الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تُطْلَى بها السُّفُنُ، وتُدْهَنُ بها الجُلُودُ، ويَسْتَصْبِحُ (14) بها النَّاسُ؟ فقال:"لَا، هُوَ حَرَامٌ". ثمَّ قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "قَاتَلَ اللهُ الْيَهُودَ، إنَّ اللهَ تَعَالَى حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا، فَجَمَلُوهُ (15)، ثُمَّ بَاعُوهُ، وَأَكَلُوا ثَمَنَهُ". مُتَّفَقٌ عليه (16). ومَن وُكِّلَ فى بَيْعِ الخَمْرِ، وأكَلَ ثَمَنَه، فقد أشْبَهَهُم فى ذلك. ولأنَّ الخَمْرَ نَجِسَةٌ مُحَرَّمَةٌ، فحُرِّمَ (17) بَيْعُها، والتَّوْكِيلُ فى بَيْعِها، كالمَيْتَةِ والخِنْزِيرِ، ولأنَّه يَحْرُمُ عليه بَيْعُه، فَحَرُمَ عليه التَّوْكيِلُ [فى بَيْعِه](18)، كالخِنْزِيرِ.
766 - مسألة؛ قال: (وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ إذَا كَانَ فِيهِ شَرْطَانِ، وَلَا يُبْطِلُهُ شَرْطٌ وَاحِدٌ)
ثَبَتَ عن أحمدَ، رحمه الله، أنَّه قال: الشَّرْطُ الواحِدُ لا بَأْسَ به، إنَّما نُهِىَ عن الشَّرْطَيْنِ فى البَيْعِ. ذَهَبَ أحمدُ إلى ما رَوَى عبدُ اللهِ بن عَمْرٍو، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:"لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وبَيْعٌ، وَلَا شَرْطَانِ فى بَيْعٍ، ولا تَبِعْ ما لَيْسَ عِنْدَكَ". أخْرجَه أبو داوُدَ، والتِّرمِذِيُّ (1)، وقال: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. قال الأَثْرَمُ:
(14) أى يُشْعِلُون بها سُرُجَهم.
(15)
جَمَلَه يجمُله جَمْلا، وأجْمَلَه: أذابَه واستخرج دُهْنَه. لسان العرب (ج م ل).
(16)
أخرجه البخارى، فى: باب بيع الميتة والأصنام، من كتاب البيوع. صحيح البخارى 3/ 110. ومسلم، فى: باب تحريم بيع الخمر والميتة. . .، من كتاب المساقاة. صحيح مسلم 3/ 1207.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى ثمن الخمر والميتة، من كتاب البيوع. سنن أبي داود 2/ 250، 251. والترمذى، فى: باب ما جاء فى بيع جلود الميتة والأصنام، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذى 5/ 299، 300. والنسائي، فى: باب بيع الخنزير، من كتاب البيوع. المجتبى 7/ 272، 273. وابن ماجه، فى: باب ما لا يحل بيعه، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه 2/ 732.
(17)
فى م: "يحرم".
(18)
سقط من: م.
(1)
أخرجه أبو داود، فى: باب فى الرجل يبيع ما ليس عنده، من كتاب البيوع. سنن أبي داود 2/ 254. والترمذى، فى: باب ما جاء فى كراهية بيع ما ليس عندك، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذى 5/ 243.
كما أخرجه النسائي، فى: باب بيع ما ليس عند البائع، وباب سلف وبيع. . .، وباب شرطان فى بيع. . .، =
قيل لأبى عبدِ اللهِ: إنَّ هؤلاءِ يَكرَهُونَ الشَّرْطَ فى البَيْعِ. فنَفَضَ يَدَه، وقال: الشَّرْطُ الواحِدُ لا بَأْسَ به فى البَيْعِ، إنَّما نَهَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن شَرْطَيْنِ فى البَيْعِ. وحَدِيثُ جابِرٍ يَدُلُّ على إباحَةِ الشَّرْطِ، حين باعَه جَمَلَه، وشَرَطَ ظَهْرَه إلى المَدِينَةِ (2). واخْتُلِفَ في تَفْسِيرِ الشَّرْطَيْنِ المَنْهِىِّ عنهما، فرُوِىَ عن أحمدَ؛ أنَّهما شَرْطانِ صَحِيحانِ، ليسا مِن مَصْلَحَةِ العَقْدِ. فحَكَى ابنُ المُنْذِرِ عنه، وعن إسحاقَ، فى مَن اشْتَرَى ثَوْبًا، واشْتَرَطَ على البائِعِ خِياطَتَه وقِصارَتَه، أو طَعَامًا، واشتَرَطَ طَحْنَه وحَمْلَه: إن اشْتَرَطَ أحَدَ هذه الأشياءِ، فالبَيْعُ جائِزٌ، وإن اشْتَرَطَ شَرْطَيْنِ، فالبَيْعُ باطِلٌ. وكذلك فَسَّرَ القاضى فى "شَرْحِه" الشَّرْطَيْنِ المُبْطِلَيْنِ بنَحْوٍ مِن هذا التَّفْسِيرِ. ورَوَى الأَثْرَمُ عن أحمدَ تَفْسِيرَ الشَّرْطَيْنِ، أنْ يَشْتَرِيَها على أنَّه لا يَبِيعُها مِن أحَدٍ، وأنَّه يَطَؤُها. فَفَسَّرَه بشَرْطَيْنِ فاسِدَيْنِ. ورَوَى عنه إسْماعِيلُ بن سعيدٍ (3) فى الشَّرْطَيْنِ فى البَيْعِ، أنْ يَقُولَ: إذا بِعْتُكَها (4) فأنا أحَقُّ بها بالثَّمَنِ، وأَنْ تَخْدِمَنى سَنَةً. وظَاهِرُ كلامِ أحمدَ؛ أنّ الشَّرْطَيْنِ المَنْهِيِّ عنهما ما كان مِن هذا النَّحْوِ. فأمّا إنْ شَرَطَ شَرْطَيْنِ، أو أكْثَرَ، مِن مُقْتَضَى العَقْدِ، أو مَصْلَحَتِه، مِثْلُ أنْ يَبِيعَه بشَرْطِ الخِيارِ، والتَّأْجِيلِ، والرَّهْنِ، والضَّمِينِ، أو بشَرْطِ أنْ يُسَلِّمَ إليه المَبِيعَ أو الثَّمَنَ، فهذا لا يُؤَثِّرُ فى العَقْدِ وإنْ كَثُرَ. وقال القاضى فى "المُجَرَّدِ": ظاهِرُ كلامِ أحمدَ أَنَّه متى شَرَطَ فى العَقْدِ شَرْطَيْنِ، بَطَلَ، سواءٌ كانا صَحِيحَيْنِ، أو فاسِدَيْنِ، لمَصْلَحَةِ العَقْدِ، أو لغير مَصْلَحَتِه. أخْذًا مِن ظاهِرِ الحَدِيثِ، وَعَمَلًا بعُمُومِه. ولم يُفَرِّقِ الشَّافِعِىُّ، وأصحابُ الرَّأْىِ بَيْنَ الشَّرْطَيْنِ، ورَوَوْا أنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم
= من كتاب البيوع. المجتبى 7/ 254، 259. والدارمى، فى: باب فى النهى عن شرطين فى بيع، من كتاب البيوع. سنن الدارمي 2/ 253. والإمام أحمد، فى: المسند 2/ 179.
(2)
تقدَّم تخريجه فى صفحة 167.
(3)
فى النسخ: "سيد".
وانظر ترجمتنا له فى: 1/ 37.
(4)
فى الأصل: "بعتها".