الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتابُ اللُّقَطَةِ
وهى المالُ الضائِعُ من رَبِّه، يَلْتَقِطُه غيرُه. قال الخَلِيلُ بن أحمدَ: اللُّقَطَةُ، بِفَتْحِ القافِ: اسم لِلْمُلْتَقِطِ؛ لأنَّ ما جَاءَ على فُعَلَةٍ، فهو اسْمٌ لِلْفاعِلِ، كقَوْلِهم: هُمَزَة ولُمَزَة وضُحَكَة وهُزَأَة. واللُّقْطَةُ، بِسُكُونِ القافِ: المالُ المَلْقُوطُ، مثل الضُّحْكَةِ الذي يُضْحَكُ منه، والهُزْأَة الذي يُهْزَأُ به. وقال الأصْمَعِيُّ، وابنُ الأعرَابِيِّ، والفَرَّاءُ: هي بِفَتْحِ القافِ، اسْمٌ للمالِ المَلْقُوطِ أيضًا. والأصْلُ في اللُّقَطَةِ ما رَوَى زَيْدُ بن خالِدٍ الجُهَنِيّ قال: سُئِلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن لُقَطَةِ الذَّهَبِ والوَرِقِ، فقال:"اعْرِفْ وِكَاءَهَا، وعِفَاصَهَا، ثم عَرِّفْها سَنَةً، فَإنْ لم تُعْرَفْ فَاسْتَنْفِقْهَا، ولْتَكُنْ وَدِيعَةً عِنْدَكَ، فَإنْ جاءَ طَالِبُها يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ، فَادْفَعْهَا إلَيْهِ". وسَأَلَهُ عن ضالَّةِ الإِبِلِ، فقال:"مَالَكَ ولَهَا، دَعْهَا، فَإنَّ مَعَها حِذَاءَها وسِقَاهَا، تَرِدُ الْماءَ (1)، وتأْكُلُ الشَّجَرَ، حَتَّى يَجِدَهَا رَبُّها". وسَأَلَه عن الشَّاةِ، فقال:"خُذْهَا، فَإنَّمَا هِىَ لَكَ، أوْ لأَخِيكَ، أوْ لِلذِّئْبِ". مُتَّفَقٌ عليه (2). والوِكَاءُ: الخَيْطُ الذي يُشَدُّ به المالُ في الخِرْقَةِ. والعِفَاصُ: الوِعَاءُ الذي هي فيه، من خِرْقَةٍ أو قِرْطاسٍ أو غيرِه. قالَه
(1) في م: "المال" خطأ.
(2)
أخرجه البخاري، في: باب الغضب في الموعظة والتعليم. . .، من كتاب العلم، وفي: باب شرب الناس والدواب من الأنهار، من كتاب المساقاة، وفى: باب ضالة الإِبل، وباب ضالة الغنم، وباب إذا لم يوجد صاحب اللقطة. . .، وباب إذا جاء صاحب اللقطة. . .، وباب من عرف اللقطة ولم يدفعها. . . من كتاب اللقطة، وفي: باب ما يجوز من الغضب والشدة. . .، من كتاب الأدب. صحيح البخاري 1/ 34، 3/ 149، 163، 165، 166، 8/ 34. ومسلم، في: كتاب اللقطة. صحيح مسلم 3/ 1347، 1348، 1349.
كما أخرجه أبو داود، في: كتاب اللقطة. سنن أبي داود 1/ 395، 396. والترمذي، في: باب ما جاء في اللقطة وضالة الإِبل والغنم، من أبواب الأحكام. عارضة الأحوذى 6/ 136. وابن ماجه، في: باب ضالة الإبل والبقر والغنم، من كتاب اللقطة. سنن ابن ماجه 2/ 837، 838. والإِمام مالك، في: باب القضاء في اللقطة، من كتاب الأقضية. الموطأ 2/ 757. والإِمام أحمد، في: المسند 4/ 115، 116، 117.
أبو عُبَيْدٍ. والأصْلُ في العِفَاصِ أنَّه الجِلْدُ الذي يُلْبِسُه رَأْسَ القارُورَةِ. قوله: "مَعَهَا حِذَاءَها". يَعْنِى خُفَّها، فإنَّه لِقُوَّتِه وصَلَابَتِه يَجْرِى مَجْرَى الحِذَاءِ. وسِقَاؤُها: بَطْنُها؛ لأنَّها تَأْخُذُ فيه ماء كثِيرًا، فيَبْقَى معها يَمْنَعُها العَطَشَ. والضَّالَّةُ: اسْمٌ للحَيَوانِ (3) خاصّةً، دُونَ سائِر اللُّقَطَةِ، والجَمْعُ ضَوَالُّ، ويقال لها أيضًا: الهَوَامِى والهَوَافِى والهَوَامِلُ.
فصل: قال إمامُنا، رحمه الله: الأفْضَلُ تَرْكُ الالتِقَاطِ. ورُوِى مَعْنَى ذلك عن ابن عَبَّاسٍ، وابنِ عُمرَ. وبه قال جابِرُ بنُ زَيْدٍ، والرَّبِيعُ بن خُثَيْمٍ (4)، وعَطَاءٌ. ومَرَّ شُرَيْحٌ بِدِرْهَمٍ، فلم يَعْرِضْ له. واخْتارَ أبو الخَطّابِ أنَّه (5) إذا وَجَدَها بِمَضْيَعَةٍ، وأمِنَ نَفْسَه عليها، فالأفْضَلُ أخْذُها. وهذا قول الشافِعِيِّ. وحُكِىَ عنه قولٌ آخَر، أنَّه يَجِبُ أخْذُها؛ لقولِ اللَّه تعالى:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (6). فإذا كان وَلِيَّه، وَجَبَ عليه حِفْظُ مالِه. وممَّن رَأَى أخْذَها سَعِيدُ بن المُسَيَّبِ، والحَسَنُ بن صالِحٍ، وأبو حنيفَةَ. وأخَذَها أُبَيُّ بن كَعْبٍ، وسُوَيْدُ بن غَفَلَةَ. وقال مالِكٌ: إن كان شيئا له بالٌ، يَأْخُذُه أحَبُّ إليَّ، ويُعَرِّفُه؛ لأنَّ فيه حِفْظَ مالِ المُسْلِمِ عليه، فكان أَوْلَى من تَضْيِيعِه، وتَخْلِيصِه من الغَرَقِ. ولَنا، قول ابن عُمَرَ، وابن عَبّاسٍ، ولا نَعْرِفُ لهما مُخَالِفًا في الصَّحَابةِ، ولأنَّه تَعْرِيضٌ لِنَفْسِه لأكْلِ الحَرَامِ، وتَضْيِيعِ الواجِبِ من تَعْرِيفِها، وأدَاءِ الأمَانةِ فيها، فكان تَرْكُه أَوْلَى وأسْلَمَ، كوِلَايةِ مالِ اليَتِيمِ، وتَخْلِيلِ الخَمْرِ، وما ذَكَرُوه يَبْطُلُ بالضَّوَالِّ، فإنَّه لا يجوزُ أخْذُها مع ما ذَكَرُوه، وكذلك وِلَايَةُ مالِ الأيْتامِ.
(3) في م: "الحيوان".
(4)
في النسخ: "خيثم". وهو الربيع بن خثيم بن عبد اللَّه الثوري الكوفى، توفى بعد قتل الحسين سنة ثلاث وستين. تهذيب التهذيب 3/ 242.
(5)
سقط من: م.
(6)
سورة التوبة 71.