الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فى كلِّ قارُورَةٍ مَنًّا، فأخَذَ بذلك، ولا يَكْتالُه، فلا يُعْجِبْنِى؛ لقوله لِعُثْمانَ:"إذَا سَمَّيْتَ الكَيْلَ فَكِلْ" قيل له: إنَّهم يقُولون: إذا فُتِحَ فَسَدَ. قال: فلم لا تَفْتَحُونَ واحِدًا وتَزِنُونَ الباقِىَ؟
فصل:
ولو كَالَ طَعامًا، وآخَرُ يَنْظُرُ إليه، فهل لمن شاهَد الكَيْلَ شِراؤُه بغيرِ كَيْلٍ ثانٍ؛ على رِوَايَتَيْنِ، نَصَّ عليهما. إحداهما، لا يَحْتاجُ إلى كَيْلٍ؛ لأنَّه شاهَدَ كَيْلَه، فأشْبَه ما لو كِيلَ له. والثانية، يَحْتاجُ إلى كَيْلٍ؛ لأنَّه بَيْعٌ، فاحْتاجَ إلى كَيْلٍ؛ للأخْبارِ، والقِياسِ على البَيْعِ الأوَّلِ. ولو كالَهُ البائِعُ للمُشْتَرِى، ثم اشْتَراه منه، فكذلك؛ لِما ذَكَرْنا فى التىِ قَبْلَها. ولو اشْتَرَى اثْنانِ طَعامًا، فَاكْتالاهُ، ثم ابْتاعَ أحَدُهما حِصَّةَ شَرِيكِه قبلَ تَفرُّقِهِما، فقال أحمدُ، فى رِوايَةِ حَرْبٍ: إذا اشْتَرَيا غَلَّةً أو نحوَها، وحَضَراها جَمِيعًا، وعَرَفا كَيْلَها، فقال أحَدُهُما لِشَرِيكِه: بِعْنِى نَصِيبَكَ، وأُرْبِحُكَ، فهو جائِزٌ. وإن لم يَحْضُرْ هذا المُشْتَرِى الكَيْلَ، فلا يَجُوزُ إلَّا بِكَيْلٍ. قال ابنُ أبي موسى: وفيه رِوايَةٌ أُخْرَى، لا بُدَّ من كَيْلِه. وَوَجْهُها ما تَقَدَّمَ. قال القاضى: ومعنى الكَيْلِ فى هذه المَسائِل، أنَّه يُرْجَعُ فى قَدْرِه إلى قولِ القابِضِ، إذا كان النَّقْصُ يَسِيرًا يَقَعُ مِثْلُه فى الكَيْلِ، فالقولُ قولُه مع يَمِينِه، وإن كان لا يَقَعُ مثلُه فى الكَيْلِ لم يُقْبَلْ قَوْلُه؛ لأنَّا نَتَحَقَّقُ كَذِبَهُ، بِخلافِ مَسائِلِ الفَصْلِ الذى قبلَه؛ لأنَّه لم يَكِلْ بحَضْرَتِه. [والظاهِرُ، أنَّه أرادَ بالكَيْلِ حَقيقَتَه دون ما ذَكَره القاضى. وفائِدَةُ اعْتِبارِ الكَيْلِ، ما ذَكَرهُ القاضى، وأنَّه لا يجوزُ للمُشْتَرِى التَّصَرُّفُ فيه، إلَّا ما ذَكَرْنا فى الفَصْلِ الذى قبلَه](7). وإن باعَهُ للثانى فى هذه المَواضِع على أنَّه صُبْرَةٌ، جازَ، ولم يَفْتَقِرْ إلى كَيْلٍ ثانٍ، والقَبْضُ فيه بِنَقْلِه، كسائِر الصُّبَرِ.
فصل: قال أحْمَدُ، فى رَجُلٍ يَشْتَرِى الجَوْزَ، فيَعُدُّ فى مِكْتَلٍ ألْفَ جَوْزَةٍ، ثم
(7) سقط من: الأصل.
يَأْخُذُ الجَوْزَ كلَّه على ذلك المِعْيارِ، قال: لا يجوزُ. وقال فى رَجُلٍ ابْتاعَ أعْكامًا كَيْلًا، وقال للبائِعِ: كِلْ لى [عِكْمًا منها](8) واحِدًا وآخُذُ (9) ما بَقِىَ على هذا الكَيْلِ. أكْرَهُ هذا، حتى يَكِيلَها كلَّها. وقال الثَّوْرِيُّ: كان أصْحابُنا يَكْرَهُونَ هذا؛ وذلك لأنَّ ما فى العُكُومِ يَخْتَلِفُ، فيكونُ فى بعضِها أكْثَرَ من بعضٍ، فلا يُعْلَمُ ما في بَعْضِها بِكَيْلِ البَعْضِ، والجَوْزُ يَخْتَلِفُ عَدَدُه، فيكون في أحَدِ المِكْتَلَيْنِ أكْثَرَ من الآخَرِ، فلا يَصِحُّ تَقْدِيرُه بالكِيلِ، كما لا يَصِحُّ تَقْدِيرُ المَكِيلِ بالوَزْنِ، ولا المَوْزُونِ بالكَيْلِ.
738 -
مسألة؛ قال: (وَإذَا اشْتَرَى صُبْرَةً عَلَى أنَّ كُلَّ مَكِيلٍ (1) مِنْهَا بِشَىْءٍ مَعْلُومٍ جازَ)
وجملةُ ذلك، أنَّه إذا قال: بِعْتُكَ هذه الصُّبْرَةَ كلَّ قَفِيزٍ منها بِدِرْهَمٍ. صَحَّ، وإن لم يَعْلَما مِقْدارَ ذلك حالَ العَقْدِ. وبهذا قال مالِكٌ، والشَّافِعِيُّ، وأبو يوسفَ، ومحمدٌ، وقال أبو حنيفةَ: يَصِحُّ فى قَفِيزٍ واحدٍ، ويَبْطُلُ فيما سِواه؛ لأنَّ جُمْلَةَ الثَّمَنِ مَجْهُولَةٌ، فلم يَصِحَّ كبَيْعِ المُبْتاعِ بِرَقَمِه. ولنا، أن المَبِيعَ مَعْلُومٌ بالمُشاهَدَةِ، والثَّمَنَ مَعْلُومٌ؛ لإِشارَتِه إلى ما يُعْرَفُ مَبْلَغُهُ بِجِهَةٍ لا تَتَعَلَّقُ بالمُتَعاقِدَيْنِ، وهو أن تُكالَ الصُّبْرَةُ، ويُقَسَّطَ الثَّمنُ على قَدْرِ قُفْزانِها، فيُعْلَمَ مَبْلَغُه، فجازَ، كما لو باعَ ما رَأْسُ مالِه اثْنان وسَبْعُونَ مُرابَحَةً، لكلِّ ثلاثةَ عشرَ دِرْهَمًا (2) دِرْهَمٌ، فإنَّه لا يُعْلَمُ في الحالِ، وإنَّما يُعْلَمُ بالحِسابِ، كذا هَاهُنا. ولأنَّ المَبِيعَ مَعْلُومٌ بالمُشاهَدَةِ، والثَّمَنَ مَعْلُومٌ قَدْرَ ما يُقابِلُ كلَّ جُزْءٍ من المَبِيعِ، فصَحَّ، كالأصْلِ
(8) فى م: "عكمانها".
والعكم: العدل -بكسر العين وسكون الدال- ما دام فيه المتاع.
(9)
فى م: "واحدا و".
(1)
فى م: "مكيلة".
(2)
سقط من: الأصل.