الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في ضَالَّةِ الغَنَمِ: "خُذْهَا، فإنَّما هِىَ لَكَ، أو لِأَخِيكَ، أو لِلذِّئْبِ". وهذا تَجْوِيزٌ لِلأَكلِ، فإذا جازَ فيما هو مَحْفُوظٌ بِنَفْسِه، ففيما يَفْسُدُ بِبَقَائِه أَوْلَى.
949 - مسألة؛ قال: (وَلَا يَتَعَرَّضُ لِبَعِيرٍ، وَلَا لِمَا فيهِ قُوَّةٌ يَمْنَعُ عَنْ نَفْسِهِ)
وجملةُ ذلك أنَّ كلَّ حَيَوانٍ يَقْوَى على الامْتِناعِ من صِغَارِ السِّباعِ، وَوُرُودِ الماءِ، لا يجوزُ الْتِقَاطُه، ولا التَّعَرُّضُ له، سواءٌ كان لِكِبَرِ جُثَّتِه، كالإِبِلِ، والخَيْلِ، والبَقَرِ، أو لِطَيَرانِه كالطُّيُورِ كلِّها، أو لِسُرْعَتِه، كالظِّبَاءِ والصُّيُودِ، أو بِنَابِه كالكِلَابِ والفُهُودِ. قال عمرُ، رَضِىَ اللَّه عنه: مَن أخَذَ ضَالّةً، فهو ضَالٌّ. أي مُخْطِئٌ. وبهذا قال الشافِعِىُّ، والأوْزَاعِيُّ، وأبو عُبَيْدٍ. وقال مالِكٌ، واللَّيْثُ، في ضالَّةِ الإِبِلِ: مَنْ وَجَدَها في القُرَى عَرَّفَها، ومَنْ وَجَدَها في الصَّحْراءِ لا يَقْرَبُها. ورَوَاه المُزَنِىُّ عن الشافِعِيِّ. وكان الزُّهْرِيُّ يقول: مَنْ وَجَدَ بَدَنةً فَلْيُعَرِّفْها، فإن لم يَجِدْ صَاحِبَها فلْيَنْحَرْها قبلَ أن تَنْقَضِىَ الأيامُ الثَّلَاثةُ. وقال أبو حنيفةَ:[هي لُقَطَةٌ](1) يُباحُ الْتِقاطُها؛ لأنَّها لُقَطَةٌ أشْبَهَتِ الغَنَمَ. ولَنا، قولُ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم لمَّا سُئِلَ عنها:"مالكَ ولَهَا؟ مَعَهَا حِذَاؤُها وسِقَاؤُها، تَرِدُ الْماءَ، وتَأْكُلُ الشَّجَرَ، حَتَّى يَجِدَها رَبُّها"(2). وسُئِلَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فقيل: يا رسولَ اللَّه، إنَّا نُصِيبُ هَوَامِىَ الإِبِلِ. قال:"ضَالَّةُ المُسْلِمِ حَرَقُ النَّارِ"(3). ورُوِى عن جَرِيرِ بن عبدِ اللَّه، أنَّه أمر بِطَرْدِ بَقَرَةٍ لَحِقَتْ بِبَقَرِه حتى تَوَارَتْ، وقال: سَمِعْتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يُؤْوِى (4) الضَّالّةَ إلَّا ضَالٌ" رَوَاه أبو دَاوُدَ بمَعْناه (5). وقِيَاسُهُم يُعَارِضُ صَرِيحَ النَّصِّ،
(1) في م: "في لفظ".
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 290.
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 307.
(4)
في الأصل: "يأوى".
(5)
تقدم تخريجه في صفحة 315.