الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل:
إذا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا، فَزرَعَهَا، فَتلِفَ الزَّرْعُ (21)، فلا شيءَ على المُؤْجِرِ، نَصَّ عليه أحْمَدُ. ولا نَعْلَمُ فيه خِلافًا؛ لأنَّ المَعْقودَ عليه مَنافِعُ الأَرْضِ، ولم تَتْلَفْ، وإنَّما تَلِفَ مالُ المُسْتَأْجِرِ فيها، فصارَ كدارٍ اسْتَأْجَرَها لِيَقْصُرَ (22) فيها ثِيابًا، فَتلِفَتِ الثِّيابُ فيها.
731 -
مسألة؛ قال: (وَإِذَا وَقَعَ البَيْعُ عَلَى مَكِيلٍ، أوْ (1) مَوْزُونٍ، أو مَعْدُودٍ، فتَلِفَ قَبْلَ قَبْضِه، فَهُوَ مِنْ مَالِ البَائِعِ)
ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ أنَّ المَكيلَ، والمَوْزونَ، والمَعْدودَ، لا يَدْخُلُ فى ضَمانِ المُشْتَرِى إلَّا بِقَبْضِه، سواءٌ كان مُتَعَيَّنًا، كالصُّبْرَةِ، أو غيرَ مُتَعَيَّنٍ، كقَفيزٍ منها. وهو ظاهِرُ كلامِ أحمدَ. ونحوُه قولُ إسحاقَ. ورُوِىَ عن عُثْمانَ بنِ عَفَّانَ، وسعيدِ ابنِ المُسَيَّبِ، والحَسَنِ، والحَكَمِ، وحَمَّادِ بنِ أبي سليمانَ، أنَّ كلَّ ما بيعَ على الكَيْلِ والوَزْنِ لا يَجوزُ بَيْعُه قبل قَبْضِه، وما ليس بمَكيلٍ ولا مَوْزونٍ يجوزُ بَيْعُه قبلَ قَبْضِه. وقال القاضى وأصحابُه: المُرادُ بالمَكيلِ، والمَوْزونِ، والمَعْدودِ، ما ليس بمُتَعَيَّنٍ منه، كالقَفيزِ من صُبْرَةٍ، والرِّطْلِ من زُبْرَةٍ (2)، ومَكيلَةِ زَيْتٍ من دَنٍّ، فأمَّا المُتَعَيَّنُ، فيَدْخُلُ فى ضَمانِ المُشْتَرِى، كالصُّبْرَةِ يَبيعُها من غيرِ تَسْمِيَةِ كَيْلٍ. وقد نُقِلَ عن أحمدَ ما يَدُلُّ على قولِهم، فإنَّه قال في رِواية أبي الحارِثِ، فى رَجُلٍ اشْتَرَى طَعامًا، فطَلَبَ مَنْ يَحْمِلُه، فرَجَعَ وقد احترق الطَّعامُ (3)، فهو من مالِ المُشْتَرِى، واسْتَدَلَّ بحَديثِ ابنِ عمرَ: ما أدْرَكَتِ الصَّفْقَةُ حَيًّا مَجْمُوعًا، فهو من مالِ المُشْتَرِى (4). وذَكَرَ الجُوزَجَانِيُّ عنه فى مَن اشْتَرَى ما فى السَّفينَةِ صُبْرَةً، ولم
(21) فى الأصل: "الربع".
(22)
قصر الثوب: دقه وبيَّضه.
(1)
فى م زيادة: "على".
(2)
الزبرة: القطعة الضخمة.
(3)
سقط من: "الأصل".
(4)
أخرجه البخارى تعليقا، فى: باب إذا اشترى متاعا أو دابة فوضعه عند البائع أو مات قبل أن يقبض، من كتاب البيوع. صحيح البخارى 3/ 90. والدارقطنى، فى: كتاب البيوع. سنن الدارقطنى 3/ 54.
يُسَمِّ كَيْلًا، فلا بَأْسَ أن يُشْرِكَ فيها، ويَبِيعَ ما شاءَ، إلَّا أن يكونَ بينهما كَيْلٌ، فلا يُوَلِّى حتَّى يُكالَ عليه. ونحوَ هذا قال مالِكٌ، فإنَّه قال: ما بيعَ من الطَّعامِ (5) مُكايَلَةً، أو مُوازَنَةً، لم يَجُزْ بَيْعُه قبلَ (6) قَبْضِه، وما بِيعَ مُجازَفَةً، أو بيعَ من غيرِ الطَّعامِ مُكايَلَةً، أو مُوازَنَةً، جَازَ بَيْعُه قبل قَبْضِه. ووجه ذلك، ما رَوَى الأَوْزاعِيُّ، عن الزُّهْرِيِّ، عن حَمْزَةَ بن عبدِ اللهِ بن عمرَ، أَنَّه سَمِعَ عبدَ اللهِ بنَ عمرَ يقول: مَضَتِ السُّنَّةُ أنَّ ما أدْرَكَتْهُ الصَّفْقَةُ حَيًّا مَجْمُوعًا، فهو من مالِ المُبْتَاعِ. رَواهُ البخارىُّ (7)، عن ابنِ عمرَ من قولِه تَعْليقًا. وقولُ الصَّحَابِيِّ مَضَتِ السُّنَّةُ. يقتضى سُنَّةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. ولأنَّ المَبيعَ المُعَيَّنَ لا يَتَعَلَّقُ به [حَقُّ تَوْفِيَتِه](8)، فكان من مالِ المُشْتَرِى، كغيرِ المَكيلِ والمَوْزونِ. ونُقِلَ عن أحمدَ، أنَّ المَطْعومَ لا يَجوزُ بَيْعُه قبلَ قَبْضِه، سواءٌ كانَ مَكيلًا، أو مَوْزُونًا، أو لم يكُنْ. وهذا يَقْتَضِى أنَّ الطَّعامَ خاصَّةً لا يَدْخُلُ فى ضَمانِ المُشْتَرِى حتَّى يَقْبِضَهُ، فإنَّ التِّرْمِذِىَّ رَوَى عن أحمدَ، أنَّه أرْخَصَ فى بَيْعِ ما لا يُكالُ ولا يُوزَنُ ممَّا لا يُؤْكَلُ ولا يُشْرَبُ قبل قَبْضِه. وقال الأَثْرَمُ: سَأَلْتُ أبا عبدِ اللهِ عن قولِهِ: نَهَى عن رِبْحِ ما لم يُضْمَنْ (9). قال: هذا فى الطَّعامِ وما أشْبَهَه من مَأْكُولٍ أو مَشْرُوبٍ، فلا يَبيعُه حتَّى يَقْبِضَهُ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: الأصَحُّ عن أحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ أنَّ الذى يُمْنَعُ من بَيْعِه [قبلَ قَبْضِهِ](10) هو الطَّعام؛ وذلك لأنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن بَيْعِ الطَّعامِ قَبلَ قَبْضِهِ (11). فمَفْهومُهُ
(5) فى الأصل: "طعام".
(6)
فى م: "على".
(7)
هو الذى تقدَّم.
(8)
فى الأصل: "حتَّى توفيه".
(9)
أخرجه ابن ماجه، فى: باب النهى عن بيع ما ليس عندك وعن ربح ما لم يضمن، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه 2/ 738.
(10)
سقط من: الأصل.
(11)
أخرجه البخارى، فى: ما يذكر فى بيع الطعام والحكرة، وباب بيع الطعام قبل أن يقبض. . .، من كتاب البيوع. صحيح البخارى 3/ 89، 90. ومسلم، فى: باب بطلان بيع المبيع قبل القبض، من كتاب =
إباحَةُ بَيْعِ ما سِوَاه قبلَ قَبْضِه. ورَوَى ابنُ عمرَ، قال: رَأَيْتُ الذين يَشْتَرُونَ الطَّعَامَ مُجَازَفةً يُضْرَبُونَ على عَهْدِ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يَبِيعُوه حتَّى يُؤْوُوهُ إلى رِحَالِهِم. وهذا نَصٌّ فى بَيْعِ المُعَيَّنِ. وعُمومُ قولِهِ عليه السلام: "مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حتَّى يَسْتَوْفِيَهُ". مُتَّفَقٌ عليهما (12). ولِمُسْلِمٍ (13) عن ابنِ عمرَ قال: كنَّا نَشْتَرِى الطَّعامَ من الرُّكْبانِ جُزافًا، فنهانا رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن نَبِيعَهُ حتَّى نَنْقُلَهُ من مَكانِه. وقال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ على أنَّ مَنِ اشْتَرَى طَعامًا فليس له أن يَييعَه حتَّى يَسْتَوْفِيَهُ، ولو دَخَلَ فى ضَمانِ المُشْتَرِى، جازَ له بَيْعُه والتَّصَرُّفُ فيه، كما بعد القَبْضِ. وهذا يَدُلُّ على تَعْميمِ المَنْعِ فى كلِّ طَعامٍ، مع تَنْصيصِه على المَبيعِ مُجازَفَةً بالمَنْعِ، وهو خِلافُ قولِ القاضى وأصْحابِه، ويَدُلُّ بِمَفْهومِه على أنَّ ما عدا
= البيوع. صحيح مسلم 3/ 1160. وأبو داود، فى: باب فى بيع الطعام قبل أن يستوفى، من كتاب الإجارة. سنن أبي داود 2/ 252. والنسائي، فى: باب بيع الطعام قبل أن يستوفى، من كتاب البيوع. المجتبى 7/ 251، 252. والإمام مالك، فى: باب بيع العينة وما يشبهها، من كتاب البيوع. الموطأ 2/ 640.
(12)
الأول أخرجه البخارى، فى: باب ما يذكر فى بيع الطعام والحكرة، وباب من رأى إذا اشترى طعاما جزافا أن لا يبيعه حتَّى يؤويه إلى رحله والأدب فى ذلك، من كتاب البيوع. صحيح البخارى 3/ 89، 90. ومسلم، فى: باب بطلان بيع المبيع قبل القبض، من كتاب البيوع. صحيح مسلم 3/ 1161.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى بيع الطعام قبل أن يستوفى، من كتاب الإجارة. سنن أبي داود 2/ 252. والإِمام أحمد، فى: المسند 2/ 142.
والثاني أخرجه البخارى، فى: باب الكيل على البائع والمعطى، وباب ما يذكر فى بيع الطعام والحكرة، وباب بيع الطعام قبل أن يقبض وبيع ما ليس عندك، من كتاب البيوع. صحيح البخارى 3/ 88 - 90. ومسلم، فى: باب بطلان بيع المبيع قبل القبض، من كتاب البيوع. صحيح مسلم 2/ 1159، 1162.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى بيع الطعام قبل أن يستوفى، من كتاب البيوع. سنن أبي داود 3/ 251، 252. والترمذى، فى: باب ما جاء فى كراهية بيع الطعام حتَّى يستوفيه، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذى 5/ 291. والنسائي، فى: باب بيع الطعام قبل أن يستوفى، من كتاب البيوع. المجتبى 7/ 251، 252. وابن ماجه، فى: باب النهى عن بيع الطعام قبل ما لم يقبض، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه 2/ 749. والإِمام مالك، فى: باب العينة وما يشبهها، من كتاب البيوع. الموطأ 2/ 640. والإِمام أحمد، فى: المسند 2/ 22، 59، 64، 73، 79، 108، 111، 3/ 392، 402، 403.
(13)
فى: باب بطلان بيع المبيع قبل القبض، من كتاب البيوع. صحيح مسلم 3/ 1161.
كما أخرجه ابن ماجه، فى: باب بيع المجازفة، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه 2/ 750.