الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المُرْتَهِنُ، رَجَعَ الأَرْشُ إلى الجَانِى، ولا شَىْءَ لِلرَّاهِنِ فيه. وإن (5) اسْتَوْفَى حَقَّهُ من الأَرْشِ، لم يَمْلِك الجانِى مُطَالَبَةَ الرَّاهِنِ بشىءٍ؛ لأنَّه مُقِرٍّ له بِاسْتِحْقَاقِه.
فصل:
ولو كان الرَّهْنُ أَمَةً حَامِلًا، فضَرَبَ بَطْنَها أجْنَبِيٌّ، فأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، ففيه عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ. وإن أَلْقَتْه حَيًّا ثمَّ مَاتَ لِوَقْتٍ يَعِيشُ مثلُه، ففيه قِيمَتِه. ولا يَجِبُ ضَمَانُ نَقْصِ الوِلَادَةِ؛ لأنَّه لا يَتَمَيَّزُ نَقْصُها عمَّا وَجَبَ ضَمَانُه من وَلَدِها. ويَحْتَمِلُ أن يَضْمَنَ نَقْصَها بالوِلَادَةِ؛ لأنَّه حَصَلَ بِفِعْلِه، فلَزِمَهُ ضَمَانُه، كما لو غَصَبَها ثم جَنَى عليها. ويَحْتَمِلُ أن يَجِبَ أَكْثَرُ الأَمْرَيْنِ؛ من نَقْصِها، أو ضَمَانِ جَنِينِها؛ لأنَّ سَبَبَ ضَمَانِها وُجِدَ، فإذا لم يَجْتَمِعْ ضَمَانُهما، وَجَبَ ضَمَانُ أَكْثَرِهما. وإن ضَرَبَ بَطْنَ بَهِيمَةٍ، فأَلْقَتْ وَلَدَها مَيِّتًا، ففيه ما نَقَصَتْها الجِنَايَةُ لا غيرُ، وما وَجَبَ من ذلك كلِّه فهو رَهْنٌ مع الأُمِّ. وقال الشَّافِعيُّ: ما وَجَبَ لِنَقْصِ الأُمِّ، أو لِنَقْصِ البَهِيمَةِ، فهو رَهْنٌ معها، وكذلك ما وَجَبَ فى وَلَدِها، وما وَجَبَ فى جَنِينِ الأَمَةِ فليس بِرَهْنٍ؛ لأنَّ نَمَاءَ الرَّهْنِ ليس بِرَهْنٍ. ولَنا، أنَّ هذا ضَمَانٌ يَجِبُ بِسَبَبِ الجِنَايَةِ على الرَّهْنِ، فكان من الرَّهْنِ، كالوَاجِبِ لِنَقْصِ الوِلَادَةِ [وضَمَانِ وَلَدِ] (6) البَهِيمَةِ. وقولُهم: إنَّ نَمَاءَ الرَّهْنِ لا يَدْخُلُ فى الرَّهْنِ. غيرُ مُسَلَّمٍ.
793 - مسألة؛ قال: (وَإذَا اشْتَرَى مِنْهُ سِلْعَةً، عَلَى أنْ يَرْهَنَهُ بِهَا شيْئًا مِنْ مَالِه يَعْرِفَانِهِ، أوْ عَلَى أنْ يُعْطِيَهُ بالثَّمَنِ حَمِيلًا يَعْرِفَانِه، فالبَيْعُ جَائِزٌ. فَإنْ أَبَى تسْلِيمَ الرَّهْنِ، أو أَبَى الحَمِيلُ أنْ يَتَحَمَّلَ، فَالْبَائِعُ مُخيَّرٌ فِى فَسْخِ البَيْعِ، وَفِى إقَامَتِهِ بِلَا رَهْنٍ ولَا حَمِيلٍ)
الحَمِيلُ: الضَّمِينُ. وهو فَعِيلٌ بمَعْنَى فَاعِلٍ، يقال: ضَمِينٌ، وحَمِيلٌ،
(5) فى م: "وإذا".
(6)
فى الأصل، أ:"وولد".
وَقَبِيلٌ، وكَفِيلٌ، وزَعِيمٌ، وصَبِيرٌ، بمعنًى واحِدٍ. وجُمْلَةُ ذلك أنَّ البَيْعَ بِشَرْطِ الرَّهْنِ أو الضَّمِينِ صَحِيحٌ، والشَّرْطُ صَحِيحٌ أيضًا؛ لأنَّه من مَصْلَحَةِ العَقْدِ، غيرُ مُنَافٍ لِمُقْتَضَاه، ولا نَعْلَمُ فى صِحَّتِه خِلَافًا إذا كان مَعْلُومًا، ولذلك قال الخِرَقِيُّ:"يَعْرِفَانِه" فى الرَّهْن والضَّمِينِ معا. ومَعْرِفَةُ الرَّهْنِ تَحْصُلُ بأحَدِ شَيْئَيْنِ؛ المُشَاهَدَةِ، أو الصِّفَةِ التى يُعْلَمُ بها المَوْصُوفُ، كما فى السَّلَمِ. ويَتَعَيَّنُ بالقَبْضِ. وأمَّا الضَّمِينُ فَيُعْلَمُ بالإِشَارَةِ إِليه، أو تَعْرِيفِه بالاسْمِ والنَّسَبِ، ولا يَصِحُّ بالصِّفَةِ بأن يقولَ: رَجُلٌ غَنِيٌّ. من غير تَعْيِينٍ؛ لأنَّ الصِّفَةَ لا تَأْتِى عليه. ولو قال: بِشَرْطِ رَهْنٍ أو ضَمِينٍ. كان فَاسِدًا؛ لأنَّ ذلك يَخْتَلِفُ، وليس له عُرْفٌ يَنْصَرِفُ إليه بإطْلَاقٍ. ولو قال: بشَرْطِ رَهْنِ أحَدِ هَذَيْنِ العَبْدَيْنِ. أو: يَضْمَنُنِى أحَدُ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ. لم يَصِحَّ؛ لَأنَّ الغَرَضَ يَخْتَلِفُ. فلم يَصِحَّ مع عَدَمِ التَّعْيِينِ، كالبَيْعِ. وهذا مذهبُ الشَّافِعِىِّ. وحُكِىَ عن مالِكٍ وأبي ثَوْرٍ، أنَّه يَصِحُّ شَرْطُ الرَّهْنِ المَجْهُولِ، ويَلْزَمُه أن يَدْفَعَ إليه رَهْنًا بِقَدْرِ الدَّيْنِ؛ لأنَّه وَثِيقَةٌ، فجَازَ شَرْطُها مُطْلَقًا، كالشَّهَادَةِ. وقال أبو حنيفةَ: إذا قال: على أن أَرْهَنَكَ أحَدَ هذين العَبْدَيْنِ. جازَ؛ لأنَّ بَيْعَهُ جَائِزٌ عندَه. ولَنا، أنَّه شَرَطَ رَهْنًا مَجْهُولًا، فلم يَصِحَّ، كما لو شَرَطَ رَهْنَ ما فى كُمِّهِ، ولأنَّه عَقْدٌ يَخْتَلِفُ فيه المَعْقُودُ عليه، فلم يَصِحَّ مع الجَهْلِ، كالبَيْعِ، وفَارَقَ الشَّهَادَةَ، فإنَّ لها عُرْفًا فى الشَّرْعِ حُمِلَتْ عليه، والكلامُ مع أبي حنيفةَ قد مَضَى فى البَيْعِ، فإنَّ الخِلَافَ فيهما واحِدٌ. إذا ثَبَتَ هذا فإنَّ المُشْتَرِىَ إِنْ وَفى بالشَّرْطِ، فسَلَّمَ الرَّهْنَ، أو حَمَلَ عنه الحَمِيلُ، لَزِمَ البَيْعُ، وإن أَبَى تَسْلِيمَ الرَّهْنِ، أو أَبَى الحَمِيلُ أن يَتَحَمَّلَ عنه، فلِلْبَائِعِ الخِيَارُ بين فَسْخِ البَيْعِ وبين إتْمامِهِ (1) والرِّضَا به بلا رَهْنٍ ولا حَمِيلٍ، فإن رَضِىَ به، لَزِمَهُ البَيْعُ. وهذا قولُ الشَّافِعِيِّ، وأَصْحَابِ الرَّأْىِ. ولا يَلْزَمُ المُشْتَرِىَ تَسْلِيمُ الرَّهْنِ. وقال مالِكٌ وأبو ثَوْرٍ: يَلْزَمُ الرَّهْنُ إذا
(1) فى م: "إمضائه".