الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهى ما إذا باعَه مع ما بدا صَلاحُه؛ لأنَّه دَخَلَ في جوازِ البَيْعِ تَبَعًا، دَفْعًا لِمَضَرَّةِ الاشْتِراكِ، واخْتِلافِ الأيْدِى. ولا يُوجَدُ ذلك هاهُنا، ولأنَّه قد يَدْخُلُ في البَيْعِ تَبَعًا ما يجوزُ إفرادُه، كالثَّمَرَةِ تُباعُ مع الأصلِ، والزَّرْعِ مع الأرْضِ، واللَّبَنِ في الضَّرْعِ مع الشّاةِ. ويَحْتَمِلُ الجَوازَ؛ لأنَّ الكُلَّ في حُكْمِ ما بدا صَلاحُه، ولأنّه يجوزُ بَيْعُه مع غيرِه، [فجازَ بَيْعُه](8) مُفْرَدًا، كالذى بدا صَلاحُه.
فصل:
وإذا احتاجَتِ الثَّمَرَةُ إلى سَقْىٍ لَزِمَ البائِعَ ذلك، لأنّه يَجِبُ عليه تَسْلِيمُ الثَّمَرَةِ كامِلَةً، وذلك يَكُونُ بالسَّقْىِ. فإنْ قِيلَ: فلم قُلْتُمْ إنَّه إذا باعَ الأصلَ، وعليه ثَمَرَةٌ للبائِعِ، لا يَلْزَمُ المُشْتَرِىَ سَقْيُها؟ قُلْنا: لأنَّ المُشْتَرِىَ لا يَجِبُ عليه تَسْلِيمُ الثَّمَرَةِ، لأنَّه لم يَمْلِكْها مِن جِهَتِه، وإنَّما بَقِىَ مِلْكُه عليها، بخِلافِ مَسْأَلَتِنا، فإنِ امْتَنَعَ البائِعُ مِن السَّقْىِ، لِضَرَرٍ يَلْحَقُ بالأصلِ، أُجبِرَ عليه؛ لأنّه دَخَلَ على ذلك.
فصل: ويجوزُ لِمُشْتَرِى الثَّمَرَةِ بَيْعُها في شَجَرِها. رُوِىَ ذلك (9) عن الزُّبَيْرِ بن العَوّامِ، وزَيْدِ بن ثابِتٍ، والحسن بن أبى الحسنِ البَصْرِىِّ، وأبى حنيفةَ، والشّافِعِيِّ، وابنِ المُنْذِر. وكَرِهَه ابنُ عَبّاسٍ، وعِكْرِمَةُ، وأبو سَلَمَةَ؛ لأنَّه بَيْعٌ له قبلَ قَبْضِه، فلم يَجُزْ، كما لو كان على وَجْهِ الأرْضِ، فلم يَقْبِضْه. ولَنا، أنَّه يجوزُ له التَّصَرُّفُ فيه، فجازَ له بَيْعُه، كما لو جَزَّهُ. وقولُهم: لم يَقْبِضْه. لا يَصِحُّ، فإنّ قَبْضَ كُلِّ شَىْءٍ بحَسَبِه، وهذا قَبْضُه التَّخْلِيَةُ، وقد وُجِدَتْ.
725 -
مسألة؛ قال: (فَإِنْ كَانَتْ ثَمَرَةَ نَخْلٍ، فَبُدُوُّ صَلَاحِهَا أنْ تَظْهَرَ فِيهَا الْحُمرَةُ أوِ الصُّفْرَةُ. وَإنْ كَانَتْ ثَمَرَةَ كَرْمٍ فَصَلَاحُهَا أنْ تَتَمَوَّهَ، وَصَلَاحُ مَا سِوَى النَّخْلِ وَالْكَرْمِ أنْ يَبْدُوَ فِيهِ (1) النُّضْجُ)
وجُمْلَةُ ذلك، أنّ ما كان من الثَّمَرَةِ يَتَغَيَّرُ لَوْنُه عندَ صلاحِه، كثَمَرَةِ النَّخْلِ،
(8) سقط من: الأصل.
(9)
سقط من: الأصل.
(1)
في م: "فيها".
والعِنَبِ الأسْوَدِ، والإِجَاصِ، فَبُدُوُّ صلاحِه بذلك. وإنْ كان العِنَبُ أبْيَضَ، فصلاحُه بِتَمَوُّهِه؛ وهو أنْ يَبْدُوَ فيه الماءُ الحُلْوُ، ويَلِينَ، ويَصْفَرَّ (2) لَوْنُه. وإنْ كان ممّا لا يَتَلَوَّنُ، كالتُّفّاحِ ونَحْوِه، فبِأنْ يَحْلُوَ، أو يَطِيبَ. وإنْ كان بِطِّيخًا، أو نحوَه، فبأنْ يَبْدُوَ فيه النُّضْجُ. وإنْ كان ممّا لا يَتَغَيَّرُ لَوْنُه، ويُؤْكَلُ طَيِّبًا، صِغارًا وكِبارًا، كالقِثّاءِ والخِيارِ، فصَلاحُه بُلُوغُه أنْ يُؤْكَلَ عادَةً. وقال القاضى، وأصْحابُ الشَّافِعِيِّ: بُلُوغُه أنْ يَتَناهَى عِظَمُهُ. وما قُلْناه أشْبَهُ بصلاحِه ممّا قالُوه؛ فإنَّ بُدُوُّ صلاحِ الشَّىْءِ ابْتِداؤُه، وتَناهِى عِظَمِه آخِرُ صلاحِه. ولأنّ بُدُوَّ الصَّلاحِ في الثَّمَرِ يَسْبِقُ حالَ الجِزازِ، فلا يجوزُ أنْ يُجْعَلَ بُدُوُّ الصَّلاحِ فيما يُقاسُ عليه بِسَبْقِه قَطْعَه عادَةً؛ إلَّا أنْ يُريدُوا بِتَناهِى عِظَمِه انْتِهاءَه إلى الحالِ التى جَرَتِ العادَةُ بأخْذِه فيها، فيكُونُ كما ذَكَرْنا. وما قُلْنا في هذا الفَصْلِ فهو قَوْلُ مالِكٍ، والشَّافِعِيِّ، وكثيرٍ مِن أهلِ العلمِ، أو مُقارِبٌ له. وقال عَطاءٌ: لا يُباعُ حتى يُؤْكَلَ مِن التَّمْرِ قَلِيلٌ، أو كَثِيرٌ. ورُوِىَ نحوُه عن ابن عُمَرَ، وابن عَبّاسٍ. ولعلَّهم أرادوا صلاحَه للأكْلِ، فيَرْجِعُ مَعْناه إلى ما قُلْنا؛ فإنَّ ابنَ عَبّاسٍ قال: نَهَى رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم عن بَيْعِ النَّخْلِ حتى يَأْكُلَ منه، أو يُؤْكَلَ. مُتَّفَقٌ عليه (3). وإنْ أرادوا حَقِيقَةَ الأَكْلِ كان ما ذَكَرْنا أوْلَى؛ لأنَّ ما رَوَوْه يَحْتَمِلُ صلاحَه للأكلِ، فيُحْمَلُ على ذلك، مُوافَقَةً لأكثرِ الأخبارِ، وهو ما رُوِىَ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنّه نَهَى عن بَيْعِ الثَّمَرَةِ (4) حتى تَطِيبَ. مُتَّفَقٌ عليه (5). ونَهَى أنْ تُباعَ الثَّمَرَةُ حتى تَزْهُوَ. قيل: وما تَزْهُو؟ قال:
(2) في الأصل: "يصفو".
(3)
أخرجه البخاري، في: باب السلم إلى من ليس عنده أصل، وباب السلم في النخل، من كتاب السلم. صحيح البخاري 3/ 112، 113. ومسلم، في: باب النهى عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها بغير شرط القطع، من كتاب البيوع. صحيح مسلم 3/ 1167.
كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 1/ 341.
(4)
في الأصل: "الثمر".
(5)
أخرجه البخاري، في: باب بيع الثمر على رؤوس النخل بالذهب والفضة، من كتاب البيوع. صحيح البخاري 3/ 99. ومسلم، في: باب النهى عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها بغير شرط القطع، وباب النهى =