الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ووَرِثْنَ. وقال أبو حنيفةَ: إذا اشْتَرَاهُنَّ أو وُهِبْنَ له، ولا مالَ له سِوَاهُنَّ، ولا وارِثَ، عَتَقْنَ، وتَسْعَى كلُّ واحِدَةٍ من الأُخْتِ للأَبِ والأُخْتِ للأُمِّ (35) في نِصْفِ قِيمَتِها للأُخْتِ من الأَبِ والأُمِّ، وإنَّما لم يَرِثَا؛ لأَنَّهما لو وَرِثَا لَكان لهما خُمْسَا الرِّقَابِ، وذلك رَقَبةٌ وخُمْسٌ، بينهما نِصْفَيْنِ، فكان يَبْقَى عليهما سِعَايةٌ، وإذا بَقِيَتْ عليهما سِعَايةٌ لم يَرِثَا، وكانت لهما الوَصِيّةُ، وهى رَقَبَةٌ بينهما نِصْفَيْنِ. وأمَّا الأخْتُ للأَبَوَيْنِ، فإذا وَرِثَتْ، عَتَقَتْ؛ لأنَّ لها ثَلَاثةَ أخْماسِ الرِّقَابِ، وذلك أكْثَرُ من قِيمَتِها، فوَرِثَتْ وبَطَلَتْ وَصِيَّتُها. وقال أبو يوسفَ، ومحمدٌ: يَعْتِقْنَ (36)، وتَسْعَى كلُّ واحدةٍ من الأُخْتِ [من الأبِ](37)، والأُخْتِ من الأُمِّ، للأُخْتِ من الأَبَوَيْنِ، في خُمْسَىْ قِيمَتِها؛ لأنَّ كلَّ واحدةٍ تَرِثُ ثَلَاثةَ أخْماسِ رَقَبَةٍ. وعلى قولِ الشافِعِيِّ يَعْتِقْنَ.
فصل:
وإن اشْتَرَى المَرِيضُ أبَاهُ بأَلْفٍ، لا مالَ له سِوَاهُ، ثم ماتَ، وخَلّفَ ابْنًا، فعلى القولِ الذي حَكَاهُ الْخَبْرِيُّ يَعْتِقُ كلُّه على المَرِيضِ، وله وَلَاؤُه. وعلى قولِ القاضي يَعْتِقُ ثُلُثُه بالوَصِيَّةِ، ويَعْتِقُ باقِيه على الابْنِ؛ لأنَّه جَدُّه، ويكونُ ثُلُثُ وَلَائِه لِلْمُشْتَرِى، وثُلُثَاه لِابْنِه. وهذا قولُ مالِكٍ. وقيل: هو مذهبٌ لِلشّافِعِيِّ. وقال أبو حنيفةَ: يَعْتِقُ ثُلُثُه بالوَصِيَّةِ، ويَسْعَى للابْنِ في قِيمَةِ ثُلُثَيْهِ. وقال أبو يوسفَ، ومحمدٌ: يَعْتِقُ سُدُسُه؛ لأنَّه وَرِثَه، ويَسْعَى في خَمْسَةِ أسْداسِ قِيمَتِه لِلابْنِ، ولا وَصِيّةَ له. وقيل على قولِ الشافِعِيِّ: يُفْسَخُ البَيْعُ، إلَّا أن يُجِيزَ الابْنُ عِتْقَه. وقيل: يُفْسَخُ في ثُلُثَيْه، ويَعْتِقُ في (38) ثُلُثِه، وللبائِعِ الخِيَارِ؛ لِتَفَرُّقِ (39) الصَّفْقةِ عليه. وقيل:
(35) في الأصل: "من الأم".
(36)
في الأصل، م:"تبعض".
(37)
في م: "للأب".
(38)
سقط من: الأصل.
(39)
في أ: "لتفريق".
لا خِيَارَ له؛ لأنَّه مُتْلِفٌ، فإن تَرَكَ ألْفَيْنِ سِوَاهُ، عَتَقَ كلُّه، ووَرِثَ سُدُسَ الأَلْفَيْنِ، والباقِى للابْنِ. وبهذا قال مالِكٌ، وأبو حنِيفةَ. وقيل نحوُه على قولِ الشافِعِيِّ. وقيل على قولِه: يَعْتِقُ ولا يَرِثُ. وقيل: شِرَاؤُه مَفْسُوخٌ. وقال أبو يوسفَ، ومحمدٌ: يَرِثُ الأبُ سُدُسَ التَّرِكةِ، وهو خَمْسُمائة، يَحْتَسِبُ بها من رَقَبَتِه، ويَسْعَى في نِصْفِ قِيمَتِه، ولا وَصِيَّةَ له. وإن اشْتَرَى ابْنَه بأَلْفٍ، لا يَمْلِكُ غيرَه، وماتَ، وخَلَّفَ أباهُ، عَتَقَ كلُّه بالشِّرَاءِ، في الوَجْهِ الأَوَّلِ. وفى الثاني، يَعْتِقُ ثُلُثُه بالوَصِيَّةِ، وثُلُثَاه على جَدِّه عندَ المَوْتِ، ووَلَاؤُه بينهما أثْلَاثًا. وبهذا قال مالِكٌ. وقول الشافِعِيِّ فيه على ما ذكَرْناه في مَسْأَلةِ الأبِ. وقال أبو حنيفةَ: يَعْتِقُ ثُلُثُه بالوَصِيّةِ، ويَسْعَى في قِيمَةِ ثُلُثَيْه للأَبِ، ولا يَرِث. وقال أبو يوسفَ، ومحمدٌ: يَرِثُ خَمْسَةَ أسْدَاسِه، ويَسْعَى في قِيمَةِ سُدُسِه. وإن تَرَكَ أَلْفَيْنِ سِوَاه، عَتَقَ كلُّه، ووَرِثَ خَمْسَةَ أسْداسِ الأَلْفَيْنِ، وللأبِ السُّدُسُ. وبهذا قال مالِكٌ، وأبو حنيفةَ. وقال أبو يوسفَ، ومحمدٌ: للأب سُدُسُ التَّرِكَةِ خَمْسُمائة، وباقِيها للابْنِ يَعْتِقُ منها، ويَأْخُذُ ألْفًا وخَمْسَمائة. وإن خَلَّفَ مالًا يَخْرُجُ المَبِيعُ من ثُلُثِه، فعلى الوَجْهِ الأوَّلِ، يَعْتِقُ كلُّه، ويَرِثُ منه. كأنَّه حُرُّ الأَصْلِ. وعلى الوَجْهِ الثاني. يَعْتِقُ منه بِقَدْرِ ثُلُثِ التَّرِكةِ، ويَرِثُ بِقَدْرِ ما فيه من الحُرِّيَّةِ، فإن لم يَخْلُف المُشْتَرِى أبًا حُرًّا، ولكن خَلَفَ أخًا حُرًّا، ولم يَتْرُكْ مالًا، عَتَقَ من رَأْسِ المالِ، على الوَجْهِ الأوَّلِ، ويَعْتِقُ ثُلُثُه على الثاني، ويَرِثُ الأَخُ ثُلُثَيْه، ثم يَعْتِقُ عليه. وقال أبو حنيفةَ: يَعْتِقُ ثُلُثُه، ويَسْعَى لِعَمِّه في قِيمَةِ ثُلُثَيْه. وقال أبو يوسفَ، ومحمدٌ: يَعْتِقُ كلُّه، ولا سِعَايةَ. وإن خَلَفَ أَلْفَيْنِ سِوَاهُ عَتَقَ، ووَرِثَ الأَلْفَيْنِ، ولا شىءَ للأخِ، في الأَقْوالِ كلِّها. إلَّا ما قِيلَ على قولِ الشافِعِيِّ، إنَّه يَعْتِقُ ولا يَرثُ. وقيل: شِرَاؤُه باطِلٌ، فإن اشْتَرَى ابْنَه (40) بأَلْفٍ لا يَمْلِكُ غيرَه، وقِيمَتُه ثُلُثَا أَلْفٍ، وخَلَفَ ابْنًا آخَرَ، فعلى الوَجْهِ الأَوَّلِ، يَعْتِقُ من رَأْسِ المالِ، ويَسْتَقِرُّ مِلْكُ البائِعِ على قَدْرِ قِيمَتِه من الثّمَن، وله ثُلُثُ الباقِى؛ لأنَّ المُشْتَرِىَ حَابَاهُ به ولم يَبْقَ من التَّرِكةِ سِوَاه، فيكونُ له ثُلُثُه، وهو تُسْعُ أَلْفٍ، ويَرُدُّ التُّسْعَيْنِ، فتكونَ بين الابْنَيْنِ. وعلى الوَجْهِ
(40) في أ، م:"ابنيه".
الثاني، يَعْتِقُ ثُلُثُه، ويَرِثُ أخُوه ثُلُثَيْه (41)، فيَعْتِقُ عليه، وللبائِعِ ثُلُثُ المُحاباةِ، ويَرُدُّ ثُلُثَيْها، فيكونُ مِيرَاثًا. وقال أبو حنيفةَ: الثُّلُثُ للبائِعِ، ويَسْعَى المُشْتَرِى في قِيمَتِه لأخِيه. وقال أبو يوسفَ، ومحمدٌ: يَسْعَى في نِصْفِ رَقَبَتِه، ويَرِثُ نِصْفَها. وقال الشافِعيُّ: المُحَاباةُ مُقَدَّمَةٌ لتَقَدُّمِها (42)، ويَرِثُ الابْنُ الحُرُّ أخَاه فيَمْلِكُه. وقيل: يُفْسَخُ البَيْعُ في ثُلُثَيْه، ويَعْتِقُ ثُلُثُه، ولا تُقَدَّمُ المُحَاباةُ؛ لأنَّ في تَقْدِيمِها تَقْرِيرَ مِلْكِ الأبِ على وَلَدِه. وقيل: يُفْسَخُ البَيْعُ في جَمِيعِه، فإن كانت قِيمَتُه ثُلُثَ الأَلْفِ، فعلى الوَجْهِ الأَوّلِ يَعْتِقُ من رَأْسِ المالِ، وتَنْفُذُ المُحَاباةُ في ثُلُثِ الباقِى، وهو تُسْعا أَلْفٍ، ويَرُدُّ البائِعُ أرْبَعةَ أتْساعِ أَلْفٍ، فتكونُ بين الابْنَيْنِ، وعلى الوَجْهِ الآخَرِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ؛ أحدهما، تَقْدِيمُ العِتْقِ على المُحاباةِ، فيَعْتِقُ جَمِيعُه، ويَرُدُّ البائِعُ ثُلُثَىِ الأَلْفِ، فيكونُ بينهما. والثاني، أن يَعْتِقَ ثُلُثُه، ويكونُ للبائِع تُسْعَا أَلْفٍ، ويَرُدُّ أَرْبَعَةَ أَتْساعِها، كما قلنا في الوَجْهِ الأوّلِ. وقال أبو حنيفةَ: لِلبائِعِ بالمُحَاباةِ الثُّلُثُ، ويَرُدُّ الثُّلُثَ، ويَسْعَى الابْنُ في قِيمَتِه لأَخِيه. وفى قولِ أبي يوسفَ، ومحمدٍ: يَرُدُّ البائِعُ ثُلُثَ الأَلْفِ، فيكونَ لِلابْنِ الحُرِّ، ويَعْتِقُ الآخَر بِنَصِيبِه من المِيرَاثِ. وقيل عَلى قولِ الشافِعِيِّ: يَرُدُّ البائِعُ ثُلُثَ الأَلْفِ، فيكونُ ذلك مع الابْنِ المُشْتَرِى لِلْحُرِّ. وقيل غيرُ ذلك. وإن اشْتَراه بأَلْفٍ لا يَمْلِكُ غيرَه، وقِيمَتُه ثَلَاثَةُ آلَافٍ، فمَن أعْتَقَهُ من رَأْسِ المالِ جَعَلَهُ حُرًّا، ومن جَعَلَ ذلك وَصِيّةً له، أعْتَقَ ثُلُثَه بالشِّرَاءِ، ويَعْتِقُ باقِيه على أخِيه، إلَّا في قولِ (43) الشافِعِيِّ ومَنْ وَافَقَه، فإن الحُرَّ يَمْلِكُ بَقِيَّةَ أخِيهِ (44)، فيَمْلِكُ من رَقَبَتِه قَدْرَ ثُلُثَىِ الثَّمَنِ، وذلك تُسْعَا رَقَبَةٍ؛ لأنَّه يَجْعَلُ ثَمَنَه من الثُّلُثِ دُونَ قِيمَتِه. وقيل: يُفْسَخُ البَيْعُ في ثُلُثَيْه. وقيل: في جَمِيعِه. وقال أبو حنيفةَ: يَسْعَى لأَخِيه في قِيمَةِ ثُلُثَيْه.
(41) في أ، م:"ثلثه".
(42)
في الأصل، م:"لتقديمها".
(43)
في م: "قولى".
(44)
في م: "أخذه".
وقال أبو يوسفَ، ومحمدٌ: يَسْعَى له في نَصْفِ قِيمَتِه. فإن تَرَكَ أَلْفَيْنِ سِوَاهُ عَتَقَ كلُّه؛ لأنَّ التَّرِكَةَ هي الثَّمَنُ مع الأَلْفَيْنِ، والثَّمَنُ يَخْرُجُ من الثُّلُثِ، فيَعْتِقُ ويَرِثُ نِصْفَ الأَلْفَيْنِ. وهو قولُ الشافِعِيِّ. وقيل: يَعْتِقُ، ولا يَرِثُ. وعند أبى حنيفةَ وأَصْحَابِه: التَّرِكَةُ قِيمَتُه مع الأَلْفَيْنِ، وذلك خَمْسَةُ آلَافٍ. فعلى قولِ أبى حنيفةَ يَعْتِقُ منه قَدْرُ ثُلُثِ ذلك، وهو أَلْفٌ وثُلُثَا أَلْفٍ، ويَسْعَى لأَخِيه في أَلْفٍ (45) وثُلُثِ أَلْفٍ. وفى قول صاحِبَيْه: يَعْتِقُ منه نِصْفُ ذلك، وهو خَمْسَةُ أسْدَاسِه، ويَسْعَى لأَخِيه في خَمْسِمائةٍ، والأَلْفانِ لأَخِيه في قَوْلِهم جَمِيعًا. ولو اشْتَرَى المَرِيضُ ابْنَىْ عَمٍّ له بأَلْفٍ، لا يَمْلِكُ غيرَه وقِيمَةُ كلِّ واحدٍ منهما أَلْفٌ، فأَعْتَقَ أحَدَهُما، ثم وَهَبَه أخَاهُ، ثم ماتَ وخَلَّفَهُما وخَلَّفَ مَوْلَاه، فإنَّ قِيَاسَ قولِ القاضي، إن شاءَ اللَّه، أن يَعْتِقَ ثُلُثَا المُعْتَقِ، إلَّا أن يُجِيزَ المَوْلَى عِتْقَ جَمِيعِه، ثم يَرِثُ بِثُلُثَيْه ثُلَثَىْ بَقِيَّة التَّرِكَة، فيَعْتِقُ منه (46) ثَمَانِيةُ أتْسَاعِه، ويَبْقَى تُسْعُه وثُلُثُ أخِيه لِلْمَوْلَى. ويَحْتَمِلُ أن يَعْتِقَ كلُّه، ويَرِثَ أخَاه، فيَعْتِقانِ جَمِيعًا، لأنَّه يَصِيرُ بالإِعْتاقِ وَارِثًا لِثُلُثَىِ التَّرِكَةِ، فتَنْفُذُ إجازَتُه في إعْتاقِ باقِيه، فتَكْمُلُ له الحُرِّيَّةُ، ثم يَكْمُلُ المِيرَاثُ له. وفى قِيَاسِ قولِ أبى الخَطَّابِ: يَعْتِقُ ثُلُثَاه، ولا يَرِثُ؛ لأنَّه لو وَرِثَ لَكان إعْتَاقَ وَصِيَّةٍ له، فيَبْطُلُ إعْتَاقُه، ثم يَبْطُلُ إرْثُه، فيُؤَدِّى تَوْرِيثُه إلى إِبْطالِ تَوْرِيثِه. وهذا قولُ الشّافِعِىِّ (47)، ويَبْقَى ثُلُثُه وابْنُ العَمِّ الآخَر لِلْمَوْلَى. وقال أبو حنيفةَ: يَعْتِقُ ثُلُثَا المُعْتَقِ، ويَسْعَى في قِيمَةِ ثُلُثِه، ولا يَرِثُ. وقال أبو يوسف، ومحمدٌ: يَعْتِقُ كلُّه، ويَعْتِقُ عليه أخُوه بالهِبَةِ، ويَكُونَانِ أحَقَّ بالمِيرَاثِ من المَوْلَى، فإن كان لِلْمَيِّتِ مالٌ سِواهُما، أخذَ ذلك المال بالمِيرَاثِ، ويَغْرَمُ المُعْتِقُ (48) لأَخِيه المَوْهُوبِ نِصْفَ [قِيمةِ نَفْسِه](49) ونِصْف قِيمَةِ أخِيه؛ لأنَّ عِتْقَ
(45) في م: "الألف".
(46)
في ازيادة: "لقدر".
(47)
في م: "للشافعي".
(48)
في م: "بالمعتق".
(49)
في م: "قيمته".