الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المَعْقُودِ عليه بدُونِ هذه الكُلْفَةِ. وإن كان قَوِيًّا حالَ العَقْدِ، فضَعُفَ في أثْنائه، أو ضَعِيفًا فقَوِىَ، فالاعْتِبارُ بحالِ الرُّكُوبِ؛ لأنَّ العَقْدَ اقْتَضَى رُكُوبَه بِحَسَبِ العادَةِ. ويَلْزَمُ الجَمّالَ أن يَقِفَ البَعِيرَ لِيَنْزِلَ لِصَلَاةِ الفَرِيضَةِ، وقَضَاءِ حاجةِ الإِنْسانِ، وطَهَارَتِه، ويَدَعَ البَعِيرَ واقِفًا حتى يَفْعَلَ ذلك؛ لأنَّه لا يُمْكِنُه فِعْلُ شيءٍ من هذا على ظَهْرِ البَعِيرِ، وما أمْكَنَه فِعْلُه عليه من الأَكْلِ والشُّرْبِ وصَلَاةِ النَّافِلَةِ من السُّنَنِ وغيرِها، لم يَلْزَمْهُ أن يُبْرِكَه له، ولا يَقِفَ عليه من أجْلِه. وإن أرادَ المُكْتَرِى إتْمامَ الصَّلَاةِ، وطَالَبَه الجَمّالُ بِقَصْرِهَا، لم يَلْزَمْهُ ذلك؛ بل تكونُ خَفِيفَةً في تَمَامٍ. ومن اكْتَرَى بَعِيرًا لإِنْسانٍ يَرْكَبُه لِنَفْسِه، وسَلَّمَهُ إليه، لم يَلْزَمْهُ سِوَى ذلك؛ لأنَّه وَفَّى له بما عَقَدَ عليه، فلم يَلْزَمْهُ شيءٌ سِوَاهُ.
فصل:
وإذا اكْتَرَى ظَهْرًا في طَرِيقٍ العادَةُ فيه النُّزولُ والمَشْىُ عند اقْتِرَابِ المَنْزَلِ، والمُكْتَرِى امْرَأةٌ أو ضَعِيفٌ، لم يَلْزَمْه النُّزُولُ؛ لأنَّه اكْتَرَاه جَمِيعَ الطَّرِيقِ، ولم تَجْرِ له عادَةٌ بالمَشْىِ، فلَزِمَ حَمْلُه في جَمِيعِ الطَّرِيقِ، كالمَتَاعِ. [وإن كان جَلْدًا قَوِيًا، ففيه وَجْهَانِ؛ أحدُهما، لا يَلْزَمُه النُّزُولُ](19) أيضًا؛ لأنَّه عَقَدَ على [جَمِيعِ الطَّرِيقِ](19)، فلا يَلْزَمُه تَرْكُه في بعضِها كالضَّعِيفِ. والثاني، يَلْزَمُه؛ لأنَّه مُتَعَارَفٌ، والمُتَعَارَفُ كالمَشْرُوطِ.
فصل: وإن هَرَبَ الجَمَّالُ في بعض الطَّرِيقِ، أو قبلَ الدُّخُولِ فيها، لم يَخْلُ من حالَيْنِ؛ أحدهما، أن يَهْرُبَ بِجِمَالِه، فيُنْظَرُ؛ فإن لم يَجِد المُسْتَأْجِرُ حاكِمًا، أو وَجَدَ حاكِمًا ولم يُمْكِنْ إثْباتُ الحالِ عندَه، أو أمْكَنَ الإِثْباتُ عندَه ولا يَحْصُلُ له ما يَكْتَرِى به ما يَسْتَوْفِى حَقَّهُ منه، فلِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الإِجَارَةِ؛ لأنَّه تَعَذَّرَ عليه قَبْضُ المَعْقُودِ عليه، فأشْبَهَ ما لو أفْلَسَ المُشْتَرِى، أو انْقَطَعَ المُسْلَمُ فيه عندَ مَحلِّه. فإن فَسَخَ العَقْدَ، وكان الجَمَّالُ قد قَبَضَ الأَجْرَ، كان دَيْنًا في ذِمَّتِه، وإن اخْتَارَ المُقَامَ على
(19) سقط من: ب.
العَقْدِ، وكانت الإِجَارَةُ على عَمَلٍ في الذِّمَّةِ، فله ذلك، ومتى قَدَرَ على الجَمَّالِ طَالَبَه به، وإن كان العَقْدُ على مُدَّةٍ انْقَضَتْ في هَرَبِه، انْفَسَخَ العَقْدُ بذلك. وإن أمْكَنَه إثْباتُ الحالِ عندَ الحاكِمِ، وكان العَقْدُ على مَوْصُوفٍ غيرِ مُعَيَّنِ، لم يَنْفَسِخ العَقْدُ، ويَرْفَعُ الأَمْرَ إلى الحاكِمِ، ويُثْبِتُ عندَه حَالَه، فيَنْظرٌ الحاكِمُ، فإن وَجَدَ لِلجَمَّالِ مالًا اكْتَرَى به له (20)، وإن لم يَجِدْ له مالًا، وأمكنَه أن يَقْتَرِضَ على الجمَّالِ من بَيْتِ المالِ، أو من غيرِه ما يَكْتَرِى له به، فَعَلَ، فإن دَفَعَ الحاكِمُ المالَ إلى المُكْتَرِى لِيَكْتَرِىَ لِنَفْسِه به، جازَ [في ظاهِرِ كلامِ أحمدَ. وإن اقْتَرَضَ عليه من المُكْتَرِى ما يُكْرِى (21) به، جازَ](22)، وصارَ دَيْنًا في ذِمَّةِ الجَمَّالِ. وإن كان العَقْدُ على مُعَيَّنٍ، لم يَجُزْ إبْدَالُه، ولا اكْتِرَاءُ غيرِه؛ لأنَّ العَقْدَ تَعَلَّقَ بِعَيْنِه، فيَتَخَيَّرُ المُكْتَرِى بين الفَسْخِ أو البَقَاءِ إلى أن يَقْدِرَ عليه، فيُطَالِبَه بالعَمَلِ. الحال الثاني، إذا هَرَبَ الجَمّالُ، وتَرَكَ جِمَالَه، فإنَّ المُكْتَرِىَ يَرْفَعُ الأمْرَ إلى الحاكِمِ، فإن وَجَدَ لِلْجَمَّالِ مالًا، اسْتَأْجَرَ به مَن يَقُومُ مَقَامَ الجَمَّالِ في الإِنْفاقِ على الجِمَالِ، والشَّدِّ عليها، وحِفْظِها وفِعْلِ ما يَلْزَمُ الجَمَّالَ فِعْلُه، فإن لم يَجِدْ له غيرَ الجِمَالِ، وكان فيها فَضْلَةٌ عن الكِرَاءِ، باعَ بِقَدْرِ ذلك، وإن لم يكُنْ فيها فَضْلٌ، أو لم يُمْكِنْ بَيْعُه، اقْتَرَضَ عليه الحاكِمُ، كما قُلْنا. وإن ادَّانَ من المُكْتَرِى وأَنْفَقَ، جازَ. وإن أَذِنَ لِلْمُكْتَرِى في الإِنْفاقِ من مالِه بالمَعْرُوفِ، ليكونَ دَيْنًا على الجَمَّالِ، جازَ؛ لأنَّه في (23) مَوْضِعِ حاجةٍ. وإذا رَجَعَ الجَمّالُ، واخْتَلَفَا فيما أَنْفَقَ، نَظَرْنا؛ فإنْ كان الحاكِمُ قَدَّرَ له ما يُنْفِقُ، قُبِلَ قولُه في قَدْرِ (20) ذلك، وما زادَ لا يَحْتَسِبُ له (24) به، وإن لم يُقَدِّرْ له، قُبِلَ قولُه في قَدْرِ النَّفَقةِ بالمَعْرُوفِ؛ لأنَّه أمِينٌ،
(20) سقط من: الأصل.
(21)
في الأصل: "يكترى".
(22)
سقط من: ب. نقل نظر.
(23)
سقط من: الأصل، م.
(24)
سقط من: م.