الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلم يَثْبُتْ عليه وَلَاءٌ، كالمَعْرُوفِ نَسَبُه، ولأنَّه إن كان ابنَ حُرَّيْنِ، فلا وَلَاءَ عليه، وإن كان ابنَ مُعتَقَيْنِ، فلا يكونُ عليه وَلَاءٌ لغيرِ مُعْتِقِهِما. وحَدِيثُ واثِلَةَ لا يثْبُتُ. قالَه ابنُ المُنْذِرِ. وخَبَرُ عمرَ، قال ابنُ المُنْذِرِ: أبو جَمِيلةَ رَجُلٌ مَجهُولٌ، لا تَقُومُ بحَدِيثِه حُجَّةٌ. ويَحْتَمِلُ أنَّ عمرَ، رَضِىَ اللَّه عنه، عَنَى بقولِه: ولك وَلَاؤُه. أي لك وِلَايَتُه، والقِيَامُ به وحِفْظُه. لذلك ذَكَرَه عَقِيبَ قولِ عَرِيفِه: إنَّه رَجُلٌ صالِحٌ. وهذا يَقتَضِى تَفْوِيضَ الوِلَايةِ إليه، لكَوْنِه مَأْمُونًا عليه دون الميرَاثِ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّ حُكْمَ اللَّقِيطِ في المِيرَاثِ حُكْمُ من عُرِفَ نَسَبُه، وانْقَرَضَ أهْلُه، يُدْفَعُ إلى بَيْتِ المالِ إذا لم يكُنْ له وارثٌ. فإن كان له زَوْجَةٌ فلها الرُّبْعُ، والباقِى لِبَيْتِ المالِ. وإن كانت امْرَأةً لها زَوْجٌ، فله النِّصْفُ، والباقِى لِبَيْتِ المالِ. وإن كانت له بِنْتٌ، أو ذُو رَحِمٍ، كبِنْتِ بِنْتٍ، أَخَذَتْ جَمِيعَ المالِ؛ لأنَّ الرَّدَّ وذا الرَّحِمِ مُقَدَّمٌ (5) على بَيْتِ المالِ. واللَّه أعلمُ.
953 - مسألة؛ قال: (وَإنْ لَمْ يَكُنْ مَنْ وَجَدَ اللَّقِيطَ أمِينًا، مُنِعَ مِنَ السَّفَرِ بِهِ)
وجملَةُ ذلك أنَّ المُلْتَقِطَ إن كان أمِينًا أُقِرَّ اللَّقِيطُ في يَدِه؛ لأنَّ عمرَ، رَضِىَ اللَّه عنه، أقَرَّ اللَّقِيطَ في يَدِ أبي جَمِيلةَ، حين قال له (1) عَرِيفُه: إنه رَجُلٌ صالِحٌ (2). ولأنَّه سَبَقَ إليه، فكان أَوْلَى به؛ لقَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ سَبَقَ إلَى مَا لَمْ يَسْبِقْ إلَيْهِ مُسْلِمٌ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ"(3). وهل يَجِبُ الإِشْهَادُ عليه؟ فيه وَجْهانِ؛ أحدهما، لا يَجِبُ، [كما لا يَجِبُ](4) الإِشْهادُ في اللُّقَطَةِ. والثاني، يَجِبُ؛ لأنَّ القَصْدَ بالإِشْهادِ حِفْظُ النَّسَبِ والحُرِّيَّةِ، فاخْتُصَّ بوُجُوبِ الشَّهادَةِ، كالنِّكَاحِ، وفارَقَ اللُّقَطَةَ؛ فإنَّ المَقْصُودَ منها حِفْظُ المالِ، فلم يَجِب الإِشْهادُ فيها، كالبَيْعِ. فأمَّا إن كان غيرَ أمِينٍ، فظاهِرُ كَلَامِ
= الطلاق، وفي: باب مصير الولاء لمن أعتق، من كتاب العتق. الموطأ 2/ 562، 780، 781. والإِمام أحمد، في: المسند 1/ 128، 321، 2/ 28/ 100، 113، 144، 153، 156، 6/ 33، 42، 46، 82، 103، 121، 135، 172، 175، 178، 180، 186، 190، 213، 272.
(5)
في الأصل: "أقرب فتقدم"
(1)
سقط من: الأصل
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 350
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 152
(4)
سقط من: الأصل
الخِرَقِىِّ أنَّه يُقَرُّ في يَدَيْهِ، ويُمْنَعُ من السَّفَرِ به، لئلَّا يَدَّعِىَ رِقَّه ويَبِيعَه. ويَنْبَغِى أن يَجِبَ الإِشْهادُ عليه، ويُضَمَّ إليه مَن يُشْرِفُ عليه؛ لأنَّنا إذا ضَمَمْنا إليه في اللُّقَطَةِ مَنْ يُشْرِفُ عليه، فههُنا أَوْلَى. وقال القاضي: المذهبُ أنَّه يُنْزَعُ من يَدَيْهِ. وهذا قولُ الشافِعِيِّ؛ لأنَّه ليس في حِفْظِ اللَّقِيطِ إلَّا الوِلَايةُ، ولا وِلَايةَ لِفَاسِقٍ. وفارَقَ اللُّقَطةَ من أوْجُهٍ؛ أحدها، أنَّ في اللُّقَطَةِ مَعْنَى الكَسْبِ، وليس ههُنا إلَّا الوِلَايةُ. والثاني، أنَّ اللُّقَطةَ لو انْتَزَعْناهَا منه رَدَدْناهَا إليه بعدَ الحَوْلِ، فاحْتَطْنَا عليها مع بَقَائِها في يَدَيْه، وههُنا لا تُرَدُّ إليه بعدَ الانْتِزاعِ منه بحالٍ، فكان الانْتِزَاعُ أَحْوَطَ. والثالث، أنَّ المَقْصُودَ ثَمَّ حِفْظُ المالِ، ويُمْكِنْ (5) الاحْتِياطُ عليه بأن يَسْتَظْهِرَ عليه في التَّعْرِيفِ، أو ينصِبَ الحاكِمُ مَنْ يُعَرِّفُها، وههُنا المَقْصُودُ حِفْظُ الحُرِّيَّةِ والنَّسَبِ، ولا سَبِيلَ إلى الاسْتِظْهارِ عليه؛ لأنَّه قد يَدَّعِى رِقَّه في بعضِ البُلْدانِ، أو في بعضِ الزَّمانِ، ولأنَّ اللُّقَطَةَ إنَّما يُحْتَاجُ إلى حِفْظِها والاحْتِيَاطِ عليها عامًا واحدًا، وهذا يُحْتَاجُ إلى الاحْتِياطِ عليه في جَمِيعِ زَمَانِه. وأمَّا على ظاهِرِ قولِ الخِرَقِىِّ، فلا يُنْزَعُ (6) منه؛ لأنَّه قد ثَبَتَتْ له الوِلَايَةُ بالْتِقَاطِه إياه، وسَبْقِه إليه، وأمْكَنَ حِفْظُ اللَّقِيطِ في يَدَيْه بالإِشْهادِ عليه، وضَمِّ أمِينٍ يُشَارِفُه إليه، ويُشِيعُ أمْرَه، فيُعْرَفُ أنَّه لَقِيطٌ، فيُحْفَظُ (7) بذلك من غير زَوَالِ وِلَايَتِه. جَمْعًا بين الحَقَّيْنِ، كما في اللُّقَطَةِ، وكما لو كان الوَصيُّ خائِنًا. وما ذُكِرَ من التَّرجِيحِ لِلُّقَطَةِ، فيُمْكِنُ (8) مُعَارَضَتُه، بأنَّ اللَّقِيطَ ظاهِرٌ مَكْشُوفٌ لا تَخْفَى الخِيَانَةُ فيه، واللُّقَطَةُ مَسْتُورَةٌ خَفِيّةٌ تَتَطَرَّقُ إليها الخِيَانَةُ، ولا يُعلَمُ بها، ولأنَّ اللُّقَطةَ يُمكِنُ أخْذُ بعضِها وتَنْقِيصُها وإبْدَالُها، ولا يُتَمَكَّنُ من ذلك في اللَّقِيطِ. ولأنَّ المالَ مَحلُّ
(5) في الأصل: "ولكن".
(6)
في الأصل: "ينتزع".
(7)
في الأصل: "فينحفظ".
(8)
في الأصل زيادة: "من".