الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذه لا يَمْلِكُ غيرُ السَّيِّدِ المُطالَبَةَ بها، ولأنَّ هذا شُبْهَةٌ، والحُدُودُ تُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ. ولَنا، خَبَرُ عَلِيٍّ رَضِىَ اللَّه عنه، ولأنَّه مُقِرٌّ بِسَرِقَةِ عَيْنٍ تَبْلُغُ نِصابًا، فوَجَبَ قَطْعُه، كما لو أقَرَّ حُرٌّ بِسَرِقَةِ عَيْنٍ في يَدِ غيرِه، وما ذَكَرُوه يَبْطُلُ بهذه الصُّورَةِ، وإنَّما لم تُرَدَّ العَيْنُ إلى المَسْرُوقِ منه لِحَقِّ السَّيِّدِ، وأمَّا في حَقِّ العَبْدِ، فقد يَثْبُتُ لِلْمُقِرِّ له، ولهذا لو عَتَقَ وعادَتِ العَيْنُ إلى يَدِه، لَزِمَه رَدُّها إلى المُقِرِّ له. القسم الرابع، الإِقْرارُ بما يُوجِبُ القِصاصَ في النَّفْسِ. فرُوِىَ عن أحمدَ، أنَّه لا يُقْبَلُ. وعُمُومُ قولِ الخِرَقِيِّ، إنْ أقَرَّ المَحْجُورُ عليه بما يُوجِبُ حَدًّا، أو قِصاصًا، أو طَلَّقَ زَوْجَتَه، لَزِمَه ذلك. يَقْتَضِى قَبُولَ إقْرارِه، وهو قولُ أبي حنيفةَ، ومالِكٍ، والشَّافِعِيِّ؛ لأنَّه أقَرَّ بما يُوجِبُ قِصاصًا، فَقُبِلَ، كإقْرارِه بِقَطْعِ اليَدِ، ولأنَّه أحَدُ نَوْعَىِ القِصاصِ، فَقُبِلَ إقْرارُه به، كالآخَرِ، ولأنَّه لا يُقْبَلُ إقْرارُ سَيِّدِه عليه به، فَقُبِلَ إقْرارُه به، كالحَدِّ. واحْتَجَّ أصْحابُنا، بأنَّ مُقْتَضَى القِياسِ أن لا يُقْبَلَ إقْرارُه بالقِصاصِ أصْلًا؛ لأنَّه إقْرارٌ على مالِ سَيِّدهِ، ولأنَّه مُتَّهَمٌ، إذ يَحْتَمِلُ أن يكونَ عن مُواطأَةٍ بينهما، لِيَعْفُوَ على مالٍ، فَيَسْتَحِقَّ رَقَبَةَ العَبْدِ، ولذلك لم تَحْمِلِ العاقِلَةُ اعْتِرافًا، فتَرَكْنا مُوجِبَ القِياسِ؛ لِخَبَرِ عَلِىٍّ رَضِىَ اللَّه عنه، ففيما عَداه يَبْقَى على مُوجِبِ القِياسِ. ويُفارِقُ القِصاصُ في النَّفْسِ القِصاصَ في الطَّرَفِ؛ لأنَّه قد يَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ التَّخَلُّصَ من سَيِّدهِ، ولو بِفَواتِ نَفْسِه. وكلُّ مَوْضِعٍ حَكَمْنا بِقَبُولِ إقْرارِه بالقِصاصِ، فَحُكْمُه حُكْمُ الثَّابِتِ بالبَيِّنَةِ، فَلِوَلِيِّ الجِنايَةِ العَفْوُ، والاسْتِيفاءُ، والعَفْوُ على مالٍ، فإن عَفَا، تَعَلَّقَ الأَرْشُ بِرَقَبَةِ العَبْدِ، على ما مَرَّ بَيانُه. ويَحْتَمِلُ أن لا يَمْلِكَ العَفْوَ على مالٍ؛ لِئَلَّا يَتَّخِذَ ذلك وَسِيلَةً إلى الإِقْرارِ بمالٍ.
770 - مسألة؛ قال: (وَبيْعُ الْكَلْبِ بَاطِلٌ، وإنْ كانَ مُعَلَّمًا)
لا يَخْتَلِفُ المذهبُ في أنَّ بَيْعَ الكَلْبِ باطِلٌ، أىَّ كَلْبٍ كان. وبه قال الحَسَنُ، ورَبِيعَةُ، وحَمَّادٌ، والأوْزاعِيُّ، والشَّافِعِيُّ، وداودُ. وكَرِه أبو هريرةَ ثَمَنَ الكَلْبِ. ورَخَّصَ في ثَمَنِ كَلْبِ الصَّيْدِ خاصَّةً جابِرُ بنُ عبد اللَّه، وعَطاءٌ،
والنَّخَعِيُّ. وجَوَّزَ أبو حنيفةَ بَيْعَ الكِلابِ كلِّها، وأَخْذَ ثَمَنِها، وعنه رِوايةٌ في الكَلْبِ العَقُورِ، أنَّه لا يجوزُ بَيْعُه. واخْتَلَفَ أصحابُ مالِكٍ، فمنهم مَن قال: لا يجوزُ. ومنهم من قال: الكَلْبُ المَأْذُونُ في إمْساكِه، يجوزُ بَيْعُه، ويُكْرَه. واحْتَجَّ مَن أجازَ بَيْعَهُ بما رُوِىَ عن جابِرٍ، أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن ثَمَنِ الكَلْبِ والسِّنَّوْرِ، إلَّا كَلْبَ الصَّيْدِ (1). ولأنَّه يُباحُ الانْتِفاعُ به، ويَصِحُّ نَقْلُ اليَدِ فيه، والوَصِيَّةُ به، فصَحَّ بَيْعُه، كالحِمارِ. ولَنا، ما رَوَى أبو مَسْعُودٍ الأنْصارِىُّ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن ثَمَنِ الكَلْبِ، ومَهْرِ البَغِيِّ، وحُلْوَانِ الكَاهِنِ (2). وعن رافِعِ بن خديجٍ قال، قال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:"ثَمَنُ الكَلْبِ خَبِيثٌ، ومَهْرُ البَغِيِّ خَبِيثٌ، وكَسْبُ الحَجَّامِ خَبيثٌ". مُتَّفَقٌ عليهما (3). ورُوِىَ عن ابنِ عَبَّاسٍ أنَّه قال: نَهَى رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم
(1) أخرجه النسائي، في: باب الرخصة في ثمن كلب الصَّيْد، من كتاب الصَّيْد، وباب ما استثنى، من كتاب البيوع. المجتبي 7/ 168، 272. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 317، 339.
(2)
في م زيادة: "متفق عليه".
(3)
الأول أخرجه البخاري، في: باب ثمن الكلب، من كتاب البيوع، وباب كسب البغي والإماء. . .، وفي: باب مهر البغي والنكاح الفاسد، من كتاب الطلاق، من كتاب الإجارة، وباب الكهانة، من كتاب الطب، وفي: باب من لعن المصور، من كتاب اللباس. صحيح البخاري 3/ 110، 122، 7/ 79، 176، 217. ومسلم، في: باب تحريم ثمن الكلب. . .، من كتاب المساقاة، صحيح مسلم 3/ 1199.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في أثمان الكلاب، من كتاب البيوع. سنن أبي داود 2/ 250. والترمذي، في: باب ما جاء في كراهية مهر البغي، من أبواب النكاح، وفي: باب ما جاء في ثمن الكلب، من أبواب البيوع. وباب ما جاء في أجر الكاهن، من أبواب الطب. عارضة الأحوذي 5/ 67، 276، 8/ 228، 229. والنسائي، في: باب النهي عن ثمن الكلب، من كتاب الصَّيْد والذبائح. وباب بيع الكلب، من كتاب البيوع. المجتبي 7/ 167، 272. وابن ماجه، في: باب النهي عن ثمن الكلب ومهر البغي. . .، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه 2/ 730. والدارمي، في: باب في النهي عن ثمن الكلب، من كتاب البيوع. سنن الدارمي 2/ 255. والإمام مالك، في: باب ما جاء في ثمن الكلب، من كتاب البيوع. الموطأ 2/ 656. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 118 - 120.
والثاني لم يخرجه البخاري، انظر تحفة الأشراف 3/ 142. وأخرجه مسلم، في: باب تحريم ثمن الكلب وحلوان الكاهن. . .، من كتاب المساقاة. صحيح مسلم 3/ 1199.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في كسب الحجام، من كتاب البيوع. سنن أبي داود 2/ 238. والترمذي، في: باب ما جاء في ثمن الكلب، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذي 5/ 276. والنسائي، في: باب النهي عن ثمن الكلب، من كتاب الصَّيْد. المجتبي 7/ 167. والإمام أحمد، في المسند 3/ 464، 465.