازِ السَّلَمِ فى الثِّيابِ. ولا يَصِحُّ السَّلَمُ فيما لا يَنْضَبِطُ بالصِّفَةِ، كالجَوْهَرِ من اللُّؤْلُؤِ، والياقُوتِ، والفَيْرُوزَجِ، والزَّبَرْجَدِ، والعَقِيقِ، والبَلُّورِ؛ لأنَّ أثمانَها تَخْتَلِفُ اخْتِلافًا مُتَبايِنًا بالصِّغَرِ، والكِبَرِ، وحُسْنِ التَّدْوِيرِ، وزِيادَةِ ضَوْئِها، وصَفائِها، ولا يُمكنُ تَقْدِيرُها ببَيْضِ العُصْفُورِ، ونحوِه؛ لأنَّ ذلك يَخْتَلِفُ؛ ولا بشىءٍ مُعَيَّنٍ، لأنَّ ذلك يَتْلَفُ. وهذا قولُ الشَّافِعِيِّ؛ وأصْحابِ الرَّأْىِ. وحُكِىَ عن مالكٍ صِحَّةُ السَّلَمِ فيها، إذا اشْتَرَطَ منها شَيْئًا مَعْلُومًا، وإن كان وَزْنًا، فَبِوَزْنٍ مَعْرُوفٍ. والذى قُلْناه أوْلَى؛ لما ذَكَرْنا. ولا يَصِحُّ فيما يَجْمَعُ أخْلاطًا مَقْصُودَةً غيرَ مُتَمَيِّزَةٍ، كالغالِيَةِ (5)، والنَّدِّ (6)، والمَعاجِينِ التى يُتَداوَي، بها؛ لِلجَهْلِ بها، ولا فى الحَوامِلِ مِن الحَيَوانِ؛ لأنَّ الوَلَدَ مَجْهُولٌ غيرُ مُتَحَقِّقٍ، ولا فى الأوانِى المُخْتَلِفَةِ الرُّءُوسِ والأوْساطِ؛ لأنَّ الصِّفَةَ لا تَأْتِى عليه. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، أنَّه يَصِحُّ السَّلَمُ فيه إذا ضُبِطَ بِارْتِفاعِ حائِطِه، ودوْرِ أعْلاه وأسْفَلِه؛ لأنَّ التَّفاوُتَ فى ذلك يَسِيرٌ، ولا يَصِحُّ فى القِسِىِّ المُشْتَمِلَةِ على الخَشَبِ، والقَرْنِ (7)، والعصبِ (8)، والتُّوزِ (9)، إذ لا يُمكنُ ضَبْطُ مَقادِيرِ ذلك، وتَمْيِيزُ ما فيه
(2) سقط من: أ، م.
(3)
الكاغد: الورق.
(4)
تقدم تخريجه فى الصفحة السابقة.
(5)
الغالية: أخلاط من الطيب كالمسك والعنبر.
(6)
الند: ضرب من النبات يتبخر بعوده.
(7)
القرن: الحبل المفتول من لحاء الشجر، والخصلة المفتولة من العهن.
(8)
العصب: شجر اللبلاب. وما يعصب به.
(9)
التوز: شجر.