الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كانت. وإن لم يَمْلِكْ عِشْرِينَ، لم يَنْجَرَّ وَلَاءُ الابْنِ إليه؛ لأنَّ أبَاهُ لم يَعْتِقْ، وإن عَتَقَ بعضُه، جَرَّ من وَلَاءِ ابْنِه بِقَدْرِه، فلو خَلَّفَ الابْنُ عَشرَةً، ومَلَكَ السَّيِّدُ خَمْسةً، فإنَّك تقول: عَتَقَ من العَبْدِ شَىءٌ، ويجُرُّ من وَلَاءِ أَبِيه مثلَ ذلك، ويَحْصُلُ (18) له من مِيرَاثِه شيءٌ مع خَمْسَتِه، وهما يَعْدلَانِ شَيْئَيْنِ، وباقِى العَشرَة لمَوْلَى أُمِّهِ، فيُقْسَمُ بين السَّيِّدِ ومَوْلَى الأُمِّ نِصْفَيْنِ، وتَبَيَّنَ أنَّه قد عَتَقَ من العَبْدِ نِصْفُه، وحَصَلَ لِلسَّيِّدِ خُمْسُه من مِيرَاثِ ابْنِه، وكانت له خَمْسةٌ، وذلك مِثْلَا ما عَتَقَ من العَبْدِ. فإن ماتَ الابْنُ في حَياةِ أبِيه قبلَ مَوْتِ سَيِّدِه، وخَلَّفَ مالًا، وحَكَمْنا بِعِتْقِ الأَبِ أو عِتْقِ بَعْضِه، وَرِثَ مالَ ابْنِه (19) إن كان حُرًّا، أو بِقَدْرِ ما فيه من الحُرِّيَّةِ إن كان بعضُه حُرًّا، ولم يَرِثْ سَيِّدُه منه شَيْئًا. وفى هذه المَسائِلِ خِلَافٌ تَرَكْتُ ذِكْرَهُ كَرَاهةَ التَّطْوِيلِ.
فصل:
في المُحاباةِ في المَرَضِ، وهى أن يُعَاوِضَ بمالِه، ويَسْمَحَ لمن عاوَضَه بِبَعْضِ عِوَضِه، وهى على أقْسامٍ؛ أحدها، المُحابَاةُ في البَيْعِ والشِّرَاءِ، ولا يَمْنَعُ ذلك صِحَّةَ العَقْدِ، في قولِ الجُمْهورِ. وقال أهلُ الظاهِرِ: العَقْدُ باطِلٌ. ولَنا، عُمُومُ قولِ اللَّه تعالى:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} (20). ولأنَّه تَصَرُّفٌ صَدَرَ من أهْلِه في مَحَلِّه، فصَحَّ، كغَيْرِ المَرِيضِ. فلو باعَ في مَرَضِه عَبْدًا لا يَمْلِكُ غيرَه، قِيمَتُه ثَلَاثُونَ بِعَشرَةٍ، فقد حابَى المُشْتَرِىَ بِثُلُثَىْ مالِه، وليس له المُحَاباةُ بأكْثَرَ من الثُّلُثِ، فإن أجَازَ الوَرَثَةُ ذلك لَزِمَ البَيْعُ، وإن لم يُجِيزُوا فاخْتارَ المُشْتَرِى فَسْخَ البَيْعِ فله ذلك؛ لأنَّ الصَّفْقةَ تَبَعَّضَتْ عليه، وإن اخْتارَ إمْضاءَ البَيْعِ، فالصَّحِيحُ عندى أنَّه يَأْخُذُ نِصْفَ المَبِيعِ بنِصْفِ الثَّمَنِ، ويُفْسَخُ البَيْعُ في الباقِى. وهذا أحَدُ الوَجْهَيْنِ لأَصْحابِ الشافِعِيِّ. والوَجْهُ الثاني أنَّه يَأْخُذُ ثُلُثَى المَبِيعِ بالثَّمَنِ كله. وإلى هذا أشارَ القاضي في نحوِ هذه المَسْأَلةِ؛
(18) في أ: "ويجعل".
(19)
في الأصل: "أبيه".
(20)
سورة البقرة 275.
لأنَّه يَسْتَحِقُّ الثُّلُثَ بالمُحاباةِ، والثُّلُثَ الآخَرَ بالثَّمَنِ. وقال أهلُ العِرَاقِ: يُقال له: إن شِئْتَ أَدَّيْتَ عَشرَةً أُخْرَى وأخَذْتَ المَبِيعَ، وإن شِئْتَ فَسَخْتَ ولا شىءَ لك. وعند مالِكٍ: له أن يَفْسَخَ ويَأْخُذَ ثُلُثَ المَبِيعِ بالمُحاباةِ، ويُسَمِّيه أصْحابُه خُلْعَ الثُّلُثِ. ولَنا، أنَّ فيما ذَكَرْناهُ مُقَابَلَةَ بَعْضِ المَبِيعِ بِقِسْطِه من الثَّمنِ عندَ تَعَذُّرِ أخْذِ جَمِيعِه بجَمِيعِه، فصَحَّ ذلك، كما لو اشْتَرَى سِلْعَتَيْنِ بثَمَنٍ، فانْفَسَخَ البَيْعُ في إحْدَاهما لِعَيْبٍ أو غيرِه، أو كما لو اشْتَرَى شِقْصًا وسَيْفًا، فأخَذَ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ، أو كالشُّفَعاءِ يأخُذُ كلُّ واحدٍ منهم جُزْءًا من المَبِيعِ بقِسْطِه، أو كما لو اشْتَرَى قَفِيزًا يُسَاوِى ثَلَاثِينَ، بِقَفِيزٍ قِيمَتُه عَشرَةٌ. وأما الوَجْهُ الذي اخْتارَه القاضي فلا يَصِحُّ؛ لأنَّه أوْجَبَ له المَبِيعَ بثَمَنٍ، فيَأْخُذُ بعضَه بالثَّمَنِ كلِّه، فلا يَصِحُّ، كما لو قال: بِعْتُكَ هذا بمائةٍ. فقال: قَبِلْتُ نِصْفَه بها. ولأنَّه إذا فَسَخَ البَيْعَ في بَعْضِه، وَجَبَ أن يَفسَخَه في قَدْرِه من ثَمَنِه، ولا يجوزُ فَسْخُ البَيْعِ فيه مع بَقَاءِ ثَمَنِه، كما لا يجوزُ فَسخ البَيْعِ في الجَمِيعِ مع بَقَاءِ ثَمَنِه. وأما قَوْلُ (21) أهلِ العِرَاقِ، فإنَّ فيه إجْبارَ الوَرَثةِ على المُعَاوَضةِ على غيرِ (22) الوَجْهِ الذي عاوَضَ مُوَرِّثُهُم (23)، وإذا فَسَخَ البَيْعَ، لم يَسْتَحِقَّ شَيْئًا؛ لأن الوَصِيَّةَ إنَّما حَصَلَتْ في ضِمْنِ البَيْعِ، فإذا بَطَلَ البَيْعُ زالتِ الوَصِيَّةُ، كما لو وَصَّى لِرَجُلٍ بِعَيْنِه أن يَحُجَّ عنه بمائةٍ، وأجْرُ مِثْلِه خَمْسُونَ، فطَلَبَ الخَمْسِينَ (24) الفاضِلَةَ بدون الحَجِّ. وإن اشْتَرَى عَبْدًا يُساوِى عَشرَةً بثَلَاثِينَ، فإنَّه يَأْخُذُ نِصفَه بنِصْفِ الثّمنِ. وإن باعَ العَبْدَ الذي يُسَاوِى ثَلَاثِينَ بخَمْسَةَ عَشَرَ، جازَ البَيْعُ (25) في ثُلُثَيْهِ (26) بثُلُثَىِ الثّمنِ. وعلى قولِ القاضِى، لِلْمُشْتَرِى خَمْسَةُ أسْدَاسِه بكلِّ الثمنِ، وطَرِيقُ هذا أن تَنْسُبَ
(21) سقط من: م.
(22)
في الأصل، م زيادة:"هذا".
(23)
في الأصل، أ:"موروثهم".
(24)
في ازيادة: "الزائدة".
(25)
في م: "والبيع".
(26)
في م: "ثلثه".